بغداديون: الزكريا تكسر أجواء الرتابة وتضفي البهجة

سوق الشورجة تقدم جميع مواد المناسبة والشموع تضيئ المنازل

 

بغداديون: الزكريا تكسر أجواء الرتابة وتضفي البهجة

 

بغداد- خولة العكيلي

 

 

اعتادت الأسر البغدادية بكافة مستوياتها على احياء التقاليد الشعبية لاسيما المناسبات الدينية ومنها مايرتبط بالنذور والأيفاء بها . وتعد ليلة زكريا من ابرز المناسبات والتي تصادف اول يوم احد من شهر شعبان حيث تعمّر النساء فيه الصواني ويملأنها بالشموع والآس والحلويات الخاصة بتلك الطقوس لاسيما الزردة  حيث تتلألأ الدور والنوادي الأجتماعية بالشموع التي اضفت بريقا مختلفا عما تبثه كل يوم عند تأخر صاحب المولدة بتشغيلها ينتظر الوطنية علها تعاود ثانية  اوانقطاع التيار الكهربائي وهكذا .

 

وترجع عادات وتقاليد طقوس الليلة المتوارثة منذ زمن بعيد إلى قصة النبي زكريا عليه السلام، الذي استجاب الله لدعائه ورزقه طفلاً من زوجة عاقر وهو في التسعين من العمر فأضحت تقليداً لدى النساء اللاتي لم ينجبن، أو من لم يرزقن بالذكور من الأبناء أو حتى لتحقيق أية أمنية أخرى، أملاً أن يستجيب الله لما يتمنين من خلال إحياء هذه الليلة.

 

وتكون سيدة المائدة في المناسبة (الدولمة) البغدادية التي تحرص المرأة على اعداد تشكيلة مما اعدته لهذه المناسبة لتوزعه بين الجيران والمقربين لطلب النذر ممن لم يرزقن بطفل لسنوات لذا منحت هذه المعجزة النساء العقارات على مر الاجيال والعصور املا في الانجاب فتشبثن باحياء طقوس يوم زكريا لوجه الله تعالى. ويشير الباحث التراثي المرحوم عبد الحميد العلوجي في حديثه عن يوم زكريا الى مسألة التزام المرأة العراقية باحياء المناسبات الدينية والموروث الشعبي والاتكال على ذاكرتها الناشطة في معرفة مواقيت الاعياد ومواسم الزيارات الدينية ومواعيد الشعائر المأثورة دون ان ترجع الى تقويم او روزنامة او مفكرة. كما يصف صينية العيد بقوله  ان (المرأة العاقر او من لم يرزقها الله غلاما تتولى بنفسها اعداد صينية  عامرة بالحلوى و الزردة أي الرز بالحليب والسمسم المحمص والمطحون مع السكر والخضر والفواكه المختلفة والاكلات البغدادية الشهيرة مثل  الدولمة  والكليجة  وتحاط هذه الصينية بشموع صغيرة وكافور وتوضع وسطها احيانا شمعة العروس الذهبية المزخرفة بالورود بعد تثبيت قواعدها على الطين بين اغصان الآس والبرتقال) .

 

 وللتعرف على هذه الطقوس المبهجة توجهت (الزمان) الى بيوتات بغدادية لتشاهد عن كثب ما احتوته صينية زكريا وماهي الحكايات والقصص المرتبة بهذه المناسبة التي صادفت مساء امس .

 

حيث تقول الحاجة ام علي (تترقب النساء اللاتي لم يرزقن بطفل لسنوات هذا اليوم بفارغ الصبر ليطلبن من الله ان يكون لديها طفل في زكريا للعام الذي يلي طلبها بعد ان تجلس الى الصينية وتبتهل الى المعطي عز وجل الذي قال في كتابه المحكم ( يازكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى). وذلك  بعد ان نادى ربه) واضافت (واذا رزقت بطفل عليها ان تعد صينية في كل عام كونه موروثاً اذا انقطعت عنه ربما يصاب الطفل بمكروه ) مبينة (ولذلك انا احتفي كل عام بزكريا منذ 10 سنوات بعد وفاة ام زوجي التي اوصتني ان احيي الطقوس من بعدها خوفا على ولدها الذي هو زوجي لانها لم ترزق سواه) . مشيرة الى انني (التزمت بما اوصتني به عمتي فضلا عن ان هذه المناسبة تدخل البهجة الى القلوب التي نحن بحاجة لها في الظروف الحالية). اما رغدة . ز. فتقول (انه العام الأول الذي احتفي به بفرحة غامرة بعد ان رزقني الله بولد بعد انتظار دام تسع سنوات وهو الآن يبلغ من العمر ستة اشهر). واضافت نحن (نحتفل كل عام بهذه المناسبة التي تنتظرها كل امراة لم ترزق بطفل على مدى سنوات لكنني هذا العام اشعر بغبطة شديدة ونكهة تختلف عن سابقاتها من الأعوام لان طفلي يجلس الى جوار الصينية فسعادتي لا توصف).

 

وتعد نهى حامد المناسبة تبهج نفوس الأسر  كافة حتى لو كانت قد رزقت بأطفال دون نذور .

 

وقالت حامد لـ (الزمان) انا ( احتفي بزكريا كل عام على الرغم من انني رزقت بأولاد منذ السنة الأولى لزواجي لكني اراها فرصة طيبة ان نجتمع حول الصينية نتبادل اطراف الحديث والمرح) لافتة الى انني (اصوم في هذا اليوم لان طقوسه لاتكتمل الا بالصيام وتوزيع الحلوى والدولمة على الجيران والمقربين مساء يوم زكريا فضلا عن ان بعض الأسر تراها فرصة لتوجيه الدعواة للأقارب والأصدقاء لتشاركهم المناسبة وصقوسها المحببة ) منوهة الى ان (هذه المناسبة تتيح لأصحاب المحال لاسيما في الشورجة ان يزداد كسبهم بهذه المناسبات عند تزايد الطلب على ماتحتاجه صينية زكريا العامرة بكل ما لذ وطالب).

 

ولا يخفي الباعة في سوق الشورجة، في بغداد، وهي من أقدم الأسواق الشعبية  وأكبرها سعادة في هذه الأيام إذ تزداد عمليات بيع مختلف المواد التي تتطلبها هذه المناسبة كالطبول والجرار المصنوعة من الفخار، والتي أصبحت من التراث، فضلاً عن المكسرات والحلويات والشموع ومختلف الهدايا التي تقدم للصغار.

 

مشاركة