فاتح عبدالسلام
تنزل مفردة الطاغوت ذات الإمتياز القرآني البليغ بقوة في الخطاب السياسي في السنوات الأخيرة في المشهد السياسي العربي ، وتنزل اليوم في العراق للمرة الأولى منذ أحد عشر عاماً بعد أن أطلق المعارضون السابقون ومعظمهم معممون على صدام حسين لقب الطاغوت، حتى ظن بعض الناس من السذج والمغفلين والمقهورين والمغلوبين على أمورهم وهم السواد الأعظم في عراق اليوم، أنه كان هناك طاغوت واحد ومات وانتهى بموته زمن الطواغيت، وأن الآتين بعده سياسيون بمرتبة قديسين وأولياء وصالحين وشهداء. وكلمة الطاغوت وما تصرف منها بصيغ الفعل والمفرد والجمع والمصدر وردت في القرآن الكريم سبعاً وثلاثين مرة.
بيد أن مفردة الطاغوت وحدها وردت في كتاب الله سبع مرات في سور البقرة والنساء والمائدة والنحل والزمر.
وفي اجماع المفسرين والمجتهدين والمفكرين، يمثل الطاغوت التقاطع بالضد حدياً ونهائياً مع الله عز وجل. قال الأصفهاني أن الطاغوت هو كل متعد وكل معبود من دون الله.وقال ابن جرير في تفسير الطبري، الطاغوت هو كل ذي طغيان على الله.أما الشعراوي فقال أن الطاغوت هو الذي كلما أطعمته زاد طغياناً.
في هذا الإطار القرآني لم يبقِ زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عامداً على خيط الرجعة مع المجموعة الحاكمة في العراق، لأن توصيف الطاغوت الذي أطلقه هو نهاية الحكم الذي لا استئناف بعده ، ومن يستأنف إنما يستأنف على الله ولا أحد يجرؤ على فعل ذلك في العلن في أقل تقدير.
ولا يعني شيئاً استمرار ترشيح المجموعة الصدرية في الإنتخابات المقبلة التي لا يزال يتمسك بها الصدر برغم إدانته القطعية للعملية السياسية المتمخضة عنها. ذلك أن التاريخ العراقي الأسود في خلال خمسين سنة كان حدياً في إطلاق صفة الديكتاتور أو الطاغوت، وكان من يلبسه هذان الوصفان يكون في خندق آخر حتماً. خندق اللاتلاقي، خندق مقترفي كبائر العصر والدين والمذهب الذين على حسب قول الصدر هم مَن ( يتسلط على الأموال فينهبها وعلى الرقاب فيقصفها وعلى المدن فيحاربها وعلى الطوائف فيفرقها وعلى الضمائر فيشتريها وعلى القلوب فيكسرها .)
رئيس التحرير
لندن