باريس- واشنطن- طهران -الزمان
أطلقت قوات الأمن الإيرانية النار والغاز المسيل للدموع، وفق ما ذكرت منظمة حقوقية، على متظاهرين في سقز، مسقط رأس مهسا أميني، بعد تجمعهم لإحياء ذكرى الأربعين لوفاتها الأربعاء.
وقالت منظمة هنكاو غير الحكومية التي تراقب انتهاكات الحقوق في محافظة كردستان ومقرها في النروج، على تويتر «أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وفتحت النار على الناس في ساحة زندان ببلدة سقز». وفي تحد للاجراءات الأمنية المكثفة، تجمع إيرانيون الأربعاء في مقبرة في محافظة كردستان الايرانية دفنت فيها الشابة مهسا أميني
فيما فرضت الولايات المتحدة الأربعاء عقوبات على أكثر من 12 مسؤولا إيرانيا لضلوعهم في حملة قمع الاحتجاجات المندلعة في الجمهورية الإسلامية على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد ثلاثة أيام على توقيفها على يد «شرطة الأخلاق».
وجاء إعلان العقوبات بعيد فتح قوات الأمن الإيرانية النار على آلاف المحتجين الذين تجمّعوا في بلدة سقز، مسقط رأس أميني، لإحياء ذكرى مرور 40 يوما على وفاتها، وفق منظمة هنكاو غير الحكومية التي تنشط في رصد انتهاكات حقوق الإنسان، ومقرها النروج.
وتم فرض عقوبات على رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري محمد كاظمي، وعلى حسين مدرس خيباني، محافظ سيستان وبلوشستان حيث سجّلت أسوأ أعمال العنف على خلفية الاحتجاجات الأخيرة.
كذلك فرضت عقوبات على مسؤولين في الحرس الثوري، وعلى قائد شرطة أصفهان وسبعة مسؤولين عن سجون محلية وإقليمية.
وجاء في بيان لوزارة الخزانة الأميركية أن كاظمي، منذ أن أصبح رئيسا للاستخبارات في الحرس الثوري في حزيران/يونيو «اشرف على قمع متزايد للمجتمع المدني في البلاد».
وتابع البيان «لقد استخدم الحرس الثوري وميليشيا الباسيج قوة فتاكة ضد محتجين»، وأشار إلى أن الجهاز هو «عنصر أساسي» يستخدمه النظام لقمع «الشعب الإيراني بعنف».
وحمّلت الوزارة خيباني مسؤولية أحداث سجلت في 30 أيلول/سبتمبر في زاهدان، عاصمة المحافظة، قتلت خلالها قوات الأمن أكثر من 80 شخصا.
كذلك فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على مسؤولَين في الاستخبارات الإيرانية يشتبه بأنهما يديران أكاديمية لتدريب قراصنة سيبرانيين وتجنيدهم، وشركة تعنى بفرض الرقابة على الإنترنت لصالح الحكومة.
بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاتها.
ورددت عشرات النساء والرجال الذين تجمعوا في مقبرة آيجي في كردستان بغرب ايران، «امرأة، حياة، حرية» و»الموت للديكتاتور»، بحسب أشرطة فيديو بثت على وسائل التواصل الاجتماعي.
توفيت الشابة أميني (22 عاما) وهي إيرانية من أصل كردي، في 16 أيلول/سبتمبر، بعد ثلاثة أيام على توقيفها من شرطة الأخلاق أثناء زيارة لها إلى طهران مع شقيقها الأصغر، لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
أثارت وفاتها احتجاجات غير مسبوقة في ايران منذ ثلاث سنوات وهي متواصلة في مختلف أنحاء البلاد، تتقدمها في معظم الأحيان شابات وطالبات كثيرات منهن يقمن باحراق حجابهن.
وذكر ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن أجهزة الأمن حذرت عائلة أميني من إقامة مراسم في ذكرى الأربعين والطلب من الناس زيارة قبرها الأربعاء وإلا «عليهم أن يقلقوا على حياة ابنهم».
والثلاثاء نشرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء «إرنا» بيانا قالت إن العائلة أصدرته جاء فيه «نظرا للظروف ومن أجل تجنّب أي مشكلة مؤسفة، لن نحيي ذكرى مرور 40 يوما» على وفاة مهسا.
أظهرت صور نشرتها منظمة «هنكاو» غير الحكومية تواجدا كثيفا لقوات الأمن اعتبارا من مساء الثلاثاء في سقز، وقد تكون أغلقت مداخل المدينة.
رغم ذلك دخل عشرات السكان الى البلدة الاربعاء، اما عبر الحقول وعلى طول الطرقات بالسيارات او دراجات نارية بحسب الصور التي نشرتها منظمة هنكاو، ومقرها في النروج.
وقطعت السلطات الاتصال عبر الانترنت في سقز بمحافظة كردستان في غرب إيران «لأسباب أمنية»، بعد إحياء الآلاف ذكرى أربعين يوما على وفاة أميني المتحدرة منها، وفق ما أوردت وكالة «إيسنا».
«مقبرة الفاشيين»
ورددت إحدى المجموعات في شريط فيديو آخر نشره ناشطون على تويتر «كردستان، كردستان، مقبرة الفاشيين». لم يتسن لوكالة فرانس برس التحقق على الفور من صحة هذه الصور.
في عدة مدن في كردستان «سنندج، سقز، ديوانداره، مريوان، وكامياران نفذت إضرابات» بحسب ما كتبت هنكاو على تويتر. بحسب هذه المجموعة فان لاعبي كرة قدم الإيرانيين البارزين، الهداف الاسطوري علي دائي وحارس المرمى حامد لك، توجها الى سقز «رغبة منهما بان يحضرا ذكرى الأربعين».
نزل الرجلان في فندق كورد بحسب «هنكاو» لكن «نقلا إلى دار الضيافة الحكومية … تحت حراسة قوات الأمن». وكان تم استجواب علي دائي في السابق بسبب تصريحات أدلى بها على الإنترنت لدعم الحركة وصودر جواز سفره لفترة وجيزة.
وأظهرت لقطات لم يتم التحقق منها نشرتها على الإنترنت منظمة حقوق الإنسان في ايران ومقرها أوسلو أشخاصا يتجمعون خارج الفندق «خلال تظاهرة ليلية». ونقلت صحيفة هميهان بعد ذلك عن محافظ كردستان اسماعيل زارعي كوشا تأكيده أن علي دائي ومشاهير آخرين كانوا في طهران وأن «كل شيء كان هادئا في سقز».
أدت أعمال القمع التي قامت بها قوات الأمن بحق المحتجين إثر وفاة مهسا أميني في مختلف أنحاء إيران الى سقوط 141 قتيلا على الأقل بينهم أطفال بحسب حصيلة جديدة أوردتها منظمة حقوق الانسان في ايران.
من جانب آخر، في مدينة زاهدان بمحافظة سيستان بلوشستان (جنوب شرق)، إحدى أفقر مناطق ايران، أدت أعمال عنف اندلعت في 30 ايلول/سبتمبر خلال تظاهرات احتجاج على حادثة اغتصاب فتاة نسبت الى شرطي، الى سقوط 93 قتيلا على الأقل بحسب المنظمة غير الحكومية نفسها.
وقتل 23 طفلا في القمع بحسب منظمة العفو الدولية، و29 بحسب منظمة حقوق الانسان في ايران.
من جانبها، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية الأربعاء توجيه الاتهام الى زهاء 300 موقوف على صلة بالتحركات التي تشهدها إيران، ما يرفع الى أكثر من 1000 عدد الذين وجهّت إليهم اتهامات مرتبطة بالاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني.
وأفاد موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطة القضائية الأربعاء عن توجيه الاتهام الى أكثر من 300 شخص على صلة بالاحتجاجات في محافظتي زنجان وآذربيجان الغربية في شمال غرب البلاد، ومحافظة سمنان شرق طهران.
ويضاف هؤلاء الى مئات سبق توجيه الاتهام إليهم، توزعوا بين طهران (أكثر من 300 شخص) وألبرز الى الغرب منها (201 شخص)، وخوزستان في الجنوب الغربي (أكثر من 100)، وما مجموعه أكثر من 200 في محافظات كردستان (غرب) وقزوين واصفهان (وسط).