العراق بين نارين
سياسة امساك العصا من الوسط بين عدوين لن تكون ابدا ودائما المنجى وطريق الخلاص لاي بلدتضعه اقداره بين قوتين متناحرتين في جغرافيا سياسية ملتهبة ، ولاسيما اذا لم يفلح قادته السياسيين والشعبيين والرسميين الحكوميين في ايجاد معادلة تحكم التعامل مع الراهن بحسب تداعياته وتطوراته بما يمنع الميلان الى كفة على حساب اخرى لتحرق نار الاثنين حطب البلاد واخضره .
وما وقعت فيه الحلقة العليا من النخبة الحاكمة في العراق ياتي في هذا السياق ،فقد جرب السيد المالكي سياسة امساك العصا من الوسط بين ايران وامريكا وتمكن من الحصول على مكتسبات اضافت الى رصيده السياسي ما مكنه من الاستمرار في ولاية ثانية ،لكن القول في ظل تطورات الاوضاع في الشرق العربي وقلبه العراق ان المالكي يمكن ان يحصل على ولاية ثالثة وعلى وفق نفس القواعد السلوكية محليا ودوليا واقليميا فهذا ضرب من الحمق او الجهل بمتحركات الساحه، ان التوجه الامريكي لاعادة ترتيب المنطقة عبر احداث تغيير دراماتيكي اخر يقرن بما حدث في العراق – في سوريا – وبالقوة العسكرية ،يضرب طموحات ايران ومشاريعها في الصميم ،فسيقلب الطاولة على مشروع ام القرى والهلال الشيعي والمشرق الاسلامي ،وحتى على ابسط طموحات ايران في لعب دور فاعل دولي في منطقة الشرق الاوسط كذلك لعبته ايران في الخليج ايام الشاه اويوازي الدور التركي او الاسرائيلي بعد اضمحلال الدور المصري ، اقليميا ،يعني ضرب ستراجية وجود النظام الايراني في القلب وهوما سيدفعه حتما الى رد فعل من النوع الثقيل على وفق مبدأ – علي وعلى اعدائي – او الذهاب الى حافة الهاوية التي شاهدنا مقدمتها في جريمة الهجوم على مخيم اشرف في العراق الذي يستوطنه اللاجئون المعارضون الايرانيون وقتل 52 لاجئا بدم بارد وتخريب ممتلكات السكان من دون اي حساب لرد فعل حكومي عراقي او امريكي او دولي ،مع ان الجريمة اثارت ضمير العالم كله ،وهذا يدفع الى القول بيسر ان سياسة مسك العصا من الوسط التي لم تكن تملك ما يدعمها من قوة واوراق تضمن نجاحها ،ونجاحها الوحيد كان في قبولها مرحليا من قبل الخصمين على انها وسيلة ناجعة لتجنب الصدام ،فلم يكن لدى الحكومة العراقية ما يمكنها ان تردع ايران اذا ما فكرت في فرض امر واقع لصالحها وليس في يده ايضا ما يردع امريكا لذلك فان تحوله الى ارض قتل وخنادق متقابلة بين ايران وامريكا امر متوقع جدا ويكاد يدخل حيز اليقين وهو ما المح اليه قيادي في دولة القانون في حديثه لجريدة السياسة الكويتية مؤخرا حين اكد (أن الإدارة الامريكية طلبت من بغداد إقامة منطقة مراقبة جوية فوق العراق طيلة المدة التي ستستغرقها الضربات العسكرية الوشيكة ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
وأكد أن بلاده يمكنها بسهولة ان تعلن أنها تنأى بنفسها عن ما سيجري في سورية عبر الضربات غير أنه على المستوى العملي والستراتيجي لا تستطيع أي جهة عراقية ان يضمن تنفيذ سياسة النأي بالنفس “لأن العراق سيكون في قلب الحرب وليس بجوارها) ولنترك بقية الحشو جانبا ، فان الخطوة المتوقعة للنظام الايراني الان هي التقدم واستثمار مرور جريمتها في مخيم اشرف للاجهاز على البقية واشعار امريكا ان كل خططها في العراق في حال التهاب الجبهة السورية ستكون في مهب الريح ، لذلك فان على الحكومة العراقية في هذه المرحلة التوجه ليس للنأي بالنفس وحسب وانما الاحتماء بالمجتمع الدولي من تداعيات التهاب المنطقة وليس من سبيل اخر على الاطلاق والعمل على توفير مصد حام لمن تبقى من سكان اشرف وايجاد حل سريع وعادل لقضيتهم ، منعا وايقافا للمزيد من انهيار احترام الارادة والســـيادة السياسية الوطنية والدولية العراقية .
صافي الياسري
AZPPPL