طرائق العرض الفني محور محاضرة
الترتيب الزمني و الموضوعي للأعمال يخلق سرداً متكاملاً
بغداد – علي إبراهـيم الدليمي
تتواصل الفعاليات الثقافية والجمالية في قاعة إيوان للفنون ببغداد، حيث استضافت القاعة مؤخرا محاضرة بعنوان (طرائق العرض الفني في الفنون التشكيلية).
بحضور نخبة من الفنانين والمثقفين.وتأتي هذه المحاضرة ضمن جهود القاعة المستمرة لتقديم محتوى ثقافي وفني هادف، يُسهم في إثراء المشهد الفني العراقي ورفع الوعي بأهمية الجوانب المتعددة للفنون التشكيلـــــية.
و ألقى المحاضرة الاكاديمي قيس عيسى، متناولا الأساليب والتقنيات المتنوعة لعرض الأعمال الفنية، ودورها في إبراز جماليات العمل وإيصال رسالة الفنان إلى المتلقي. فيما أدار الجلسة محمد الكناني، الذي أثرى النقاش وطرح الأسئلة التي تخدم محاور المحاضرة.
كما كانت مداخلة أكاديمية من قبل كل من التشكيليين سلام جبار، و فاخر محمد، اللذين أثريا المحاضرة بمعلومات متممة ومتكاملة.
ويُعد العرض الفني جزءا لا يتجزأ من العملية الإبداعية في الفنون التشكيلية، فهو ليس مجرد وسيلة لعرض الأعمال، بل هو فن بحد ذاته يساهم في إيصال رسالة الفنان، ويُثري تجربة المتلقي، ويُضفي بُعدا جديدا على العمل الفني نفسه. وإن طريقة عرض اللوحة، أو المنحوتة، أو أي عمل تشكيلي آخر، قد تُغير جذريا من فهم الجمهور لها وتفاعلهم معها.
تتجاوز أهمية العرض الفني مجرد الجماليات؛ إذ تُسهم في تحقيق جملة من الأهداف:
*تعزيز الرسالة الفنية: يُمكن لطريقة العرض المتقنة أن تُبرز الجوانب التي يرغب الفنان في تسليط الضوء عليها، سواء كانت تقنية معينة، أو فكرة فلسفية، أو عاطفة معينة.
*إثراء التجربة الحسية: تؤثر الإضاءة، والمسافة، والترتيب، وحتى الخلفية، في كيفية إدراك العين للعمل الفني، مما يُعزز التجربة الجمالية للمشاهد.
*التفاعل مع السياق: يُمكن لطرائق العرض أن تخلق حوارا بين العمل الفني والبيئة المحيطة به، مما يُضفي عليه أبعادا جديدة تتجاوز حدود إطاره المادي.
طرائق شائعة
*جذب الانتباه وتوليد الاهتمام: يمكن للعرض الجيد أن يُحوّل العمل الفني من مجرد قطعة معروضة إلى نقطة جذب رئيسية، مما يُثير الفضول ويُشجع على الاستكشاف.
وتتنوع طرائق العرض الفني وتتطور باستمرار، وتشمل بعضا من أبرزها:
*العرض التقليدي في المعارض والمتاحف: يعد هذا النمط هو الأكثر شيوعا، حيث تُعلّق اللوحات على الجدران، وتوضع المنحوتات على قواعد عرض، هنا تلعب الإضاءة دورا حاسما في إبراز التفاصيل والألوان، كما يُراعى الترتيب الزمني أو الموضوعي للأعمال لخلق سرد متكامل. غالبا ما تُستخدم الألواح التفسيرية لتقديم معلومات إضافية عن العمل والفنان.
*التركيب الفني يخرج هذا النمط عن حدود العرض التقليدي ليُحوّل الفضاء بأكمله إلى عمل فني. هنا، لا يقتصر الأمر على عرض قطع فنية منفصلة، بل يتم دمج عناصر مختلفة مثل الضوء، والصوت، والأشياء اليومية، لخلق تجربة غامرة تُحيط بالمتلقي وتُشركه في العمل. يتطلب التركيب الفني فهمًا عميقا للفضاء وكيفية التلاعب به لخلق الأثر المطلوب.
*العروض الرقمية والتفاعلية: مع التطور التكنولوجي، أصبحت الشاشات الرقمية والإسقاطات الضوئية جزءا أساسيا من طرائق العرض. تُتيح هذه التقنيات للفنانين تقديم أعمال تفاعلية تتجاوب مع حركة الجمهور أو لمساتهم، مما يُضفي بُعدًا ديناميكيًا وتشاركيًا على التجربة الفنية. كما تُتيح العروض الرقمية إمكانيات غير محدودة في تغيير الألوان والأشكال والمؤثرات البصرية.
*فن الشارع وفن الأماكن العامة: يُقدم هذا النمط الفن مباشرة إلى الجمهور في الفضاءات الحضرية، سواء كانت جداريات عملاقة، أو منحوتات عامة، أو تدخلات فنية مؤقتة. يُغير فن الشارع من مفهوم العرض التقليدي، حيث يُصبح العمل الفني جزءا من النسيج اليومي للمدينة، ويُمكنه التفاعل مع البنية التحتية والمجتمع المحلي بطرق غير متوقعة.ويتأثر اختيار طريقة العرض بعدة عوامل منها طبيعة العمل الفني اذ تتطلب اللوحة الزيتية عرضا مختلفا عن عمل تركيبي متعدد الوسائط، أو منحوتة ضخمة.