نواب وخبراء يدعون لقوانين تنظم العلاقة بين الصحافة والسلطات تجنباً للعقاب التعسفي

بغداد‭ – ‬عدنان‭ ‬أبوزيد

يواجه‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تحديات‭ ‬مركبة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الفرص‭ ‬والمسؤوليات،‭ ‬حيث‭ ‬تظل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬مكفولة‭ ‬دستورياً‭ ‬لكنها‭ ‬محدودة‭ ‬عمليًا‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬القوانين‭ ‬الواضحة‭ ‬والضغوط‭ ‬السياسية‭. ‬

وتبرز‭ ‬المفارقات‭ ‬بين‭ ‬النصوص‭ ‬القانونية‭ ‬وبين‭ ‬واقع‭ ‬ممارسة‭ ‬الصحافة،‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬الإعلاميين‭ ‬أمام‭ ‬اختبارات‭ ‬مستمرة‭ ‬بين‭ ‬المهنية‭ ‬والملاحقة‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬كشريك‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وكشف‭ ‬الفساد،‭ ‬لكنه‭ ‬يظل‭ ‬معرضًا‭ ‬للتهديد‭ ‬أو‭ ‬التضييق‭ ‬عند‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬حساسة‭. ‬

وتدعو‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الأطر‭ ‬القانونية‭ ‬لضمان‭ ‬حماية‭ ‬الصحفيين‭ ‬وتحديد‭ ‬حدود‭ ‬حرية‭ ‬الكلمة‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق،‭ ‬كما‭ ‬يشكل‭ ‬غياب‭ ‬التشريعات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬جرائم‭ ‬الإنترنت‭ ‬فراغًا‭ ‬يربك‭ ‬العمل‭ ‬الصحفي‭ .‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬تُظهر‭ ‬التجارب‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬نفسه،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الضغوط‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وهذا‭ ‬المزيج‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬والقيود‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬العراقي‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬الحرية‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬بما‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬دوره‭ ‬الرقابي‭ ‬ويخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة‭.‬

تهميش‭ ‬الأقلام‭ ‬والأصوات‭ ‬الحرة

وقال‭ ‬الكاتب‭ ‬والأكاديمي‭ ‬هاشم‭ ‬حسن‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭: ‬‮«‬لا‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬البيئة‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مشجعة‭ ‬للعمل‭ ‬الإعلامي‭ ‬الحر،‭ ‬ودليل‭ ‬ذلك‭ ‬تهميش‭ ‬الأقلام‭ ‬والأصوات‭ ‬الحرة‭ ‬واستقطاب‭ ‬العناصر‭ ‬والمنصات‭ ‬المنافقة‭ ‬والمجاملة،‭ ‬وتقريبهم‭ ‬إلى‭ ‬المناصب‭ ‬الاستشارية‭ ‬وإغراقهم‭ ‬بالامتيازات‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬تتبعه‭ ‬السلطات‭ ‬كافة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأحزاب‭ ‬والجهات‭ ‬المتنفذة‭ ‬سياسيًا‭ ‬واقتصاديًا،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬المهنية‭ ‬الصحفية‭ ‬ونشاط‭ ‬الصحافة‭ ‬المستقلة‮»‬‭.‬

واستطرد‭: ‬‮«‬النتيجة‭ ‬كانت‭ ‬تعزيز‭ ‬الصحافة‭ ‬الانعكاسية‭ ‬الدعائية،‭ ‬وإهمال‭ ‬الصحافة‭ ‬الاستقصائية،‭ ‬وقمع‭ ‬النقد‭ ‬والإعلام‭ ‬المستقل‭ ‬أو‭ ‬المعارض،‭ ‬ليصبح‭ ‬العمل‭ ‬الإعلامي‭ ‬الحر‭ ‬محدودًا‭ ‬ومهددًا‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬أي‭ ‬حماية‭ ‬للمهنية‭ ‬أو‭ ‬الاستقلالية‮»‬‭.‬

القضاء‭ ‬هو‭ ‬الفيصل

وقالت‭ ‬النائبة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬عالية‭ ‬نصيف‭ ‬لـ»الزمان‮»‬‭ ‬إن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحكمها‭ ‬القانون،‭ ‬وإن‭ ‬أي‭ ‬إشكالات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُحسم‭ ‬عبر‭ ‬القضاء‭ ‬فقط،‭ ‬مؤكدة‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬المحوري‭ ‬لمجلس‭ ‬القضاء‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬اتخاذ‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬وسيلة‭ ‬للتسقيط‭ ‬والتصفيات‭ ‬السياسية‭.‬

تكميم‭ ‬الأفواه

واعتبر‭ ‬النائب‭ ‬حسين‭ ‬عرب‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لـ»الزمان‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬تكميم‭ ‬أفواه‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬أيضاً،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حرية‭ ‬رأي‭ ‬حقيقية‭ ‬للصحفيين‭.‬

حرب‭ ‬الإعلام‭ ‬الإلكتروني

وقالت‭ ‬الخبيرة‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬إلهام‭ ‬خضير‭ ‬شُبّر،‭ ‬أن

الإعلامي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتقيد‭ ‬بضوابط‭ ‬أخلاقيات‭ ‬المهنة‭ ‬والموضوعية‭ ‬ويتبنى‭ ‬ثقافة‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي،‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يُدعى‭ ‬إعلامياً،‭ ‬فالإعلامي‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬همّ‭ ‬الأمة،‭ ‬فالصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬رسالة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مهنةوأضافت‭: ‬يواجه‭ ‬العراق‭ ‬حروباً‭ ‬مختلفة‭ ‬تستهدف‭ ‬أمنه‭ ‬واستقراره،‭ ‬وخاصة‭ ‬حرب‭ ‬الإعلام‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هدف‭ ‬الإعلام‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬الوطن‭ ‬وحقوقه،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعايش‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الوعي‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬الداعم‭ ‬للقضايا‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭.‬

‭ ‬وأضافت‭  ‬شبّر‭ ‬المتخصصة‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬السياحي‭ ‬أن‭ ‬يخدم‭ ‬الأهداف‭ ‬والمبادئ‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬خاصة‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تُعد‭ ‬سلاحاً‭ ‬ذا‭ ‬حدين‭ ‬ضد‭ ‬الجهات‭ ‬المعادية،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬أفراداً‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬أو‭ ‬الخارج،‭ ‬أو‭ ‬دولاً‭ ‬معادية‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينصب‭ ‬دور‭ ‬الإعلام‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬الفاسدين‭ ‬لا‭ ‬العكس،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬يُسمح‭ ‬له‭ ‬بتشويه‭ ‬مفهوم‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬الترويج‭ ‬لأفكار‭ ‬سياسية‭ ‬متعصبة‭ ‬لحزب‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬بما‭ ‬يزعزع‭ ‬أمن‭ ‬البلاد‭ ‬واستقرارها،‭ ‬ويغذي‭ ‬الفتن‭ ‬والاختلافات،‭ ‬والحملات‭ ‬الترويجية‭ ‬لأفكار‭ ‬مسمومة‭ ‬تزرع‭ ‬الفرقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نقل‭ ‬المعلومات‭ ‬والأخبار‭ ‬المفبركة‭.‬

واعتبرت‭ ‬شُبّر‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬العراقي‭ ‬يكفل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬للإعلامي‭ ‬والصحفي‭ ‬الحر‭ ‬الشريف‭ ‬الملتزم‭ ‬بقضايا‭ ‬وطنه‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه،‭ ‬ورأت‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬العيب‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬تكميم‭ ‬الأفواه‭ ‬والآراء‭ ‬ومحاصرة‭ ‬أفكار‭ ‬النخبة‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬الوطنيين‭ ‬أو‭ ‬اعتقالهم،‭ ‬لأن‭ ‬النتيجة‭ ‬ستكون‭ ‬بروز‭ ‬إعلاميين‭ ‬مرتزقة‭ ‬هدفهم‭ ‬مادي‭ ‬بحت‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬القضايا‭ ‬المصيرية‭ ‬للوطن،‭ ‬يلهثون‭ ‬وراء‭ ‬تزييف‭ ‬الحقائق‭ ‬والترويج‭ ‬لأخبار‭ ‬ومعلومات‭ ‬مغلوطة‭ ‬وسطحيّة‭ ‬تمليها‭ ‬عليهم‭ ‬سياسة‭ ‬الولاءات،‭ ‬بما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬وعقول‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬وخاصة‭ ‬الشباب‭. ‬يقول‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬مفوّضي‭ ‬هيئة‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصالات،‭ ‬هشام‭ ‬الركابي،‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭ ‬إن‭ ‬الهيئة‭ ‬مؤسسة‭ ‬مستقلة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬قطاعي‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصالات‭ ‬وفقا‭ ‬للقانون،‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بالجوانب‭ ‬السياسية‭.‬

وأضاف‭ ‬الركابي،‭ ‬أن‭ ‬قرارات‭ ‬المنع‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬الهيئة‭ ‬مؤخرا‭ ‬هي‭ ‬قرارات‭ ‬تنظيمية‭ ‬بحتة،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬عمل‭ ‬القطاع‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬مهام‭ ‬الهيئة،‭ ‬موضحا‭ ‬أنها‭ ‬تسترشد‭ ‬بلوائح‭ ‬السلوك‭ ‬الإعلامي‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بحقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬أو‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬وتمنع‭ ‬بث‭ ‬روح‭ ‬العنف‭ ‬والطائفية‭ ‬والكراهية‭ ‬والتحريض‭.‬

احصائيات

وفي‭ ‬العام‭ ‬2024،‭ ‬سجلت‭ ‬جمعية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬حادثة‭ ‬انتهاك‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة،‭ ‬شملت‭ ‬53‭ ‬حالة‭ ‬اعتقال،‭ ‬و6‭ ‬إصابات،‭ ‬و12‭ ‬هجومًا‭ ‬مسلحًا‭. ‬

وشهدت‭ ‬حرية‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تراجعًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬منذ‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬السلطات‭ ‬بحجب‭ ‬عدة‭ ‬مواقع‭ ‬إخبارية‭ ‬مستقلة،‭ ‬وتعرض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مستخدمي‭ ‬الإنترنت‭ ‬لأحكام‭ ‬سجن‭ ‬طويلة‭ ‬بسبب‭ ‬محتوياتهم‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭. 

‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الحالات‭ ‬البارزة،‭ ‬اعتقال‭ ‬الصحفيين‭ ‬الأربعة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬السليمانية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الكردية‭ ‬باعتقالهم‭ ‬ومصادرة‭ ‬هواتفهم‭ ‬وإغلاق‭ ‬مقر‭ ‬الموقع‭. ‬

ويتحدث‭ ‬الخبير‭ ‬القانوني‭ ‬علي‭ ‬التميمي‭ ‬لـ‭ ‬الزمان،‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬‮«‬من‭ ‬المهم‭ ‬جدًا‭ ‬وضع‭ ‬ضوابط‭ ‬صارمة‭ ‬للتمييز‭ ‬بين‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬والسب‭ ‬والقذف‭ ‬والتشهير‭ ‬بالآخرين‭ ‬أو‭ ‬التعدّي‭ ‬على‭ ‬خصوصياتهم،‭ ‬لأن‭ ‬غياب‭ ‬هذه‭ ‬الضوابط‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خلط‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬النقد‭ ‬البنّاء‭ ‬والإساءة‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬هيئة‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصالات‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬حرية‭ ‬الإعلام‭ ‬والسلوك‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للصحفيين،‭ ‬ويستند‭ ‬عملها‭ ‬إلى‭ ‬قواعد‭ ‬السلوك‭ ‬الإعلامي‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والدستور‭ ‬العراقي،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬المادة‭ ‬38‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬بشرط‭ ‬ألا‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬والقوانين‭ ‬والآداب‭ ‬العامة‮»‬‭. ‬واستطرد‭: ‬‮«‬تمتلك‭ ‬الهيئة‭ ‬آليات‭ ‬رقابية‭ ‬مثل‭ ‬قسم‭ ‬الرصد‭ ‬لتقييم‭ ‬المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬عند‭ ‬وجود‭ ‬مخالفات،‭ ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬التحذير،‭ ‬والإنذار،‭ ‬وطلب‭ ‬الاعتذار،‭ ‬أو‭ ‬فرض‭ ‬غرامات‭ ‬مالية،‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬تعليق‭ ‬الرخصة‭ ‬أو‭ ‬سحبها‭ ‬نهائيًا‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬قرارات‭ ‬الهيئة‭ ‬يمكن‭ ‬الطعن‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجلس‭ ‬خاص‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ‭’‬مجلس‭ ‬الطعن‭’‬،‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬قاضٍ‭ ‬ومختص‭ ‬قانوني‭ ‬وخبير‭ ‬في‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وتكون‭ ‬قراراته‭ ‬باتّة‭ ‬ونهائية‮»‬‭. ‬واستطرد‭ ‬التميمي‭ ‬في‭ ‬انتقاداته‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قانون‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لجرائم‭ ‬الإنترنت‭ ‬أو‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬فراغًا‭ ‬قانونيًا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خلط‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬النقد‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتقويم،‭ ‬وبين‭ ‬الانتقاد‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬للتشهير‭ ‬وتشويه‭ ‬السمعة،‭ ‬كما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬السب‭ ‬والقذف‭ ‬التي‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬العراقي‮»‬‭. ‬ويشير‭ ‬الإعلامي‭ ‬عقيل‭ ‬الشويلي‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬‮«‬البيئة‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬تجعل‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬محدودة،‭ ‬إذ‭ ‬يظل‭ ‬الصحفيون‭ ‬معرضين‭ ‬للملاحقة‭ ‬بسبب‭ ‬آرائهم‭ ‬أو‭ ‬نشرهم‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬ملفات‭ ‬حساسة‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬غياب‭ ‬قوانين‭ ‬واضحة‭ ‬لحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وجرائم‭ ‬الإنترنت‭ ‬يجعل‭ ‬الخط‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬النقد‭ ‬البناء‭ ‬والتشهير‭ ‬غير‭ ‬محدد،‭ ‬ويعرض‭ ‬الإعلاميين‭ ‬لمخاطر‭ ‬قانونية‭ ‬وأمنية‮»‬‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬يكشف‭ ‬الفساد‭ ‬أو‭ ‬الانتهاكات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بحماية‭ ‬واضحة،‭ ‬لأن‭ ‬محاسبته‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬مدنية،‭ ‬لا‭ ‬عبر‭ ‬التهديد‭ ‬أو‭ ‬الزج‭ ‬بالسجن‮»‬‭.‬

‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬الإعلام‭ ‬المستقل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬حرية‭ ‬حقيقية،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬المحاصصة‭ ‬الحزبية،‭ ‬ليؤدي‭ ‬دوره‭ ‬الرقابي‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‮»‬‭.‬

‭ ‬واستطرد‭: ‬‮«‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الإعلاميين‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬مهنتهم‭ ‬دون‭ ‬خوف،‭ ‬وضمان‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬المعلومة‭ ‬حرة‭ ‬وشفافة،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والمساءلة‮»‬‭.‬‭ ‬

التطبيق‭ ‬العادل‭ ‬للقانون

وقالت‭ ‬الإعلامية‭ ‬نبراس‭ ‬المعموري‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭: ‬‮«‬للأسف،‭ ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬ليست‭ ‬مدى‭ ‬جودة‭ ‬القوانين‭ ‬السارية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬تحمي،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬نفاذ‭ ‬واحترام‭ ‬للقانون‭ ‬وهل‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقه‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭ ‬أم‭ ‬هناك‭ ‬تمييز‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المنصب‭ ‬ومن‭ ‬يلتزم‭ ‬من؟‭ ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬أجد‭ ‬أن‭ ‬حتى‭ ‬القوانين‭ ‬السارية‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬حماية‭ ‬حقيقية‭ ‬للصحافيين،‭ ‬بل‭ ‬تُستخدم‭ ‬أحيانًا‭ ‬كأدوات‭ ‬بيد‭ ‬السلطة‭ ‬لملاحقة‭ ‬الأصوات‭ ‬الحرة،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬التشريعات‭ ‬غامضة‭ ‬ومطاطة‭ ‬وتفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الضمانات‭ ‬الدستورية‭ ‬الكافية‭ ‬لحرية‭ ‬التعبير‭ ‬والإعلام‮»‬‭.‬

‭ ‬وأضافت‭ ‬رئيسة‭ ‬منتدي‭ ‬الاعلاميات‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬عديدة‭ ‬بينت‭ ‬أن‭ ‬الصحفي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لا‭ ‬يواجه‭ ‬فقط‭ ‬تحديات‭ ‬المهنة‭ ‬ومدى‭ ‬التزام‭ ‬المؤسسة‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬ومستلزماتها،‭ ‬بل‭ ‬يواجه‭ ‬أيضًا‭ ‬خطر‭ ‬الملاحقة‭ ‬والتخوين،‭ ‬وحتى‭ ‬التهديد‭ ‬المباشر‭ ‬بسبب‭ ‬نشره‭ ‬لمعلومة‭ ‬أو‭ ‬رأي‭ ‬عبر‭ ‬صفحاته‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬والبيئة‭ ‬الإعلامية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬خاصة‭ ‬لمن‭ ‬يلامس‭ ‬الملفات‭ ‬الحساسة‮»‬‭.‬

‭ ‬واستطردت‭: ‬‮«‬سجن‭ ‬الصحفيين‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬صارخ‭ ‬للحريات،‭ ‬وللأسف‭ ‬نقابة‭ ‬الصحفيين‭ ‬لم‭ ‬تبذل‭ ‬جهدًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭ ‬كونها‭ ‬كانت‭ ‬انتقائية‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المساندة‭ ‬أو‭ ‬الدفاع،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تبرير‭ ‬السجن‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ذريعة‭ ‬مهنية،‭ ‬فيما‭ ‬التجاوزات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُعالج‭ ‬ضمن‭ ‬الأطر‭ ‬النقابية‭ ‬والقانونية‭ ‬المدنية،‭ ‬لا‭ ‬عبر‭ ‬تقييد‭ ‬الحريات‭ ‬والزج‭ ‬في‭ ‬السجون‮»‬‭.‬‬

وأشارت‭: ‬‮«‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬يكشف‭ ‬الفساد‭ ‬يُلاحق،‭ ‬بينما‭ ‬الفاسد‭ ‬يُكرَّم‭ ‬أو‭ ‬يُنقل‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬جديد،‭ ‬وهناك‭ ‬خلل‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬المعايير،‭ ‬وكأن‭ ‬الجهات‭ ‬النافذة‭ ‬وشخصيات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وأحزاب‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الصحفي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬المشكلة،‭ ‬وليس‭ ‬الفساد‭ ‬الذي‭ ‬كشفه‮»‬‭.‬

‭ ‬وقالت‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬البيئة‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬طاردة‭ ‬للكفاءات‭ ‬ومحبطة‭ ‬للطاقات،‭ ‬خاصة‭ ‬الرسمية‭ ‬منها،‭ ‬لأنها‭ ‬ظلت‭ ‬مرهونة‭ ‬للمحاصصة‭ ‬والتحزب،‭ ‬وهناك‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭ ‬متكررة‭ ‬لدى‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الذين‭ ‬يصطدمون‭ ‬بواقع‭ ‬الرقابة‭ ‬والضغوط‭ ‬وانعدام‭ ‬الحماية‭ ‬والتمييز‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬القرب‭ ‬والعلاقات‭ ‬مع‭ ‬المتنفذين‭ ‬والأحزاب‮»‬‭.‬

‭ ‬واختتمت‭ ‬تصريحها‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬هي‭ ‬مفارقة‭ ‬موجعة‭ ‬تكشف‭ ‬حجم‭ ‬الهوّة‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬والممارسة‭ ‬الفعلية،‭ ‬والديمقراطية‭ ‬لا‭ ‬تُقاس‭ ‬باللافتات،‭ ‬بل‭ ‬بالمساحات‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬للرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬وبقدرة‭ ‬الإعلام‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خوف،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬كان‭ ‬واضحًا‭ ‬ومنح‭ ‬حرية‭ ‬الإعلام‭ ‬والتعبير،‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬هناك‭ ‬خلط‭ ‬للأوراق‭ ‬واضح‭ ‬ومقصود،‭ ‬وحتى‭ ‬انتشار‭ ‬منتجي‭ ‬المحتوى‭ ‬السيء‭ ‬يُعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يدعم‭ ‬هذا‭ ‬الشيء‭ ‬حتى‭ ‬يضيع‭ ‬الخابل‭ ‬بالنابل‭ ‬وتذوب‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬بحرية‭ ‬بديلة‭ ‬تُصبح‭ ‬لاحقًا‭ ‬حجة‭ ‬للتقييد‮»‬‭.‬

الوجه‭ ‬الآخر

‭ ‬وقال‭ ‬الكاتب‭ ‬والمهندس‭ ‬محمد‭ ‬زكي‭ ‬إبراهيم‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭: ‬‮«‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬للظاهرة،‭ ‬فقد‭ ‬تعرض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬للقتل‭ ‬والخطف‭ ‬والتشريد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬قوى‭ ‬معارضة‭ ‬أيضا،‭ ‬رفعت‭ ‬السلاح‭ ‬بوجه‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬ناصبت‭ ‬منهجها‭ ‬العداء‭. ‬والأسماء‭ ‬التي‭ ‬ذهبت‭ ‬ضحية‭ ‬لهذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬كثيرة‭ ‬ومعروفة،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬نساء‭ ‬لم‭ ‬يتعرضن‭ ‬لأحد‭ ‬بسوء‮»‬‭.‬

واستطرد‭: ‬‮«‬إنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬العراق‭ ‬الجديد‭ ‬يتميز‭ ‬بحرية‭ ‬تعبير‭ ‬مفرطة،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كابح‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬جموحها،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬أداة‭ ‬لتقويض‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعي‭. ‬وغني‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‘‬مرتزقة‭ ‬الإعلام‭’ ‬استغل‭ ‬هذه‭ ‬الحرية،‭ ‬وقام‭ ‬بالترويج‭ ‬لأفكار‭ ‬قمعية‭ ‬أو‭ ‬انفصالية‭ ‬أو‭ ‬نفعية،‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تجره‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬على‭ ‬المجتمع‮»‬‭.‬

‭ ‬وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬دفع‭ ‬الضرر‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬ترك‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬غاربه،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الخراب‭ ‬أجدى‭ ‬من‭ ‬البكاء‭ ‬عليه،‭ ‬ومصلحة‭ ‬المجموع‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬فردي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬ممارسة‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬المطلقة‮»‬‭.‬

‭ ‭ ‬‬القوانين‭ ‬غير‭ ‬محمية

‭ ‬ويتحدث‭ ‬الكاتب‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬الساعدي‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬الصحفيين‭ ‬والصحافة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬لم‭ ‬ترقَ‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬حماية‭ ‬وحصانة‭ ‬الصحفي،‭ ‬لأن‭ ‬القوانين‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬غير‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القانون‭ ‬العراقي‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب‭ ‬والقضاء،‭ ‬وأصبحت‭ ‬رهينة‭ ‬الاجتهادات‭ ‬والمجاملات،‭ ‬فأي‭ ‬قانون‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬يحميه‭ ‬ويحصنه‭ ‬من‭ ‬التأويل‭ ‬والاجتهاد‭ ‬سيسقط‭ ‬تمامًا‮»‬‭.‬

‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬الأمني‭ ‬بات‭ ‬ضاغطًا‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الملفات‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬وله‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬متغير،‭ ‬وربما‭ ‬يغير‭ ‬حتى‭ ‬الواقع‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الإعلامي‮»‬‭.‬

‭ ‬واستطرد‭: ‬‮«‬بتصوري،‭ ‬الصحفي‭ ‬محصن‭ ‬ليس‭ ‬بالقانون،‭ ‬بل‭ ‬بوظيفته‭ ‬التي‭ ‬يضع‭ ‬فيها‭ ‬روحه‭ ‬بين‭ ‬كفه‭ ‬لأجل‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وهي‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬أكبر‭ ‬حصانة‭ ‬له،‭ ‬وأن‭ ‬إرعاب‭ ‬الصحفي‭ ‬وتهديده‭ ‬يمثل‭ ‬قتلًا‭ ‬للكلمة‭ ‬والحقيقة‮»‬‭.‬‬

وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الوسائل‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ملفات‭ ‬الفساد‭ ‬لم‭ ‬ترقَ‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب،‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬التأثير‭ ‬السياسي‭ ‬واضحًا‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬ملاحقة‭ ‬الفاسدين‮»‬‭.‬

‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬البيئة‭ ‬العراقية‭ ‬غير‭ ‬صحية‭ ‬لممارسة‭ ‬العمل‭ ‬الصحفي،‭ ‬والشارع‭ ‬العراقي‭ ‬قاسي‭ ‬جدًا‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يمثل‭ ‬تهديدًا‭ ‬لها‮»‬‭.‬

واختتم‭ ‬تصريحاته‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬شعار‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬تمامًا‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬العراقي،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬ربما‭ ‬يمثل‭ ‬حالة‭ ‬وقتية‭ ‬للواقع‭ ‬السياسي‭ ‬الحالي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليه‭ ‬كثيرًا‮»‬‭.‬

إحباط‭ ‬من‭ ‬الديمقراطية

وقال‭ ‬الكاتب‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الكناني‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭: ‬‮«‬يقينًا،‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬التطبيق،‭ ‬لأنها‭ ‬علم‭ ‬واسع‭ ‬ومفهوم‭ ‬حضاري‭ ‬لا‭ ‬تطبق‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العقول‭ ‬الراقية‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فيُنادى‭ ‬بها‭ ‬وقت‭ ‬الانتخابات‭ ‬حصراً‭ ‬لغرض‭ ‬استمالة‭ ‬الناس‭ ‬نحو‭ ‬الهرولة‭ ‬لصناديق‭ ‬الاقتراع‮»‬‭.‬

‭ ‬

وأضاف‭: ‬‮«‬هل‭ ‬تكميم‭ ‬الأفواه،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الأخطاء،‭ ‬يُعد‭ ‬ديمقراطية؟‭ ‬نحن‭ ‬واعون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬تصحيحًا‭ ‬بل‭ ‬تسقيطًا،‭ ‬وأن‭ ‬تطبيق‭ ‬الديمقراطية‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬السلطات‭ ‬المناداة‭ ‬بها،‭ ‬يُعد‭ ‬زيفًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬لأنك‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بالتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬معارضًا‭ ‬لك،‭ ‬والدليل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬معارضة‭ ‬حقيقية‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان،‭ ‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬جميع‭ ‬الأعضاء‭ ‬موالين‭ ‬للسلطة‭ ‬والأحزاب‭ ‬أو‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬استقلالية‭ ‬لصالح‭ ‬المواطن‮»‬‭.‬

واستطرد‭: ‬‮«‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كتلة‭ ‬المعارضة‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬غالبًا‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬كتلة‭ ‬الموالاة،‭ ‬ولهذا‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬ملاحقة‭ ‬الإعلاميين‭ ‬أصبحت‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬تعكس‭ ‬حجم‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والمهنية‭ ‬الصحفية‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬كمثال‭ ‬تاريخي،‭ ‬كتب‭ ‬أحد‭ ‬الإعلاميين‭ ‬على‭ ‬محافظ‭ ‬بغداد‭ ‬سنة‭ ‬1974‭ ‬بسبب‭ ‬إساءته‭ ‬التصرف‭ ‬تجاه‭ ‬إحدى‭ ‬السيدات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترتدي‭ ‬الميني‭ ‬جوب،‭ ‬فتم‭ ‬تغيير‭ ‬المحافظ‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬السلطة‭ ‬كانت‭ ‬بيد‭ ‬حزب‭ ‬واحد،‭ ‬لأن‭ ‬الإعلام‭ ‬كان‭ ‬محترمًا‭ ‬وله‭ ‬وزن،‭ ‬والإعلامي‭ ‬لا‭ ‬يخشى‭ ‬قول‭ ‬الحق‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‮»‬‭.‬

وهذه‭ ‬الشهادة‭ ‬تعكس‭ ‬حالة‭ ‬الإحباط‭ ‬تجاه‭ ‬تطبيق‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ويبرز‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬الرقابي‭ ‬للإعلام‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬السلطة،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬سياسية‭ ‬معقدة‭.‬

مراجعة‭ ‬القوانين

ويرى‭ ‬الكاتب‭ ‬والمهندس‭ ‬زكي‭ ‬الساعدي‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لـ‭ ‬الزمان،‭ ‬إنه‭: ‬‮«‬لغاية‭ ‬اللحظة،‭ ‬القوانين‭ ‬العراقية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالصحفيين‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬جادة‭ ‬وتعزيز‭ ‬حرية‭ ‬الكلمة،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬هنا‭ ‬يطرح‭: ‬هل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعتنق‭ ‬الصحافة‭ ‬كهواية‭ ‬أو‭ ‬يمارسها‭ ‬يستحق‭ ‬الحماية،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬حدود‭ ‬حرية‭ ‬الكلمة؟‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬تعزيز‭ ‬مفاهيم‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬الصحافة‭ ‬المهنية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬منضبطة،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬منح‭ ‬صفة‭ ‬إعلامي‭ ‬أو‭ ‬صحفي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لمن‭ ‬يملك‭ ‬المهنية‭ ‬والأهلية،‭ ‬أو‭ ‬الدرجة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬المعززة‭ ‬بالتطبيق،‭ ‬كي‭ ‬يأخذ‭ ‬تلك‭ ‬الصفة‭ ‬النقابية‭. ‬وإلا،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬قد‭ ‬يعتلي‭ ‬منبر‭ ‬الصحافة‭ ‬ويبدأ‭ ‬تحقيقات‭ ‬أو‭ ‬برامج‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬عبثية‭ ‬أو‭ ‬سلبية،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬أقلامًا‭ ‬مأجورة‮»‬‭.‬

واستطرد‭: ‬‮«‬وحول‭ ‬حرية‭ ‬الكلمة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محددة‭ ‬بعدم‭ ‬الإساءة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق،‭ ‬لتصبح‭ ‬ممارسة‭ ‬الصحافة‭ ‬فعلًا‭ ‬مسؤولًا‭ ‬وهادفًا‭. ‬أما‭ ‬التعديلات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬إدخالها‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬العراقي،‭ ‬فتختلف‭ ‬عن‭ ‬قوانين‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتطورة،‭ ‬حيث‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والسويد‭ ‬والمكسيك،‭ ‬يحق‭ ‬للصحفي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬حكومية‭ ‬أي‭ ‬وثائق‭ ‬أو‭ ‬بيانات،‭ ‬وتلتزم‭ ‬الجهة‭ ‬الرسمية‭ ‬بالرد‭ ‬وتزويد‭ ‬المعلومات‭ ‬خلال‭ ‬مدة‭ ‬محددة،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬سرية‭ ‬لأسباب‭ ‬أمنية‭ ‬محددة‭ ‬جدًا‭. ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬يعزز‭ ‬الشفافية‭ ‬ويجعل‭ ‬الصحفي‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬الإدارة‭ ‬بشكل‭ ‬قانوني‭ ‬ورسمي‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬أما‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬قانون‭ ‬حق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬38‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬تكفل‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة،‭ ‬لكن‭ ‬الصحفي‭ ‬يظل‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المصادر‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬التسريبات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعرضه‭ ‬للملاحقة‭ ‬أو‭ ‬الضغط‭. ‬وغياب‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يجعل‭ ‬التحقيقات‭ ‬الصحفية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬الفساد‭ ‬أو‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬القانونية‭ ‬والأمنية،‭ ‬وهنا‭ ‬يظهر‭ ‬القانون‭ ‬بصورة‭ ‬حامي‭ ‬للسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬وليس‭ ‬للصحافة‮»‬‭.‬

‭ ‬إيقاف‭ ‬البرامج

وقال‭ ‬الإعلامي‭ ‬حسين‭ ‬باجي‭ ‬الغزي‭ ‬لـ‭ ‬الزمان‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬أصحاب‭ ‬رأي‭ ‬ولسنا‭ ‬أصحاب‭ ‬خصومة،‭ ‬نحمل‭ ‬الكلمة‭ ‬بمحبة‭ ‬وغيرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭. ‬لذا،‭ ‬نوجه‭ ‬طبعًا‭ ‬رسالتنا،‭ ‬رسالة‭ ‬عتب‭ ‬صادقة‭ ‬إلى‭ ‬هيئة‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصالات،‭ ‬ونطالبها‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬بحق‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬وإيقاف‭ ‬بعض‭ ‬البرامج‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬بلادنا‭ ‬لا‭ ‬تُبنى‭ ‬إلا‭ ‬بتعدد‭ ‬الآراء‭ ‬والأصوات‭ ‬والأفكار‭ ‬والمحاور‭. ‬لذا‭ ‬نقول‭ ‬للزملاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهيئة‭: ‬إيقاف‭ ‬البرامج‭ ‬لا‭ ‬يحل‭ ‬أي‭ ‬أزمة‭ ‬ولا‭ ‬يمنع‭ ‬النقاش‭ ‬والحوار،‭ ‬بل‭ ‬يفتح‭ ‬باب‭ ‬الشكوك،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬تقتضي‭ ‬أن‭ ‬تُترك‭ ‬مساحة‭ ‬الحرية،‭ ‬لأن‭ ‬الإعلام‭ ‬شريك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬لا‭ ‬عدو‭ ‬لها‮»‬‭.‬

‭ ‬

مشاركة