السياسة المتوقّعة لبايدن تجاه الشرق الأوسط – سامان سوراني

السياسة المتوقّعة لبايدن تجاه الشرق الأوسط – سامان سوراني

بعد أن فاز جو بايدن في انتخابات تشرين الثاني 2020 في الولايات المتحدة الأمري?كية على منافسه الرئيس دونالد ترامب كانت هناك آراء متوقعة بأن سياسة الرئيس الديمقراطي الجديد سوف تكون مماثلة أو إمتداد لسياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، أي صيغة ثانية لأوباما وسياسة قائمة على الموازنة بين القيم والمبادئ الأميركية (الرؤية المثالية) والمصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي (الرؤية الواقعية)، أي إستخدام سياسة المزج بين المثالية والواقعية.

هناك في منطقة الشرق الأوسط ملفات ساخنة لايمكن لأية إدارة تجاهلها، منها ملف النووي الإيراني و ملف الإرهاب والحرب و عناصر اللادولة وحقوق الإنسان.

الولايات المتحدة الأمريكية تدرك تماما بأن وجود فراغ في المنطقة سوف يقود الى تحولات جيوستراتيجية عميقة فيها وسوف تحاول كل من الصين وروسيا دون تريث ملأ هذا الفراغ، لذا وعلى الرغم من مساعي الإدارة الأميركية لتقليل الانخراط في منطقة الشرق الأوسط، ونقل محور التركيز إلى آسيا والمحيط الهادئ، نرى بأن إدارة بايدن تعمل على الموازنة بين التوجه نحو آسيا وإعادة تخصيص الموارد الأميركية للقضايا الشرق أوسطية الأكثر إلحاحا التي سيكون تحقيق تقدّم فيها بوابة لتحقيق إنجازات في قضايا أخرى.

إن إنسحاب أمريكا من المنطقة وعدم الإنخراط في أزماتها سيخلقان إشكالياتٍ وتحدياتٍ تفرض على الولايات المتحدة إعادة الانخراط المكثف مجددًا فيها، وتخصيص موارد أكثر من ذي قبل للتعامل مع تداعيات هذا الانسحاب الذي لا يؤثر في مصالح حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة وأمنهم فحسب، بل في مصالح أميركا وأمنها، ولا سيما مع تحوّل المنطقة إلى ساحة للمنافسة مع خصومها الاستراتيجيين الدوليين والإقليميين.

اتفاق نووي

فيما يخص الملف النووي الإيراني فالرئيس جو بايدن يهدف الى عقد إتفاق نووي شامل بحيث يسمح لإيران بأمتلاك برنامج نووي سلمي، ل?نه يوسع شروط التفاوض وفي نفس الوقت يحافظ على القيود الإقتصادية ويستفيد من الضغوط القصوى لإدارة ترامب ?وسيلة ردع ودفع نحو إست?مال المفاوضات  ويحضر على إيران امتلاك القدرة التي تخولها أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية. إذن الرئيس بايدن يجدد أولوية الدبلوماسية والتحاور بإشراك أطراف إقليمية ودولية للوصول الى إتفاق مع طهران، لكنه لايتجاهل السلوك المزعزع للإستقرار في قضايا الإقليم.

فيما يتعلق بملف الإرهاب، فإن إستراتيجية إدارة بايدن تهدف الى تهدئة التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط وتؤكد على مواجهة التنظيمات الإرهابية ?القاعدة ومنع عودة داعش من جديد إلى سوريا والعراق والتركيز على إلحاق الهزائم بهم و التشديد على على العمل مع الشركاء الإقليميين لردع الميليشيات الخارجة عن  القانون وسياستها العدوانية

سياسة إدارة بايدن تجاه الحرب في اليمن بعد أن تم تعين “تيموثي ليندركينغ” مبعوثا خاصا إلى اليمن، رغم أن اليمن ليست ليس أولوية لهذه الإدارة، هي السعي الى احتواء جماعة الحوثيين بعيدا عن إيران ومساندة السعودية في الدفاع عن أراضيها من الهجمات الخارجية التي تتم عبر الجماعات المدعومة إيرانيا.

في ظل إدارة بايدن رغم الإلتزام بضبط النفس قامت القوات الأمريكية مرات عديدة بغارات عس?رية محدودة على فصائل اللادولة، منها ضرب منشآت تابعة لكتائب “حزب الله العراقي” و “كتائب سيد الشهداء” على الحدود العراقية السورية، مما أدت الى تدمير منشآت تقع عند نقطة حدودية تستخدمها هذه الميليشيات المسلحة.

ستواصل إدارة بايدن دعم التطبيع مع إسرائيل، فالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل مهمة للغاية بالنسبة لكل طرف وهي بمثابة دليل ريادي على الالتزام الأمريكي تجاه حلفاء واشنطن في المنطقة، وتؤ?د هذه الإدراة بشكل كبير حقوق الإنسان وحرية عمل المجتمع المدني.

لقد سعت إدارة بايدن لأن تبرهن على أنها تضع بالفعل حقوق الإنسان في قلب دبلوماسيتها، ولا تتردّد في إدانة قرارات تتخذها دولة حليفة لها. الرئيس بايدن دعى في مناسبات عديدة الى احترام القيم الديمقراطية، قائلا أنه يبقى على مسافة من مرتكبي الانتهاكات الأكثر سوءاً.

السؤال هو، هل يسعى بايدن الى استضافة قمة عالمية لحقوق الإنسان، من شأنها إبراز التزامها باستعادة القيادة الأمريكية تحت مظلة التعددية المتجددة؟

مما ذ?رناه أعلاه يتضح بأن الشرق الأوسط معلق نوعا ما بحبال سياسة بايدن الجديدة وأن الرئىس بايدن يحاول الى حد? ما المواءمة في سياساته الشرق أوسطية بين المثالية التي تؤكد أهمية القيم الأميركية في السياسة الخارجية، خصوصا الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والسياسات الواقعية التي تراعي المصالح الأميركية العليا في هذه المنطقة المهمة من العالم.

مشاركة