الأمن الغذائي -1-
واقع الزراعة العراقية منذ أواسط القرن العشرين
ماجد جواد الامير
في اواسط القرن العشرين ورثنا عن اجدادنا ارثا كبيرا من بيئة زراعية وتقنيات انتاجية ملائمة، غابات من النخيل وبساتين وارض خصبة .
العراق من الامم القليلة التي بامكانها ان تقدم معارف تاريخيه قيمة في الزراعة قبل دخول العالم في تقنيات حديثة في الوقت الذي يزرع اقل من عشر الاراضي القابلة للزراعة حاليا بالرغم من ظهور مراكز لتطوير الزراعة وتقديم تقنيات ومعارف واساليب تنظيمية مناسبة نتيجة الطلب المتزايد على الغذاء عالميا .
لقد مثلت الزراعة في العراق عصب الحياة الاقتصادية فيما يتعلق بمقدار مايسهم به الدخل الزراعي من اجمالي الدخل القومي ولاسيما قبل حقبة تصدير النفط بكميات كبيرة .
حيث حظي هذا القطاع باهتمام الحكومات انذاك.
تتراوح نسبة العامين في قطاع الزراعة 70 _ 80 من مجموع الافراد القادرين على العمل حتى نهاية الخمسينات من القرن الماضي .
هناك عوائق عدة جابهت الدولة العراقية انذاك في تنمية النشاط الزراعي وعلى راسها طبيعة العلاقات الاقطاعية السائدة انذاك بما يمثله من استغلال للارض والانسان باقامة نظام عبودية يعزز الانتاج من جانب وفي الجانب الاخر يدمر العلاقات الانسانية والموارد البشرية مع توزيع غير متكافئ للارض ، نتج عن ذلك انخفاض انتاجية الارض والفلاح نتيجة نزوحه الى المدن وتركه للاراضي الزراعية بالرغم من اقامة تشريعات وقوانين تخدم الحركة الزراعية تبنتها الدولة العراقية منذ تأسيسها في عام 1921 .
في مقارنة بين الاراضي الزراعية المتوفرة عام 1928 على نهري دجلة والفرات البالغة مليون ونصف مليون دونم من الاراضي الزراعية مع ما تحقق من اراض زراعية في عام 1945 والبالغة ستة ملايين واربعة مئة الف دونم ارتفعت الى 10 ملايين دونم في عام 1953 و16 مليون دونم في عام 1965
عرف العراق عبر تاريخه بوفره الغذاء واستقراره النسبي خاصة بعد التوسع في الزراعة الاروائية وانشاء غابات النخيل وهناك ادلة موثقة بتصديره الحبوب والتمور على مر التاريخ . تبلغ مساحة العراق 44 مليون هكتار ( الهكتار 4 دونمات ) منها حوالي 9 ملايين دونم زراعية تستخدم في انتاج الحبوب وغيرها بواسطة الامطار والري وفي الرعي ايضا .
ما يحدد استغلال الارض في الزراعة في العراق هو ليس توفر الاراضي الصالحة للزراعة بل توفر المياه، فمع التقنيات الحديثة وبالاخص استخدام المياة بكفاءة اعلى يمكن زراعة وتشجير نسبة متزايدة من اراضي العراق . ولكن مايحدث ومنذ عقود هو العكس حيث تتقلص المساحة الخضراء بشكل متدرج .
ان سوء ادارة المياة تهدد الزراعة العراقية وتمنعها من اي تنمية حقيقية او توسع بالانتاج الزراعي .
هناك ضرورة ملحة لاستخدام عقلاني للمياة المتوفرة ، مع وجود طاقة خزنية جيدة لابد من تطويرها نوعا وكما.
يرى الخبراء في هذا المجال بان التوسع في زراعة محاصيل ونباتات ذات حاجة اقل من الماء مسالة ملائمة من الناحية التقنية .
ومن الملاحظ وجود تفريط واضح بحق العراق التاريخي في الانهر التي كانت تصب في العراق منذ القدم وعدم استخدام الاتفاقيات والمحاكم الدولية لضمان حصة عادلة من المياه .في عام مطلع الستينات من القرن الماضي كان العراق ينتج تقريبا كافة احتياجاته من المواد الغذائية من حبوب وخضروات وفاكهة ومنتجات حيوانية .
في عام 2009 استورد العراق حوالي 4 ملايين طن من الحنطة والطحين بقيمة تقدر ب 1100 مليون دولار بالاضافة الى قائمة طويلة وعريضة من المنتجات الزراعية .
من المؤسف ان نرى توجها نحو زيادة كبيرة في استيراد المنتجات الزراعية والحيوانية
الزراعة العراقية الان تجابه مشكلة بيئية متزايدة متمثلة بامتداد التصحر وزيادة العواصف الترابية من خلال ازالة غابات النخيل والبساتين المحيطة بالمدن مما يجعل مساحات واسعة من العراق غير صالحة للمعيشة او للزراعة، المشكلتان مرتبطتان بتراجع الزراعة وسوء استخدام وادارة المياة .
ستراتيجية عراقية
من الواضح للعيان ان البرامج الزراعية في العراق قد اهملت لعقود واصبح لزاما على المختصين في هذا المجال وضع ستراتيجية زراعية مرنة تمتد لعقود ويشارك فيها المجتمع بقطاعاته ومستوياته المختلفة ، محاور هذه الستراتيـجية تشمل
-تبني سياسات اقتصادية تحفز على زيادة الانتاج .
ادراة كفوءة لملف المياه من حيث التوفير والاستخدام.
– اصلاح زراعي يساعد وبشكل علمي على مساعدة المزارعين في تغطية نشاطاتهم الزراعية.
– توسيع وتطوير البحث العلمي في المجال الزراعي.
تبني تجارب الدول الناجحة في هذا المجال.
– توظيف المكننة بشكل علمي مع استخدام رشيد للاسمدة والمبيدات.
– توضيف التفاعل بين المدينة والريف
– تفعيل سياسة حماية المنتج ليتمكن المزارع من برمجة انتاجه بموجب العرض والطلب.
-انتهاج سياسة دعم المزارع
-ا لاهتمام بمنظومة الدعم (القروض ، التسويق ، الارشاد).
المصادر
– مجلة قضايا ستراتيجية .. د.باسم سيفي.