مجموعة المبارك القصصية الجديدة
إقامة جبرية في الجنة
كوبنهاغن ــ الزمان
عن موقع القصة العراقية الألكتروني صدرت مجموعة عدنان المبارك القصصية الجديدة إقامة جبرية في الجنة . وفيها آخر قصصه، وعددها أربع عشرة. تحمل المجموعة اسم القصة التي تتكلم عن رجل يحتج بطريقته على واقع محدد خلقته عوامل بشرية وغيرها. وما يستوقف القارئ في هذه القصة أن الكاتب مزج وقائعا لايعرف الى النهاية مدى صدقيتها أهي واقع فعلي أم متخيّل ؟ وكانت نهاية بطل القصة في دار المجانين بحكم ملابسات معينة شوّشت صورة البطل الحقيقية. وفي قصة بعنوان جرّة رماد سعدون يلتقي بطلها بصديق قديم لم تغيّره السنين التي كانت عاصفة كالعادة في بلد كالعراق، وتمترس في هامشية قاعدتها اللاانتماء الايجابي ان صح القول. ويواصل المبارك الأخذ بمنطلقاته الفكرية والوجودية في معظم قصص هذه المجموعة، أي الدأب على نزع القناع والعودة الدائمة الى الأسئلة الأساسية ، ثم هناك أندياح هاجس الغرابة والبحث عن كنه الوجود والوقوف الجاد عند ألغاز الانسان . وبرأي بعضهم ممن قرأوا قصص المجموعة والتي سبق أن نشرها المؤلف في مواقع الكترونية مثل المحلاج و أدب فن و القصة العراقية وغيرها، أن هذه القصص تجمع بين هواجس المؤلف القديمة والعودة، عبر محطات، الى كوارث الواقع العراقي الراهن. ومن يتابع نتاج المبارك السردي يعرف أن اشكالية الوحدة، وليس بمعنى غياب الآخر وحده، هي من المحاور الرئيسية التي تميّز هذا النتاج. فالكاتب يتوقف عند شتى أبعاد هذه الوحدة من فيزيقية الانتماء الى زمكان معيّن وكونية ضآلة الانسان وكوكبه وميتافيزيقة أسرار الوجود وغير ذلك . ويلقى القاريء مردودات هذه الاشكالية في كل القصص عامة، وخاصة قصص مثل البقاء طفلا كئيبا و سحلفاتي كانت سعيدة و الفردوس قادم هذه المرة و اغفاءة على ساحل مهجور و بضع ساعات مع رجل مجهول و العوم في الطين .
يمكن القول عموما أننا في هذه المجموعة القصصية نلقى مواصلة أسلوبية الا أنها لا تعني فقدان الجديد والنزعة الى التنوع الذي يلمسه القاريء في موشور المضامين بكل أطيافه. وكان اسماعيل غزالي قد كتب عن قصة في مدينة الخال حسين الى صديقه المبارك ها هنا قدرتك الخلاقة على اللعب فوق الخيط البهلواني من جديد ــ ردم أنصاب الاله الموهومة وهندسة تخييل حول مدينة غرائبية اسمها المرعدة برغم واقعيتها الصادمة، أعني انها تكاد تكون ضلعا من مدن خيال كالفينو، غير أنها هنا معتقة بلمسة السومري الذي نجح في حفر الذاكرة بألمعية و أبدع في نحت أيقونة السرد ومراوغات الحكاية.
شكرا على القصة التي تشبهك تماما ولا تشبه غير صنعتك في هذا الفن النزق… . وفي الحقيقة نجد أن الكاتب يسلط الضوء على هذه الواقعية الصادمة ، بعد أن قام بتوزيعها على هذه المساحة وتلك في الكثير من قصصه ورواياته. ويشير غزالي، في مناسبة أخرى، الى قصة فايروس العته التي تضمنتها هذه المجموعة، بالقول أعجبني هذا الاستمزاج لما يقع الآن من التهابات سرطانية في الكون الآدمي والذي يعزز الفكرة الصادمة لحادثة وجود الانسان الكارثية. هو استمزاج واقعي مأهول بطفرة سحرية، والنهاية كانت أجمل الحافلة التي تأخرت عن موعدها . وفي هذه القصة قام المؤلف بحركة التنقل بين مستويات الواقع عبر كابوس عن انتشار سريع لوباء فايروس العته الذي يجعل من الانسان دمية حيّة فاقدة للعقل و الصلات العميقة بالحياة والعالم. ونفهم في خاتمةهذه القصة أن العته متفاقم بلا فايروس أيضا.
AZP09



















