صدور كتاب عن التنويرية العربية والاستشراق الروسي

 

بيروت – الزمان

صدر كتاب جديد للدكتور زهير ياسين شليبه عن دار الأنام اللبنانية حمل عنوان: “في الأدب العربي. دراسات في التنويرية العربية والاستشراق الروسي”.

وقد قدم له الناقد العراقي فاضل ثامر الرئيس السابق لاتحاد الأدباء العراقيين والأكاديمي والمترجم الدكتور إسماعيل مكارم الاستاذ في جامعة كوبان الروسية

يقع الكتاب في 232 صفحة من الحجم المتوسط.

يقول الناقد فاضل ثامر عن هذا الإصدار:

تكشف دراسات الدكتور زهير شليبه في كتابه القيّم هذا عن انشغاله العميق بقضايا الاستشراق السوفييتي والروسي، وبشكل خاص في تركيزه على دراسة الأدب العربي عموماً، والأدب العراقي بالذات، كما ينطوي على دراسات نقدية وأكاديمية ذات طابع تحليلي واستقصائي لمفهوم المراحل الأدبية وتطبيقاته على الأدب العراقي، وهو موضوع خلافي أثارَ عدة سجالات بين النقّاد والباحثين والمستشرقين.

ويتضمن الكتاب أيضاً حوارات خصبة ومثيرة مع مستشرقين روس وسوفييت ودنمركي، فضلاً عن مقابلة قديمة (1980) ونادرة وغنيّة بالكشوفات والاعترافات مع الروائي العراقي الراحل غائب طعمه فرمان، سلّطت الضوء على المؤثّرات الأجنبية في إبداعه، مثل تأثره بالروائيين مكسيم غوركي وإغنازيو سيلوني وآرثر ميلر. وأشارَ غائب ط. فرمان إلى إمكانية تأثره جزئيّا من حيث التكنيك بالصخب والعنف لوليم فوكنر، رغم أنه أكّدَ عدم إعجابه بها واعتبر فكرة تأثره به تعسفيةً.

يكشف الباحث والناقد د. زهير شليبه في كتابه الموسوعي هذا عن جهد نقدي وثقافي كبير ويؤشّر تبلور شخصية نقدية وفكرية مثابرة، تجمع بين الانضباط الأكاديمي في البحث العلمي وانفتاح جريء على الاتجاهات والتجارب النقدية الحديثة.

وكتب الدكتور إسماعيل مكارم أستاذ اللغة العربية في جامعة كوبان الروسية عن هذا الكتاب:
إننا بأمس الحاجة اليوم إلى الكتابة الأكاديمية عن موضوعات الأدب الحديث وتأريخه والنتاجات الأدبية، التي يحلّلها النقد الأدبي ويُقيّم أهميتها ويدرسُ طبيعتها اللغوية والأسلوبية، وأسباب نجاحها وإخفاقها.

وهذا بالضبط ما قام به الناقد د. زهير شليبه مستعيناً بأدواته النظرية التي تعلّمها في دراسته الجامعية كما نرى من عناوين مقالاته التي يضمّها كتابُه الحالي، مثل “النثر العراقي المعاصر في الاستشراق السوفييتي، حول مراحل تطور النثر العراقي الحديث، حول المؤثرات الأدبية في أدب غائب طعمة فرمان، حوار مع الروائي غائب طعمة فرمان، وأطاريح دكتوراه عن الأدب العربي الليبي (رسالة دكتوراه عن الشاعر الليبي أحمد رفيق المهدوي، أعمال الكاتب الليبي علي المصراتي في أطروحة للمستشرق فريد أسدّ اللين)، كتابان في الأدب العربي باللغة الروسية، المفردات العاطفية في الشعر العربي الوجداني. إضافة إلى حوارات مع المستعرب الدنمركي كارل جي. براسّه ورئيس جمعية النقّاد العالمية روبير أندريه ومستعربات مثل أولجا فرولوفا وآنّا دولينينا، مترجِمةِ المعلقات العربية إلى الروسية، وفاليريا كيربيتشينكو.

وهناك مقالات اعتمد فيها الكاتب على مفاهيم النقد المقارِن كما يبدو من عناوينها مثل: “تأثير الآداب الأوروبية في بواكير التنويرية العربية ومقارنة بين التنويريتين العربية والغربية، ومصطلح “التشابه النمطي التايبولوجي” بين الظواهر الأدبية في الآداب المختلفة التي تفيد الطلّاب الجامعيين في مواد مثل النقد الأدبي والأدب المقارن والأدب العربي الحديث. يتميز د. زهير شليبة بالموضوعية، والسلاسة، معتمداً على المصدر الموثق، مبتعداً عن الإنشائية، فهي لا تدور حول الأشخاص، بل عن نتاجاتهم الإبداعية والظروف الموضوعية والذاتية.

ورغم قساوة الغربة التي عاشها زميلُنا زهير شليبة، لكنه أتحفنا بكتبه عن “غائب طعمة فرمان” 1996، و”ميخائيل باختين”، ومجموعة قصص “كوابيس المنفى”، و”مختارات من الشعر الدنمركي”، و”أنطولوجيا الشعر الدنمركي” و”محاكاة ساخرة الفطحل”، و”قصص أفريقية مترجمة”، إلى جانب “مقالات في السرد العربي المعاصر”. وسردية “جودليّا- رسائل من زمن الحصار لكاتب مجهول” اطّلعنا على بعض فصولها في صحيفتَي “المثقف” الإليكترونية ونُشرت أجزاءٌ منها في صحيفة “العالم” العراقية، وتُرجمت بعضُ فصولها إلى الدنمركية. وستصدر له قريباً رواية أخرى مكرسةً للعراقيين في الغربة.

بقي الشاب زهير شليبة يعيش في الغربة بعد حصوله على الدكتوراه في “أدب شعوب الشرق” (الأدب العربي الحديث والمعاصر والمقارن) من معهد الاستشراق بموسكو عام 1984، ولمّا كان طريق العودة إلى وطنه مسدودةً اضطرَّ للعمل أستاذاً جامعياً خارجَه، ووجد مكاناً آمنا تحت الشمس للعمل والعيش في الدنمرك منذ أكثر من ثلاثة عقود، فتبلورت وتطورت شخصيته كباحث موهوب ورجل علم.

يُغني الأديب زهير شليبة اليوم قرّاءَه على صفحات (المثقف) وغيرها بدراساته المتميزة. إن هذا الكتابَ عملٌ ممتاز، يُثري منهج البحث في تاريخ الأدب العربي الحديث، والمقارن. وسيرفدُ المكتبةَ العربيةَ بمفاهيم جديدةٍ عن النقد الادبي، ولا أرى غرابةً في هذا الأمر، فقد تتلمذ مؤلّفُه على أيدي كبار الباحثين والأساتذة الروس في فترة دراساته الأكاديمية. وأود أن أنهي مقدمتي القصيرة هذه بالقول: إن الأديبَ في مشرقنا العربي رسولُ أفكارِ نيّرةٍ، وحامل قنديل التنوير ومجاهد كي تعم المعارف ويغيب الجهل والفكر الغيبي القرووسطي.
أرجو للدكتور زهير ياسين شليبة بلوغ النجاح في عمله الباهر.

ويقول الكاتب د. زهير في مقدمته لكتابه الجديد:

“في الأدب العربي. دراسات وحوارات عن التنويرية والاستشراق الروسي”:
اخترتُ هنا لقرّاء العربية بعضَ دراساتي القديمة من الثمانينات التي تركز حول الأدب العربي الحديث والتنويرية العربية، وأخرى مكرسة للنثر العراقي والعربي في الاستشراق الروسي.

من خلال استعراض أغلب أطروحات مستشرقين روس مكرسة للأدب العراقي والعربي ومراحلهما، ونشأة الرواية العربية وتطورها كما يبدو ذلك أيضاً واضحاً من حوارات مهمة مع مستشرقات روسيات مرموقات كرّسن دراساتهن لقضايا الأدب العربي الحديث من منطلقات نقدية أكاديمية موضوعية ومقارِنة.

وبدا حضور مفاهيم النقد المقارن واضحاً في مقال “المؤثرات الأجنبية في أدب غائب طعمه فرمان” وحوار قديم معه، عملتُ على بيان تأثره ببعض الروائيين الغربيين ورفضه لفكرة تأثره بأدب الأميركي وليم فوكنر كونه لم يكن معجباً به أبداً.

الأمر نفسه أكّده لي أيضاً الروائي الراحل فؤاد التكرلي في لقاءاتنا الشخصية اليومية أثناء إقامته في دمشق قبل عودته إلى بغداد.
وركزتُ هنا على مبدأ “التشابه النمطي التايبولوجي” بين كتّاب من مختلف الآداب القومية بسبب تشابه الظروف الموضوعية وليس دوماً وبالضرورة بسبب اطّلاع الكتّاب على أعمال بعضهم بعضاً، ولهذا ارتأيتُ أن أترجمَ هذا المصطلح الشائع في الأدب المقارن الروسي.
يبدو ذلك واضحاً أيضاً في مقارنات التنويرية العربية بالأوروبية، التي اعتمدتْ عليها المستشرقة الروسية المعروفة آنّا أركادييفنا دولينينا.
إضافة إلى حوارين مهمين، الأول مع رئيس جمعية النقّاد العالمية الكاتب الفرنسي روبير أندريه، وآخر مع المستعرب الدنمركي البروفيسور كارل جي. براسّه ركّز على العربية الفصحى واللهجات والبربرية. ومقالات عن بعض شعراء الحداثة، والتنويري المصري رفاعه رافع الطهطاوي، ودور الأدب الجنوب أفريقي في النضال ضد العنصرية، حيث جرى التركيز على دور الرواية في الصراع السياسي بدون التأثير سلباً على مستوياتها الفنية.

هذه الدراسات ستكون خير عونٍ لطلبة الجامعات الذين يدرسون الأدب العربي الحديث والمعاصر والأدب المقارن.

 

مشاركة