بيروت – الزمان
صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب د. الأب هاني بيوس حنا “الوجود المعذب: حوار في دهاليز الكينونة في شعر بدر شاكر السياب وفلسفة سورين كيركيجارد”.
يقول بيوس حنا في تذييله لكتابه:
“أنتم مُبحِرون…!”. عبارة كتبها بليز باسكال (خواطر، الجزء 397)، قبل 4 قرون وما يزال صداها يرّن في قلب كل إنسان يختبر الحياة والوجود كـ “بحر”، أمواجه هي صعوبات وآلام وتحديات لا نهاية لها. إنه بحر دفع المفكرين إلى التساؤل عن معنى الحياة. من رَحِم هذه التساؤلات، ولدت الفلسفة الوجودية، تطرح وجهات نظر عن خبرة الإنسان في ضوء مفاهيم مُؤسِسة للحياة كالزمن والمكان، لتحدد مسار الفرد واختياراته.
يكشف الكاتب عن حوار “وجودي” فريد بين الشعر والفلسفة. فيستند إلى الفيلسوف الدنماركي سورين كيركجارد (القرن 19)، “أب الوجودية الحديثة”، وإلى شعر العراقي بدر شاكر السياب (القرن 20)، رائد الحداثة في الشعر العربي. فاتخذ من حياتهما وتموجاتها، أنموذجا حيًا لغنى ينبثق عن هذا الحوار. على الرغم من اختلاف مسارهما، تنصب نظرتهما إلى الإنسان في صفة مشتركة لدى غالبية الوجوديين: يبقى الوجود محكومًا بكونه “ألمًـا/ مأزقًا”؛ إنها نظرة سوداوية (Melancholia) إلى الوجود لضبابيته. فدأب المفكران على البحث عن “صيغة حياة” تتعامل مع “قلق” أصلي يسببه الزمن والموت وحرية الاختيار والآخر. فتجذّرت غايتهما في ضرورة “احتضان واقع الخبرة البشرية من كل جوانبها”؛ القابلة للقياس أم لا. هذا ما أضطرهما إلى رفض “تسليم” خبرة الفرد إلى نظريات ومفاهيم جامدة. تمسك “إنسان كيركجارد” بالإيمان الفردي – العلاقة بالله- في تعامله مع قلق الوجود. في حين عَبّر “إنسان السياب” عن ألم وجوده الفردي في “سياق اجتماعي وتاريخ مضطرب”، استمد رموزه من الطبيعة: الموت والأرض الاغتراب وحرية اختيار. يجتمع السياب وكيركجارد في نقطة محورية: تفرض خياراتنا أن نجازف في أن نغوص في “نفق” الوجود المظلم وأسراره العميقة. ستظل خياراتنا تتأرجح بين رغبتنا بالاكتفاء بـ “حياة زمنية” محدودة و”شوق حالم إلى ما هو أكثر”، إلى الأبدية والخلود.
يقع الكتاب في 280 صفحة من القطع الكبير.