النقيب وإنفعالات السياسيين
شيء من الحرج يصيبنا عندما نتابع مواقف وتصريحات السياسيين العراقيين، فلغة الاتهام، والشتائم الضمنية والصوت العالي، أصبحت من سماتهم برلمانيين وحكام، وكأنهم يريدون بذلك أن يوصلوا لشعوب العالم، بأننا كعراقيين نفتقد إلي لياقة وفن الحديث ومستلزمات التوضيح والرد، إلا بالصراخ والتهديد والاتهام، ومثل هذه اللغة قد غادرتها حتي قساوسة واساقفة الكنائس في القرون الوسطي، وحاخامات اليهود في زمن النبي زكريا عندما حاولوا كعادتهم التشكيك بولادة مريم العذراء، والحق الإلهي للنبي عيسي .
فمن يتابع لقاءاتهم وتصريحاتهم علي شاشات الفضائيات وما أكثرها، يستطيع أن يسجل بوضوع تلك اللغة، بحيث بتنا نعرف عندما نسمع من بعيد بأن المتحدث هو فلان، فلا داعي لمتابعة حديثه لأنه لايخرج عن كونه سلسلة متصلة من إلقاء اللوم علي الأخرين واتهامهم بضياع العراق وصولاً للتهديد بحرب طائفية، واصبح المحاورون لايحتاجون لفن الحوار ولا للغة الكشف عن المضمون، فهؤلاء الرجال وغيرهم مستعدون للكشف عما تخزنه عقولهم الباطنية بسهولة والانتقال لشتم واتهام من يختلفون معهم بأسرع من شربة الماء .
المشكلة هنا ليست في هؤلاء فقط، وإنما في بعض كتاب الاعمدة في بعض الصحف العراقية، فهؤلاء يتصورون بانهم يصوغون احرف القرأن للقراء، وليست كتابات أقل مايقال عنها تفوح منها رائحة الطائفية النتنة، فلم يتورعوا عن قول هؤلاء، كأن المواطنة والوطنية العراقية إنتفت من قاموس هؤلاء الكتاب، ويريدون العودة بنا إلي داعس والغبراء .
كنا ولازلنا نتمني أن نسمع من الأخرين، بأن سياسيونا يتقنون فن الكلام، ومهما أشتدت الخلافات بينهم، وهذه حالة طبيعية في العمل السياسي، يبقون علي توازنهم، ولكن المشكل هنا غير ذلك، فهم يحولون الخلافات إلي عداوات ويحاولون بكل الوسائل نقلها من حواضنهم السياسية إلي الشارع العراقي، ويريدون بكل الوسائل المتاحة لديهم أن يصطدم الشارع بين هذه الجبهة وتلك، لكي يثبتوا للأخرين بأن قوة ضغطهم قادرة لتخريب أي شيء إذا ماتحققت مشاريعهم واهدافهم، وهذا السلوك السياسي الغوغائي هو الذي جعل سليماني قائد الحرس الإيراني يتحدث عن العراق وكأنه وصياً عليه، وجعل من رئيس وزراء تركيا أردوغان يهدد بالتدخل فيما إذا نشبت حرب اهلية، وجعل من حدود ومطارات بعض البلدان العربية تسأل العراقي من أي طائفة أنت، ولايكفيها جواز سفره وهويته ..؟ .
ويمكننا القول توكيداً علي الواقع الشعبي العراقي، إن الذين يتحدثون بأسم الجهة ليس بمقدورهم بالمطلق تحريك الشارع فيها لأنه شارع وطني عراقي بالصميم وهو لاينقاد لتلك الكتل والاحزاب والكيانات التي أثبتت السنين الماضية انها لايهمها سوي مصالحها ومايمكن أن تكسبه من حواضرها السلطوية، كذلك الحال بالنسبة للشارع الأخر فهو وطني عراقي بالمطلق، لاتستطيع أي جهة وحزب وكيان أن تدفعه للصدام مع أهله، وأن هؤلاء الذين يتحدثون أو يراهنون علي أنه شارعهم، فهم مفلسون تماماً، لكون هذا الشارع أدرك ويدرك يقيناً بأن العراق لشعبه بكل فصائله الاجتماعية وقومياته المتأخية، وليس لهذه الجهة أو تلك، وهذه السنوات تحكي قصة التراجع في البني التحتية للمدن وفي الحياة العامة والمعيشية للناس، وإذا أردنا أن لانبتعد كثيراً، فأن الذي يستطيعون تحريكهم من كلا الطرفين هم هؤلاء المعتاشين علي بقايا الولائم، والذين يجعلون من البنادق المخفية وسيلة للأرتزاق ليس إلا .
إتركوا لغة الخطابات النارية في الفضائيات وفي مابينكم، وتحدثوا بهدوء مثلما يفعل نقيب الصحفيين، فمهما كتب ضده أو عنه فهو لايخرج عن لغة الكلام الهادئ المتوازن، رغم إدراكه بأن حقوق الصحفيين لم تتحقق وأن ماقيل من المسؤولين لاتعدو كونها شعارات تطرح ثم تتبخر، فيما يمكن القول إن نقابة الصحفيين تمكنت خلال الفترة الماضية أن تعقد مؤتمرات صحفية عالمية وعربية في بغداد كان العراق محروماً منها لأكثر من 20 عاماً في حين هذه الكيانات والتكتلات والاحزاب والشخصيات لم تحقق مؤتمراً واحداً لصالح العراق اللهم سوي شر الملابس الوسخة علي حبال العراق في الداخل والخارج . نحن نتمني علي سياسيينا أن يتخلصوا من لغة الشتائم والتهديدات والكلمات النارية، وأن يمعنوا النظر بقضايا الناس ومصالح البلاد، وبدون ذلك فأن تقاعدهم يكفي لكي يكونوا امراء في بيوتهم ومناطق سكناهم اينما تكون ..
جاسم مراد
/2/2012 Issue 4116 – Date 7- Azzaman International Newspape
جريدة «الزمان» الدولية – العدد 4116 – التاريخ 7/2/2012
AZP02
وساطة الأزهر متأرجحة النتائج في منع الغاضبين من مهاجمة مبني الداخلية
وساطة الأزهر متأرجحة النتائج في منع الغاضبين من مهاجمة مبني الداخلية
تجهيز سجن طره لاستقبال مبارك وزوجته متخوفة من الإقامة الجبرية
القاهرة ــ الزمان
ساد الهدوء الحذر محيط وزارة الداخلية المصرية بعد ليلة من الاشتباكات المتقطعة استخدم فيها المتظاهرون الحجارة بينما استخدم الامن الغاز المسيل للدموع مما اجبر المتظاهرين علي الانصراف الي الشوارع الجانبية كما نجحت جهود عدد من مشايخ الازهر في اعادة الهدوء الي منطقة القائد ابراهيم ومصطفي كامل بالاسكندرية في الوقت نفسه قامت لجنة طبية مكونة من عدد من مستشاري مكتب النائب العام والادارة الطبية العسكرية بوضع خطة عاجلة خلال الاسبوعين القادمين لتجهيز سجن طره امنيا وطبيا لنقل الرئيس مبارك وقدرت تكاليف الاعداد بـ 1.5 مليون جنيه.
واوضح مصدر طبي في المركز الطبي العالمي الذي يعالج فيه حسني مبارك ان النائب العام طلب من اللجنة الطبية المكلفة بالكشف عليه ضرورة اعداد تقرير نهائي عن حالته الصحية وامكانية نقله الي مستشفي السجن نظرا الي التداعيات والازمة الراهنة التي تشهدها ميادين مصر عقب احداث بورسعيد مؤكدا ان اللجنة لم تنته من كتابه التقرير النهائي متوقعا ان يتم نقل مبارك الي مستشفي السجن خلال ايام قليلة جدا خصوصا ان حالته الصحية تسمح بنقله اذا توافرت غرفة في مستشفي السجن مجهزة كغرفة عناية مركزة.
مبارك يعاني حاليا من ارتفاع في ضغط الدم اضافة الي عدم انتظام في ضربات القلب وتوقف نشاط فايروس المخ هكذا يقول المصدر موضحا ان تلك الامراض تتم السيطرة عليها مشيرا الي ان سوزان ثابت متوترة جدا وقالت لمبارك “ما باليد حيلة الجميع بدأوا يتخلون عنا” سوزان ايضا لديها تخوفات من وضعها تحت الاقامة الجبرية بعد ان علمت ان هناك مطالب شعبية بذلك.
المصدر قال ان مبارك يرفض تماما فكرة الذهاب الي مستشفي السجن مؤكدا ان ذلك سيكون اخر يوم في حياته وهو يتحدث للمقربيين منه عن تاريخه وبطولاته في حرب اكتوبر واصراره علي البقاء داخل البلد وعدم تفكيره في الهروب منذ تنحيه ومفاجاته بان الاوضاع ستنتهي به في مستشفي السجن.
وفي السياق ذاته اعلن مساعد وزير الداخلية مدير مصلحة السجون اللواء محمد نجيب ان الداخلية تدرس توزيع علاء وجمال ابني الرئيس المخلوع حسني مبارك ورموز النظام السابق المحبوسين في سجن المزرعة بطرة علي عدد من السجون وذلك استجابة لمطالب القوي السياسية ونواب البرلمان التي تصاعدت بعدما تردد عن تورط قيادات النظام المخلوع في احداث بورسعيد الاخيرة. مشيرا الي ان قطاع السجون يقوم بالتنسيق مع وزارة الداخلية لتنفيذ ذلك في وقت قريب فيما اكد ان هناك شركة مقاولات تسلمت بالفعل مستشفي السجن لعمل الترميمات والانشاءات الخاصة بالمباني علي ان يتم تزويددها بالتجهيزت الطبية والاطباء اللازمين لتكون جاهزة لاستقبال الرئيس السابق بعد شهرين من الان. وقال في تصريحات خاصة لا نقبل ان يكون الموجودون في طرة من رموز النظام السابق يديرون شؤون البلاد ويدبرون المؤامرات كما تردد مؤخرا لانهم موضوعون تحت رقابة مشددة وممنوعون من الاتصال مضيفا: انا وزملائي وشرفاء الوطن من سيدفعون الثمن في حال وجود اي مخالفات مؤكدا ان مسؤول مسؤولية تاريخية عن اي تقصير او اهمال يحدث وقال: لن اغامر بسمعتي واسمي واسمح بايذاء الوطن او ان اخونه لافتا الي ان القوات المسلحة هي المختصة بتامين السجن جوا حيث لا توجد طائرات تدخل الي السجن الا بموافقة وبعلم القوات المسلحة وفي الغالب لا تدخل الطائرات ابدا الا لحالة الضرورة القصوي. وكشف نجيب عن ان قطاع السجون قام بعمل نظام جديد لمنع وقطع الاتصالات عن المحبوسين بسجن طرة عبر تركيب اجهزة تشويش علي التليفونات المحمولة مشيرا الي انه لا توجد سوي شبكة ارضية خاصة بمباحث وافراد امن السجن بالاضافة الي انه يتم التفتيش بصفة يومية علي جميع النزلاء لضبط ما بحوزتهم من مخالفات سواء كانت هواتف محمولة او اموال او مخدرات الي جانب الاجراءات التفتيشية المفاجئة التي تجريها وزارة الداخلية وخضوع السجون للاشراف القضائي حيث تقوم النيابة العامة بحملات تفتيشية مفاجئة علي السجون. من ناحية اخري طالب سياسيون بضرورة تطبيق قانون الغدر او افساد الحياة السياسية علي نزلاء طرة واتباع النظام السابق علي خلفية الاشتباه في تورطهم في مجزرة بورسعيد بعد ان ادلي المقبوض عليهم في الاحداث باعترافات للنيابة تؤكد تورط رجال النظام السابق من اعضاء الحزب الوطني والبرلمان ببورسعيد فضلا عن رجل اعمال عرف بصلته وصداقته بجمال مبارك. واكد السياسيون ان مصر اصبحت في قبضة القابعون بطرة حيث انهم يخططون لاحراق البلاد ولن يتركوها الا ارضا سوداء واشاروا الي ان حرق مصر وتدميرها كاملة لا يحتاج سوي ملايين قليلة مع بلطجية ماجورين بمبالغ زهيدة وان مجرمي طره اسقطوا الداخلية تماما ويبداون الان مع الجيش والشعب لاحراق البلاد.
وطالب عبد الغفار شكر «القيادي بحزب التحالف الاشتراكي» بضرورة تطبيق قانون الغدر او افساد الحياة السياسية علي نزلاء طرة المشاركين في مجزرة بورسعيد ورجال النظام السابق الطلقاء.
واضاف: الا ان القانون الحالي والذي اصدرة المجلس العسكري به الكثير من العيوب واهمها انه لم يعط النيابة العامه حق رفع الدعوي مباشرة بل اعطي هذا الحق والذي يعتبر مفتاح رفع الدعوي للمواطن المصري مطالبا اياه بجمع البيانات والادلة علي ذلك وهو ما يتعذر توفيره للمواطن العادي لذلك قد يكون الحل الوسط ان تسير تحقيقات النيابة كما هي الان في استجواب المتورطين وكل منهم سيكشف الاخر لنصل في النهاية الي الراس المدبر للمذبحة لتتم محاكمته وجميع من تورطوا في تنفيذها. كما يحق للمواطن رفع دعاوي قضائية ضد رجال النظام السابق في كثير من القضايا التي ارتكبوها اثناء الحكم السابق كتزوير الانتخابات ونهب اموال الشعب وذلك من خلال القضاء العادي علي ان تكون ادلتهم في الاتهامات ما ورد في وسائل الاعلام المقروءة والمرئية واحكام القضاء فيما يخص تزوير الانتخابات البرلمانية علي سبيل المثال. واقترح علي مجلس الشعب اصدار قانون جديد وصارم لمحاكمة كل من يشكلون خطرا علي الدولة باحكام رادعة بصفته المجلس المفوض من الشعب لتولي شؤون البلاد.
من جانبه اتهم حسين عبد الرازق «القيادي بحزب التجمع» المجلس العسكري بتفريغ قانون الغدر من اهدافه لعدم الزام النيابة بتحريك الدعوي وكان المجلس العسكري يقصد من ذلك حماية النظام السابق بقوة القانون والدفاع عنه وبالتالي جاء القانون دون قوة محاسبة المسؤولين عن الافساد السياسي وهو ما يجعله بعيدا كل البعد عن حل ازمة مذبحة بورسعيد الحالية.
جمال زهران «استاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس والبرلماني السابق» قال ان قانون الغدر لم يعد حلا فاعلا الان خاصة بعد ان استنفذ المجلس العسكري كل طاقتنا في المطالبه بالقانون ثم اصدرة بشكل يعرقل محاسبة المفسدين من رجال النظام السابق.
الفاسدين والمفسدين
وقال كما فعلنا في ايام الثورة الـ 18 من رفع سقف مطالبنا بعد رفض الرئيس المخلوع النزول علي ارادة الشعب حتي تم التنحي فسقف مطالبنا مع الثوار ارتفع مع محاكمة الفاسدين ليصل الي حد المطالبة بمحكمة ثورية يقوم مجلس الشعب بتشكيلها وتشمل جميع الفاسدين والمفسدين منذ العهد السابق حتي مجزرة بورسعيد وعلي مجلس الشعب ان يمتثل لارادة الشعب ويشكل هذه المحكمة بصفته الذراع اليمني للثورة وان لم يستجب للمطالب فسيقطع الشعب تلك الذراع التي لم تعبر عن الثورية الحقيقية التي مازالت مستمرة.
المستشار زكريا عبد العزيز «رئيس نادي قضاه مصر» اكد ان الاحداث التي تعيشها مصر حاليا لن يستفيد منها سوي من يجلس في مزرعة طرة ويقدم له جميع وسائل الراحة والامكانيات التي من خلالها يستطيع القيام بشق وحدة الصف المصري تحت مظلة وتغطية امنية كاملة من بقايا نظام داخل وزارة الداخلية. واشار عبد العزيز الي ان ما يحدث الان هو محاولة لاجهاض ثورة 25 يناير وقتلها واتاحة الفرصة امام من يريد الانقضاض عليها للحصول علي كل المكاسب لافتا الي ان بقايا النظام لم تستطع الثورة حتي الان القضاء عليها في مؤسسات الدولة والتي مازالت تديرها كما هو الحال ايام الرئيس المخلوع حتي مبارك دون ان يتغير شيء. واضاف ان تجدد الاحداث في الذكري الاولي للثورة له مدلول كبير علي ان مصر تسير في الاتجاه الخطا بدا منذ عمليات السطو علي البنوك مرورا باحداث بورسعيد وانتهاء حتي الان باحداث وزارة الداخلية التي ظن قادتها انهم يستطيعون ان يؤدبوا الشعب بعدم القيام بعملهم في الوقت الذي يحصلون فيه علي كامل حقوقهم المالية مشيرا الي ان حادث بورسعيد كشف الطريقة التي يفكر بها النظام السابق القابع بوزارة الداخلية.
وقال ان الايام العصيبة التي مرت بها مصر من عدم وجود امن في الشوارع كانت امنه وعندما عاد الامن اصبحت مصر بلا امان وشاعت الفوضي في كل مكان مضيفا احمل المسؤولية كاملة لكل من الداخلية والمجلس العسكري وكذلك الحكومة التي لم تقدم اي شيء. وتساءل الدكتور حسام عيسي «استاذ القانون الدولي» كيف يعقل بعد عام كامل علي قيام الثورة ان تصبح مهمة وزارة الداخلية الانتقام وقتل المتظاهرين والثوار مشيرا الي ان الداخلية موجودة ليس لتامين الوضع الداخلي ولكن لاشاعة الفوضي في مصر.
واشار عيسي الي ان الذين يجب ان بتحملوا المسؤولية كاملة هم من يقومون بادارة البلاد من حكومة ومجلس عسكري لا الشعب الذي يقتل ويضرب طوال الوقت وعلينا جميعا الوقوف في وجه من يريد قتلنا لا ان نغمض اعيننا ونقاتل بعضنا البعض.
/2/2012 Issue 4116 – Date 7- Azzaman International Newspape
جريدة «الزمان» الدولية – العدد 4116 – التاريخ 7/2/2012
AZP02


















