قصة قصيرة – هادي عباس حسين

قصة قصيرة

الفراق وقبلة كورونا

هادي عباس حسين

انه موجود ويسري بدمي داخل شراييني، حبه طوقني واضعفني وجعلني حبيسة عشقه الجنوني، سنوات مضت وانا احبه بينما تحول حبه لي الى سجن وقيود لم اتحرر منها مطلقا، كلما طرق بابنا عريسا يكن ردي الرفض مختلقة اسباب وحجج واهية حتى اصبحت نقطة استفهام يشيرون اليها لتسمعني امي سؤالها

_ اخبريني بسبب واحد لهذا الرفض..

فاسكت لتتمركز صو رته امامي قائلا

_ لا تضعفي وتنهزمي انا لك وانت لي…

فانظر الى جهة الجدار واردد مع نفسي

_ اشعر بالمحاصرة من كل حانب… فيخفق قلبي،شاعرة بخوف يهبط من عزيمتي فارفع يدي للسماء قائلة

_ يارب ساعدني فانا في حرب ظروس..

عليه ان يحدد اختياره وان يفعل كي لاتفشل قصة حبنا، ان يتقدم فانا لم اعد اتحمل الضغط الذي اواجهه من اتجاهات عديدة وباتت ادوات رفضي غير مقنعة بعدما تقدم لخطبتي الطبيب والمهندس والضابط وحتى ابن رجل مسؤول بالدولة، الذي ما صدرت كلمات الموافقة والترحيب من الجميع لاجد كلمات امي تتراقص في راسي لما قالت لي

_ هذا ابن رجل مسؤول، سيخلصنا من هذا الفقر الذي لايفارقنا..

كنت اتهرب من كل العروض سوى لانسان واحد حبيبي وعشيقى ولاارغب سواه، ولن يفرقنا سوى الموت، اخذت نفسا عميقا  حبسته داخل صدري لحظات ليخرج زفيرا امتزج مع كلمات وانا فرحت بقدومه قائلة

_ لماذا تاخرت..لقد حل الظلام..

اجابني بكلمات تعذر وامسك يدي وعصرها بقوة ليعد في الكلام

_ كل شيء لم يكن طبيعيا  الناس مرعوبة من فايروس الكارونا..

صورا سريعة مرت من امام عيني لاخبار عرضها التلفاز ليلةامس، نطقت بشيء من الخوف

_ الكارونا زاحفة الينا باخبار حزينة…

قبل ان يسكت من كلامه قلت له

_ احقا ابى كامل جاركم قد مات..

اجابني بعجل

_ نعم…

خيوط ظلام  كثيفة زحفت في مساء حزين، هاديء واطراف حديقة كهذه خالية لم يدخلها احد لانها في اطراف  حينا، كلها شجعته لتجمعنااحاسيسنا في قبلة سريعة احمر بها وجهي وثارت احاسيسي بينما ابتسم قائلا

_ لا احدا في المكان سميها قبلة كارونا،

 ابتعدت خائفة صوب طريق الخروج لاتابع كلماتي

_ عليك ان تفعل شيئا.. لقد تعبت..

تراصف بخطواته مع خطواتي ليرى ما حدث لي معبرا بالقول

_ اسف واعتذر من تصرفي هذا.. انشاء الله عندما يزيح الله هذه الغمة والوباء… سا…

قاطعته باحساس صادق قائلة

_ ماذا ستفعل…

اجابني بمشاعر حائرة

_ ساتي لخطبتك اكملت كل شيء..

كدت اطير فرحا وقلت

_ انه خبرا لا اعرف كيف اصف مشاعري  لك…

انهمرت دموعي وبت لا اقدر على مواصلة التعبير، تعثرت بخطاي لمرات حتى قال لي

_ اثبتي ستقعين في الشارع..

كانني افقت  ليترك كلماته في اذني

_ علينا ان نفترق ساراك نهاية الشهر.

اسرعت في جوابي له

_ قبل هذا الموعد المتفق عليه..

كان اتفاقنا اللقاء منتصف كل شهر وبنهايته، خبره السعيد دعاني اغير الخارطة التي رسمناها سوية، عدت للبيت وما ان رايت امي حتى قبلتها وضممتها لي وقلت بصوت خافت

_ سياتي خطيبا لي.. من الان انا موافقة عليه..

دهشت لما سمعت الخبر دون ان اخبرها من هو… لكنها قالت لي

_ مبروك.. انا  سعيدة جدا

كان حظا تعيسا هو الذي انتظرته طويلا، لانني لم اصدق  عندما اتصل بي الحبيب بعد ايام قليلة وقال لي

_ انني اصبت بالوباء وفي طريقي الى الحجر..

كدت اقع في غيبوبة ونوبات السعال تجتاح صدري، وحرارتي ارتفعت قبل وقت ليس بالقصير، حتى قالت امي مرتجفة

_ سنخبر الاسعاف للمجيء… ابنتي حالتها لا تطمنني..

لم يقف شقيقي  عندما سمع كلامها ونطق

_ ساتصل..

كانت امي قد تراجعت عن طلبها قائلة

_ دعنا نتاكد اولا..

قلت وبيد مرتجفة امسكت بالموبايل لاقول

_ هيا با امي اتصل.. انت بالاسعاف.. انا حقا.. مصابة بالكرونا..

كنت علي يقين بالامر مادام فارس

احلامي في غرفة الحجر.

تلمست بيدي شفتي وكانني مازلت محتفظة بطعم قبلة لقاء ووداع في ان واحد، فلم يسمح الوباء بان يستمر حبيبي بالعيش حتى نلتقي بل رحل بصمت حزين، وانا لا ادري ما افعله  الا ان اردد بصوت عال

_ لعنه الله عليك ايها الفايروس…

امي واختي واخي ينظرون لي بعين مملؤة بالاسى حزنا على شبابي بينما انا ما كان يؤلمتي هو فراق حبيبي لي وقبلة الكارونا الاخيرة…

مشاركة