عقدة الجهل المقدس – باسل الخطيب
متى يكف المتكسبون من وراء الأماكن التاريخية والمقدسة، عن الضحك على ذقون الزوار؟ ولماذا لا يتم توفير أدلة تعريفية في تلك الأماكن؟ ومتى تحل الحقائق والموضوعية بدلاً من الدجل والخزعبلات؟ ومن يجرؤ على كسر عقدة الجهل المقدس في عصر الثورة المعلوماتية؟! إن العديد من بلدن العالم تحرص على توفير كتيبات أو أدلة تعريفية، متعددة اللغات، في الأماكن التاريخية أو التراثية أو المقدسة بالنسبة لشعوبها، غالبيتها مجانية، تشرح للزوار طبيعة تلك الأماكن ودلالاتها بنحو موضوعي جذاب ومبسط، وهو ما تفتقر له غالبية الأماكن التاريخية والتراثية والدينية في العراق.
إجابات تثير السخرية
فذات زيارة لوزير الخارجية السوري، وليد المعلم (17 تموز/ يوليو 1941 – 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020)، إلى العراق، خلال تسعينيات القرن المنصرم، طلب زيارة كربلاء، وبعد المجاملات الاعتيادية من قبل المعنيين في الحضرة الحسينية المطهرة، فوجىء الحضور بأسئلة وجهها المعلم، تتعلق بتواريخ وأحداث واقعة الطف وحياة سيد الشهداء، وعلى نحو غير متوقع، جاءت أجوبتهم سطحية ومتضاربة ومفتقرة للدقة، حتى أن المعلم صحح بعضها، باسلوب غير مباشر، منعاً لإحراجهم، لاسيما وهو السياسي المخضرم صاحب الباع الطويل في العمل الدبلوماسي.الغريب أن المعنيين في العتبة المطهرة، رفضوا مقترح أحد الحاضرين، بشأن إعداد كتيبات تعريفية بعدة لغات، عن حياة الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام، كما في باقي الأماكن المقدسة، تتناول سيرتهما العطرة والأحداث التي مرت بهما، فضلاً عن تفاصيل تتعلق بالعتبتين وأسرارهما المعمارية والجمالية، وما أكثرها، وما تضمانه من نفائس ومقتنيات ثمينة، بنحو علمي، بعيداً عن الخرافات والخزعبلات إياها، لاسيما أن أشخاصاً من بلدان عدة يتشرفون بزيارة تلك الأماكن المقدسة.
وبرر المعنيون عدم ترحيبهم بالمقترح، بحجة أن الجميع يعرفون تاريخ الإمام وباقي الأماكن المقدسة!!! وأن القائمين على شؤون تلك الأماكن يتولون مهام شرح تلك التفاصيل للزوار، الأمر الذي قوبل بابتسامة سخرية مبطنة، من المعلم كما رفاقه.
مطلوب أدلة تعريفية إن توفير أدلة، متعددة اللغات، حتى بالعربية، في الأماكن التاريخية والمقدسة، كفيل بتعريف ملايين الأجانب، كما العراقيين والعرب، بجوانب مشرقة من تاريخنا وتراثنا، بنحو علمي وموضوعي مبسط، وتخليصهم ممن يسوقون الدجل والخرافات والخزعبلات للتكسب والضحك على الذقون.. دون أن يعرفوا أنهم إنما يضحكون بذلك على أنفسهم!!! فهل من مجيب؟ قولوا إن شاء الله.