بشرى البستاني.. أعمال شعرية
شهرزاد تروي المكابدات
بيروت الزمان
صدرت مؤخرا الأعمال الشعرية 1973 2010 للأكاديمية العراقية الناقدة والشاعرة بشرى البستاني في مجلد احتوى 694 صفحة من الحجم المتوسط ، وضم تسعة دواوين هي على التوالي مخاطبات حواء، أندلسيات لجروح العراق، مواجع باء عين، مكابدات الشجر، البحر يصطاد الضفاف، أقبّلُ كفَّ العراق، زهر الحدائق، الأغنية والسكين، ما بعد الحزن.
وتتسم مجموعات البستاني بالمقدرة على تأشير تطور حثيث عبر مسيرة مخلصة للشعر وفنون تشكله، دفعته للأمام معرفية مدركة بأهمية الحداثة التي تتصل بجذور ألقها التراثي، وبأهمية اتصال الشعر بواقعه وبمعاناة إنسانه وأرضه ومواكبة نكباته وخسائره وطموحه وأماله، متسلحة من خلال انهماكها بهموم وطنها، بالحلم والإيمان اليقيني بالغد الأبهى مهما احتدم الظلام، وقد كتب الناقد العراقي الدكتور حاتم الصكر عن الأعمال يقول ….
بشرى البستاني» حواء في المخاطبات تسجل للرجل ما يعنيه لوجودها، لكنها تأخذ دور شهرزاد، فتروي ثم تصمت انتظارا لمصير تهيؤه الهاوية، ويحف به ذئب مترصد بصمتها؛ فتتحداه ببوحها وإفصاحها الذي حملته النصوص لكنني سأدع القارئ يكتشف بنفسه ما انطوى عليه هذا الشعر من حداثة في الرؤية والفن معا، والحرية التي تنشدها الشاعرة لذاتها ووطنها، وتجسدها في اختيار الأشكال الشعرية دون حرج، فتجد الشعر الحر وقصيدة النثر معا. . فتتنوع المعالجات تبعا لذلك ولا تتكرر المحمولات الرمزية بل تتعدد صياغاتها ودلالاتها وزوايا النظر فيها. وهو ما يحسب للشاعرة جزءا من تميزها ومثابرتها الشعرية، وإيمانها بأهمية البوح والإفصاح معادلا لوجودها كله ..
وعلى الغلاف الآخير يواصل الصكر قائلا
أن الثنائيات هي أكثر المهيمنات السيميولوجية عبر الديوان. إنها تبث إشارات قابلة للتعين والإيحاء بما لدى الشاعرة من معاناة وروح كفاحية وإرادة تؤكدها زوايا التقائها بموضوعاتها.
وحتى بالعودة إلى أشعار قديمة زمنيا عن تاريخ إصدار هذا العمل سنجد تلك الثنائيات حاضرة بوضوح، ومنها عنوان ديوانها الأول الاغنية والسكين.فالإشارة القوية على مستوى الدلالة هي للأغنية بما أنها إعلاء للشعور الإنساني والفرح والبهجة الذاتية ، بينما تقابلها السكين بما تعنيه من عنف وموت محتمل وقسوة.
وفي ثنايا ديوانها سنجد تشكلا لتلك الثنائيات بتنويعات مختلفة سأشير إلى بعضها مثل الوردة والجرح، والذبح والسكين، النجم والهاوية أو الذئب والهاوية في صياغة اخرى .
اللافت في تلك التمثيلات هو الشعور بالعنف المسلط على المرأة والرجل وترحيله رمزيا إلى موجودات ومخلوقات اخرى كالوردة مثلا وهي مؤنثة كذلك، لكن ثنائية الذئب والهاوية أشد الإشارات دلالة؛ لما تعنيه الهاوية من نهاية مأساوية يذهب إلى قرارتها ذلك الذئب الذي يتربص بأحلام الشاعرة وآمالها، لكن ما ينتظره من مصير تهيئه له أنثى الهاوية.رغم ذلك تصبح الهاوية في واحد من النصوص القصيرة للشاعرة خطرا يحدق بالأنثى أيضا، لا يقل عن الذئب خطرا وهو يعيد إلى الذاكرة التناصية ما حذر طارق بن زياد جنده العدو من أمامكم والبحر من وراءكم
لا تتلفتي» وراءك ذئب» لا تتقدمي امامك هاوية » كيف ستفصح الوردة عن جرحها إذن؟ .
/5/2012 Issue 4194 – Date 8 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4194 التاريخ 8»5»2012
AZP09