الضربة أم العقاب؟

الضربة أم العقاب؟
فاتح عبدالسلام
معادلة صعبة أطرافها متناقضة، إمَّا أنْ تقوم الولايات المتحدة بضربة لبلد عربي جديد، كونها ضربة ليست موجهة إلى غايات إسقاط النظام وإنّما لتدمير أهداف هي ملك للسوريين وليس لبشار الأسد وعائلته ونظامه.
وإمّا أنْ تمرّ تحت مظلة الصمت الدولي الجريمة الكبرى في استخدام السلاح الكيمياوي ضد آلاف المدنيين في ريف دمشق، وهو خيار يفتح رسمياً ودولياً الباب لجعل الأسلحة الكيمياوية مشروعة لدى الأنظمة التي تعاني مشكلات جوهرية مع شعوبها.
إنَّ مصطلح الضربة الأمريكية يثير حفيظة العرب بغض النظر عن الدوافع بسبب الدمار الذي حصل في العراق وهنا نقول لماذا ضرب أهداف على الأرض وليس وضع خارطة عقابية تتضمن إنذارات شديدة تسبق الضربة منها حظر استخدام الطائرات وصورايخ أرض أرض العمياء في القصف بما يشبه فرض منطقة حظر طيران وفرض ممرات آمنة لوصول المساعدات إلى الأهالي المنكوبين وطرد أي دبلوماسي سوري يدافع عن جريمة الكيمياوي.
غير إنَّ كلَّ شيء مرهون رسمياً بتقرير مفتشي الأمم المتحدة في إثبات صحة استخدام الكيمياوي ثمَّ تحديد مسؤولية الجهة المرتكبة لجريمة الإبادة الجماعية.
الجريمة وقعت بوضوح تحت شمس ساطعة وضحاياها معظمهم من الأطفال والنساء كتبوا على أرض غوطة دمشق فصلاً مأساوياً لشعب كامل يكاد يكون بلا مأوى وبلا مأكل ومشرب وبلا نصير أو معين سوى ما ينال مخيمات اللاجئين من مساعدات دولية شحيحة.
العالم ينقسم على طرفين، طرف غير معني باستخدام الكيمياوي لأسباب التعصب والحقد والمناكدة إقليمياً أو دولياً ولكون الضحايا لا يأتي بسببهم رد فعل مؤثر من موازين للقوى المتحركة على الأرض أو إنّهم ضحايا لم يرتقوا إلى لعبة السياسة الدولية.
وطرف يريد عقاب النظام السوري وقد سقط بصنع يديه في بئر عميقة، في خطأ استراتيجي جعل الأمور ترى جميعها في مرآة عدم وجود جريمة كاملة هذه المرة، بعد أن استطاع النظام أن يثبت عكس هذه النظرية عقوداً طويلة وكان معهُ أنظمة عربية أخرى كثيرة أيضاً.
حماة استخدام السلاح الكيمياوي لا يزالون يتسترون تحت شعارات العروبة والقومية والبلد الذي ستدمره أمريكا كما دمّرت العراق كلمات حق يراد بها باطل. وهم غير معنيين بقتل السوريين بسلاح دمار شامل قد يتكرر عشرات المرات حتى يتطهر البلد على وفق رؤية النظام من الإرهابيين الذين هم أغلبية سكان سوريا أصلاً.
ثمّة صفقة في الميدان تؤخر العقاب على إبادة البشر لكن هناك من يفيد من الضربة ولا يفيد من العقاب لو حصل بخطة لا تؤذي الشعب السوري ومقدراته
AZP20