تلك الكتب
إصدارات الموضوع العراقي
لم يشهد العراق طوال تاريخه اهتماما بالموضوع العراقي كما هو حال المرحلة الراهنة، اذ تستمر وتتزايد الدراسات والابحاث عن العراق في مختلف الجوانب والميادين، وتزامنا معها، وتحفيزا لها، وتفعيلا للمزيد منها تستمر وتتزايد المؤتمرات والندوات والحلقات النقاشية ذات الموضوع العراقي، واذا كانت بعض المراحل السابقة قد شهدت بعض الاهتمام بالموضوع التاريخي العراقي، وتوجها نحو توثيق مذكرات بعض الشخصيات العراقية، وتوثيق الكثير من المعلومات عن واقع ومتغيرات السياسة في العراق فان المرحلة الراهنة شهدت اضافة الى الدراسات والابحاث التاريخية والسياسية اهتماما بالدراسات والابحاث الاجتماعية والاقتصادية السكانية والثقافية والمدنية، وصدرت كتب عن مناخ العراق وعن واقع وتاريخ مختلف فئاته وشرائحه السكانية، وعن محافظاته ومدنه ومناطقه الزراعية، وما عاش من اوضاع ومتغيرات في المراحل السابقة.
واذا كانت بغداد تسيطر على اغلب الدراسات والابحاث العراقية فان المرحلة الراهنة شهدت صدور كتب عن مدن عراقية عديدة، مثل الموصل والبصرة والنجف وبابل وكربلاء وغيرها، وبعض المدن العراقية شهدت صدور كتب عن تاريخها وتطورها، وعن واقعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والجغرافي، وعن اثارها، وحركتها الادبية وادوارها في الثقافة العربية. وذلك لم يحدث دون اسباب معينة، وإنما لاسباب عديدة تتمثل بما يأتي:-
1. وجود جامعات ومراكز ابحاث في جميع المحافظات العراقية حيث تولي هذه الجامعات والمراكز اولوية لدراسة المواقع التي تتواجد فيها من مدن ومن موضوعات مختلفة.
2. محاولة كل مدينة عراقية ان توثق وتدرس ما يتعلق بها من تاريخ واثار واوضاع ومتغيرات اجتماعية واقتصادية واثارية خاصة وان بغداد لم تعد كما هو حالها في المراحل السابقة المهيمنة على حركة البحث والتاليف، وانما اصبح بامكان اية مدينة ان تمارس ذلك اعتمادا على امكاناتها الذاتية والمتوفر من التقنيات الحديثة.
3. محاولة كل محافظة لان يكون لها دورها في الواقع الثقافي، وتفعيل هذا الواقع من خلال اقامة المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية والنقاشية ومن خلال طبع ما يتوفر من نتاجات الادباء والمؤرخين والعلماء.
4. ومن العوامل الاخرى تخصيص مناسبات معينة لمحافظات معينة، مثل مناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية والنجف عاصمة للثقافة الاسلامية، واختيار محافظات اخرى عوالم للثقافة العراقية حيث يتم في هذه المناسبات طبع ابحاث ودراسات تكون في غالبيتها مكرسة لموضوعات عن امكنة ونتاجات معينة.
5. ان المرحلة الراهنة تشهد تنافسا بين المحافظات في مختلف المجالات حيث ينعكس ذلك على الميادين الثقافية والعلمية، ومحاولة كل محافظة لان تكون متميزة في هذا الجانب.
6. ان الظروف السياسية للعراق، واهتمام العالم به سياسيا عزز من التوجه نحو دراسته في مختلف الحقول والميادين.
ويشير هذا الاهتمام بالموضوع العراقي الى غنى العراق بالمضوعات المختلفة والى استحقاقه بوصفه مبدع الحضارة الانسانية الاولى، والى عمق ارتباط المثقف العراقي بوطنه وتاريخه، ولكن المطلوب في هذه الظاهرة الايجابية الوطنية العلمية والثقافية ألا تكون مقتصرة على المثقفين فقط، وانما ان تكون منفتحة على جميع العراقيين، وان تقود الى المزيد من الحوار والتفاعل والتضامن، والى وقوف العراقيين صفا واحدا في مواجهة الطائفية والعرقية، ومواجهة مختلف التيارات والاطماع التي تحاول النيل من وحدة العراق والعمل من اجل تجزئته وتقسيمه.
وينبغي تعزيز السياسة في هذا الاهتمام، وان تكون عراقية اصيلة كما هو حال الثقافة وان تجسد عمق وقوة الوحدة الوطنية العراقية.
رزاق إبراهيم حسن