نهوج العلاقات العامة الوطنية وترسيخ ثقافة الحوار
علي جبار الشمري
قد يكون عنوان هذا البحث خروجا عن المألوف، ولاسيما ان عناوين البحوث الاعلامية عادة ما تأخذ قالبا يضم عددا من المتغيرات المتداولة كمفاهيم اعلامية او اتصالية اذا اردنا ان نكون اكثر سعة، اما عنوان هذا البحث فقد اشار الى مفهوم النهوج وهي مفردة تعبر عن جمع لكلمة نهج، وهنا اردت ان اؤكد ان الاعلام الوطني اليوم لا يمكن ان يتبع نهجا بعينه، وان هناك نهوجا مختلفة هي نتاج النهوج السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الفاعلة في المجتمع، وهذا في ظني اعلى مراتب النظام الديمقراطي، ولكن ذلك لا يعني الخروج عن المرتكزات الوطنية التي تعد بمثابة الدعائم التي من شأنها الحفاظ على اللحمة الوطنية، واما استخدامي لمفردة الوطنية مقترنة بمفهوم العلاقات العامة فذاك لاني ادرك اهمية ان تكون انشطة العلاقات العامة سواء كانت حكومية ام غير ذلك لا بد ان تتسم بهذه الصفة وان تكون الوطنية ديدن نهوج العلاقات العامة كافة، ولاسيما فيما يتعلق بإشاعة وترسيخ ثقافة الحواربين المنظمات والجماهير التي تتعامل معها، كما انني اردت من خلال الخروج عن المألوف ان احث الباحثين ولاسيما من طلبتنا الاعزاء في الدراسات العليا الى ضرورة البحث عن الجديد وان يمتلكوا الجرأة الكافية التي تجعلهم قادرين على تداول مفاهيم جديدة لم يكن لغيرهم سبق فيها، وبذا لن يكتفوا بالأفكار والمفاهيم المتوافرة بل يجعلوا منها منطلقا لأفكار ومفاهيم جديدة شريطة ان يكون الجديد منطقيا لكي يكون مقبولا، وسمة البحوث العلمية الجديدة ان تأتي بالجديد على المستويين النظري والميداني والا كفيناها. في هذا البحث احاول تسليط الضوء على رؤية جديدة للعلاقات العامة من خلال معالجة الدور الذي يمكن ان تلعبه في نشر وإشاعة وترسيخ افكار مرغوب فيها في المجتمع، كذلك اسلط الضوء على مفهوم ثقافة الحوار، وأحاول ان اقدم مداخل لنهوج العلاقات العامة الوطنية من شأنها ترسيخ ثقافة الحوار.
اولا: نهوج العلاقات العامة الوطنية
برزت العلاقات العامة في العديد من دول العالم لتصبح علما وفنا مترسخ الجذور والأهداف والممارسات، واتسعت دائرة الاعتماد عليها في تسيير شؤون الحياة المختلفة، والملاحظ ان دول العالم المتقدمة تهتم بدرجة عالية بالعلاقات العامة سواء أكان هذا الاهتمام على مستوى الحكومة بعدها المنظمة الاكبر في تلك الدول، اوعلى مستوى المنظمات الاخرى في مختلف القطاعات العام والخاص والمختلط، وذلك لما للعلاقات العامة من اهمية في ايجاد حلول مدروسة للمشكلات التي قد تواجه المنظمات، والافادة منها في رسم وتنفيذ خططها السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال زيادة حجم مشاركة قطاعات المجتمع المختلفة في عملية التطوير عبر تنفيذ سياسات وممارسات تهدف الى مزيد من التقدم.
اما في الدول النامية فان النظرة الى العلاقات العامة مازالت قاصرة يشوبها الكثير من الغموض الامر الذي اسهم سلبا في تأخر دفع عجلة التقدم في هذه الدول ، وهذا بالطبع يستدعي جهودا متواصلة لزيادة اسهامها اي العلاقات العامة في نقل المجتمع الى حالة اكثر تقدما، فالمسؤولية الكبرى للعلاقات العامة في هذه الدول هي اعادة التوازن الى المجتمع وحمايته من الفرقة والصراع، والعمل على التوافق بين هيئاته ومؤسساته المختلفة من اجل تحسين ظروف الحياة ورفع مستوى الجماهير . ولإلقاء الضوء على هذا المفهوم لا بد من الإشارة إلى بعض تعريفات العلاقات العامة التي وردت في الموسوعات العالمية أو أوردها الباحثون المتخصصون أو الهيئات المعنية في حقل العلاقات العامة. فقد عرفتها الموسوعة البريطانية بأنها “فن مسايرة الناس ومجاراتهم وفن الحصول على رضا الجمهور وثقته وتأييده أو فن التعامل مع الجمهور وكسب رضاه”.
بينما تعرفها دائرة المعارف الامريكية “بأنها الفن الذي يقوم على التحليل والـتفـسـير لموضوع معين سواء كان هذا الموضوع يدور بشان فـكرة أو حول شخص أو حول جماعة ما، بقصد تهيئة السبل أمام الجماهير لكي تعترف بالفائدة التي يتضمنها هذا الموضوع وانه يستفيد فعلا من أداء ذلك”. وفي رأي، Cutlip Center and Broom فان العلاقات العامة هي “الجهود المخططة للتأثير في الرأي العام من خلال الأداء الناجح، والاتصالات ذات الاتجاهين من المنظمة إلى جماهيرها، ومن الجماهير إلى المنظمة”.
وتعرف من Moor and Canfield بأنها “فلسفة اجتماعية للإدارة يتم التعبير عنها على شكل سياسات وممارسات، والتي تعمل من خلال التفسير الصحيح للأحداث على ضمان التفاهم المتبادل والنيات الطيبة”.
ويعرفها Marston بأنها “الوظيفة التي تمارسها الإدارة لقياس الاتجاهات العامة وتنسيق السياسات والإجراءات التي يتبعها الفرد والمنظمة تنسيقا يتماشى مع المصلحة العامة، وكذلك تنفيذ برامج الأعمال التي تكسب قبول وتفهم الجمهور لأحوال المنظمة”.
ومن الهيئات المعنية التي وضعت تعريفا للعلاقات العامة الجمعية الدولية للعلاقات العامة فقد عرفتها بأنها “وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة والتي تقوم بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة لكسب تفاهم وتأييد الجمهور، وذلك من خلال قياس اتجاه الرأي العام لضمان توافقه قدر الإمكان مع سياساتها وأنشطتها وتحقيق المزيد من التعاون الخلاق والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل المخطط”.
ويعرفها معهد العلاقات العامة في بريطانيا بأنها “الجهود المخططة والمستمرة لإقامة التفاهم المتبادل بين المنظمة وجماهيرها”.
أما جمعية العلاقات العامة الفرنسية فترى أنها “طريقة للسلوك واسلوب للإعلام ، والاتصال يهدف إلى إقامة علاقات مفعمة بالثقة والمحافظة عليها بين المنظمة والفئات المختلفة من الجماهير داخل المنظمة وخارجها التي تتأثر بنشاط تلك المنظمة”.فن معاملة الناس
ومن الكتاب العرب الذين وضعوا تعريفا للعلاقات العامة يبرز إبراهيم إمام إذ عرفها بأنها “فن معاملة الناس والفوز بثقتهم ومحبتهم وتأييدهم، ومعنى العلاقات العامة ببساطة هو كسب رضاء الناس بحسن المعاملة الصادرة عن صدق وإيمان بقيمة الإنسان في المجتمع”.
أما زكي محمود هاشم فينظر إلى العلاقات العامة على أنها “برنامج مخطط من السياسات ونماذج السلوك التي تهدف إلى بناء ودعم ثقة الجمهور بالمنظمة وزيادة الفهم المتبادل بين الطرفين”.
في حين ينظر مختار التهامي إلى العلاقات العامة على أنها “فن متطور من فنون الاتصال بالجماهير والتأثير فيها يستهدف كسب المؤيدين لهدف أو قضية معينة وتحريكهم في اتجاه مرسوم في ضوء الدراسة العلمية المخططة “.
ويعرف علي عجوة العلاقات العامة أنها “الجهود المخططة التي يقوم بها الفرد أو المؤسسة أو الدولة لكسب ثقة الجمهور وتحقيق التفاهم المتبادل من خلال الاتصالات المستمرة، والسياسات والأفعال المرغوبة لتلبية احتياجات الجمهور في إطار ما هو ممكن ومشروع”.
وأخيرا يذهب هادي نعمان إلهيتي إلى أن العلاقات العامة “نشاط إداري يستعين بالاتصال بقصد بلورة انطباعات ايجابية عن الهيئة التي تتولى القيام به بين العاملين فيها وبين المتعاملين أو الذين يحتمل أن يتعاملوا مع الهيئة اعتمادا على تنظيم تفاعل اتصالي قوامه المعاني والمعلومات التي تحقق أغراضا اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية”. ويمكن أن نوجز أهم ما جاءت به التعريفات السابقة بما يأتي:
1. إن نجاح نشاط العلاقات العامة يتطلب توافر مجموعة أساسية من الأساليب التي تكفل نجاح هذا النشاط وتحقيق غاياته، وقد أشارت التعريفات السابقة إلى بعض تلك الأساليب، ومنها التخطيط والتقويم والتنسيق وغيرها.
2. إن نشاط العلاقات العامة يهدف إلى خلق أو إنشاء علاقات طيبة، أو الاحتفاظ بهذه العلاقات، فضلا عن تجنب سوء التفاهم بين منظمة ما والجماهير التي تتعامل معها.
3. إن العلاقات العامة تستعين بوسائل وأساليب الاتصال المتنوعة من اجل تحسين صورة المنظمة عند الجماهير، كما تقوم بنقل وجهة نظر الجماهير المختلفة إلى الإدارة العليا في المنظمة. مما تقدم نستطيع القول ان العلاقات العامة كغيرها من الظواهر الانسانية والاجتماعية ، لايمكن حصرها في تعريف واحد جامع مانع ، ولايرجع ذلك الى عدم الوضوح في المفهوم ، بل الى تداخله مع علوم انسانية واجتماعية متعددة، غير اننا نستطيع ان نستخلص من خلال التعريفات انفة الذكر ان للعلاقات العامة عناصر رئيسة واساسية يمكن ان ننطلق منها في فهم العلاقات العامة وهي:
1 .ان العلاقات العامة فعل مستمر ودائم بديمومة ركائزها الرئيسة “المنظمة والجمهور” اي طالما ان هناك منظمة وجمهورا كانت هناك حاجة ماسة لممارسة نشاط العلاقات العامة.
2 . ان العلاقات العامة فلسفة اجتماعية للإدارة تأخذ بالحسبان البناء الاجتماعي والبيئة الاجتماعية للمحيط الذي تعمل من خلاله ، اي ان العلاقات العامة جزء لا يتجزأ من المجتمع، وبالتالي فهي تعمل ضمن قيم وعادات وتقاليد ذلك المجتمع ولا تتناقض معها.
3 .ان العلاقات العامة عملية مخطــــــــطة، وهي ليســــــت نشــــــاطا ارتجــــــاليا او عفــــويا.
4. ان الاقناع يعد احد اهم الخصائص التي تميز ادوار العلاقات العامة ، ويتم من خلال عملية اتصال مدروسة ، فالهدف النهائي للعلاقات العامةهو اقناع الجمهور بما تريده المنظمة، واقناع المنظمة بما يريده الجمهور منها .
5. ان الهدف النهائي للعلاقات العامة يتمثل في تحقيق توازن مستمر بين مصلحة المنظمة من ناحية ومصلحة الجمهور من ناحية اخرى.
اما اذا اردنا ان نحدد مفهوم العلاقات العامة على المستوى الوطني او ما اطلقنا عليه مفهوم العلاقات العامة الوطنية فإنها لا تختلف عن العلاقات العامة بشكل عام فكل نشاط من انشطة العلاقات العامة لأية منظمة يندرج ضمن انشطة العلاقات العامة الوطنية اذا كان معنيا بإشاعة وترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات والجماهير، وحثهم على المشاركة مع آخرين سواء أكان ذلك في منظمة ام في مدينة أم في الوطن ككل لضمان الوصول الى هوية جديدة وإنتماء رصين يؤكد قوة ورُقي الوطن الذي نحن جزءٌ منه، فضلا عن التعريف بالمجتمع وتراثه وإسهاماته الحضارية والثقافية باستخدام وسائل وأساليب الاتصال المتاحة باسلوب علمي هادف”
ثانيا: ثقافة الحوار
إذا كانت الثقافة كما وصفها تايلور “ذلك الكل المركب الذي يشمل المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات وأية خصال يكتسبها الإنسان نتيجة وجوده كعضو في المجتمع
وإذا كانت الثقافة على نوعين:
1. الثقافة الدينامكية, أو الثقافة المتغيرة فهي ليست منعزلة عن الأحداث والتطورات ويشعر بها الفرد بحرية الرأي والفكر، فهي ثقافة نامية متحررة متطورة ويبرز فيها التغير الاجتماعي.
2. الثقافة الراكدة, وهي الثقافة التي لا يوجد فيها اتجاه وحماس نحو التغيير، إذ يقل فيها التجريب ويظهر قبول الماضي والاقتناع به.
فان ثقافة الحوار هي ثقافة ديناميكية، سيما وإنها أي ثقافة الحوار تعد من الثقافات التي لا غنى للمجتمعات عنها كونها سبيل تلك المجتمعات في التواصل والتعايش.
وإذا كان الحوار هو تبادل للآراء او محاورة (dialogue) ، وهو لقاء بين جملة تساؤلية وأخرى جوابية مع نص اتصالي يعد بمثابة العمود الفقري لكل حوار، فضلا عن انه فن يستهدف شرح وجهة نظر معينة، وهو ليس كلاماً عرضياً او عفوياً ، انما هو محادثة ذات هدف معروف سلفا ، فان هناك منطلقات ايديولوجية لأطراف الحوار تسعى لتحقيق سياسات وفق برامج وخطط محددة من شأنها الوصول الى هدف معين، فالفكرة او الغاية الواضحة تعد اساسا لنجاح الحوار، وتحديد الهدف او الاهداف التي يود المحاور الوصول اليها.
ورغم اختلاف الحوارات من حيث الشكل والمضمون إلا انها تستلزم توافر مجموعة عناصر هي:
1. موضوع الحوار: ان تحديد فكرة او موضوع لإجراء حوار على وفق خطة مرسومة وجدول زمني محدد يسهم في الوصول الى نتائج مرضية للأطراف المشاركة في الحوار كافة.
2. شخصية المحاوِر: لا شك ان نجاح الحوار يتوقف الى حد كبير على شخصية المحاور، لذا يجب ان يمتلك المحاور مهارات التفاوض والإقناع والقدرة على التأثير، فضلا عن امتلاكه الحصيلة اللغوية والإمكانيات الفكرية والثقافية التي تؤهله للتحاور، كذلك مهارات الانصات والتركيز على اجابات الآخر وكلامه لكي يتمكن من التقاط الافكار التي تثري الموضوع مع ضرورة ان يتحلى بالهدوء والموضوعية.
ان نجاح او فشل الحوار يتوقف أولاً على المحاور ذاته، ونؤكد بهذا الصدد على ضرورة الالتزام بعدة معالم رئيسة لا غنى عنها للمحاور الذي يريد ان ينجح في تحقيق اهدافه من الحوار وهي:
أ – عليه ان يطلع على كل ما كتبه او قاله أي طرف من اطراف الحوار.
ب – عليه ان يعرف كل ما كُتب حول الاشخاص الذين سيجري معهم الحوار.
ت – عليه ان يقرأ كل ماله علاقة بالموضوع الذي سيطرح اثناء الحوار.
ث – اعداد الأسئلة المحتمل طرحها في سياق الحوار وصياغتها بشكل واضح .
لذا فان من المهم والضروري ان يلم المحاور بالأسس والمعايير الفنية لإجراء الحوار بصفة عامة، وإعداد وصياغة اسئلة الحوار بصفة خاصة ومنها:
أ-ان يكون لكل سؤال يطرح اثنا الحوار هدفا.
ب-من المفيد تجنب الأسئلة الطويلة او المركبة التي تتضمن اكثر من فكرة واحدة.
ت-ان تتناسب الأسئلة مع موضوع الحوار.
ث-تجنب الأسئلة الايحائية ما امكن ذلك.
ج -تجنب الأسئلة الافتراضية، اي تلك التي تفترض امرا او سلوكا معينا.
ح -عدم طرح الأسئلة بطريقة متتابعة غير مرتبطة بما جاء في اجابات المحاور.
خ -تجنب المقدمة الطويلة قبل طرح السؤال.
د -اللجوء الى الأسئلة المغلقة التي يجيب عليها المحاوَر ب(نعم) او (لا) لتكون منطلقا لمتابعة الحوار في اتجاه معين.
ي. على المحاور ان يطرح الأسئلة ارتجالا ولا يقرأها من ورقة .
3 . وقت الحوار: لضمان نجاح الحوار ينبغي اختيار الوقت المناسب على وفق ظروف الحوار، فمن المهم ان يكون المحاور غير مرهق عصبيا او بدنيا.
4 .مكان اجراء الحوار: من العناصر الاساسية في انتاج الحوار تحديد مكان إجرائه، وهناك عدة طرق لإجراء الحوار، فإما ان يتم عن طريق اللقاء المباشر، واما ان يتم عبر الهاتف ، او عبر الاقمار الاصطناعية، او من خلال الإنترنت وأفضلها اللقاء المباشر، لأنه يؤمن للحوار ثلاث نقاط اساسية هي:
أ -يسمح للمحاور ملاحظة مختلف حركات وانفعالات وتصرفات المحاوَر، ما يسهم في اعطاء مؤشرات للمحاور بشأن كيفية استئناف التعامل معه من ناحية، وتضفي جوا اتصاليا ساخنا على الحوار من ناحية اخرى.
ب-يؤمن للمحاور القدرة على التحكم بآلية دفع المحاوَر وتشجيعه لمزيد من الحديث، وإيجاد نوع من الثقة المبدئية بينهما، كما انه يمكن المحاور من القدرة على التحكم بنهاية الحوار.
ت -عادة ما يخصص وقت اطول للحوار عبر اللقاء المباشر، وكلما طال الوقت كانت هناك معلومات وآراء اكثر.
5 .لغـة الحوار: تعد اللغة من صميم عناصر الحوار وبدونها لا يمكن اجراء الحوار ، فاللغة هي الوعاء الذي يحوي معاني الرسالة وسبل فهمها في الوقت ذاته، ويرى المهتمون بالاتصال الانساني ان اللغة هي كل فهم منظم ثابت يعبر به الانسان عن فكرة تجول بخاطره او احساس يجيش بصدره، وعلى ذلك فان التعبير بالصورة والموسيقى والحركة واللون يصبح لغة اذا حقق الانسان هدفه في نقل احاسيسه وأفكاره الى غيره، وهي تحمل جانبين احدهما لفظي ويطلق عليه اللغة اللفظية (verbal language) وثانيهما غير لفظي ويطلق عليه اللغة غير اللفظية (non-verbal language)، ويمثل الاول في الحوار المباشر اللغة المنطوقة، بينما يمثل الثاني الحركات والإشارات والإيماءات لذا يستعين الحوار المباشر باللغة اللفظية وغير اللفظية معا إلا ان اللفظ يحظى بحيز كبير في الغالب. وهناك مجموعة من الخصائص التي ينبغي ان يشتمل كل حوار عليها هي:
أ – حيوية الحوار: يجب ان يتسم الحوار بالحيوية لكي يحقق الهدف منه.
ب -وضوح الحوار: ينبغي ان يكون موضوع الحوار واضحا يسهل فهمه وادراكه.
ت – التركيز في الحوار: يجب ان يركز الحوار على الفكرة الاساسية للموضوع المطروح، وهذا من شانه مساعدة المحاور على طرح الافكار بتسلسل منطقي.
ث -وحدة الحوار: من المهم ان يكون الحوار مرتبطا ببعضه ومترابطا بالنـــسبة لمادته وأفكاره.
ج – التنوع في الحوار: ونعني به التنوع في طريقة طرح الأسئلة ونوعها واستخدام الاساليب المختلفة للتعبير عن فكرة واحدة او موضوع ما بما يضمن كسر جمود الحوار.
ح -التماسك في الحوار: يجب ان يكون الحوار متماسكا ومترابطا بعضه ببعض، ينتقل بانسياب ومرونة من فكرة الى اخرى ، بشكل يدعم موضوع الحوار.
خ-الايجاز في الحوار: المقصود بالايجاز استخدام الجمل القصيرة لكي يتم استيعاب المعنى المقصود في يسر وسهولة، ويدخل في هذا تجنب التكرار الممل، وتجنب استخدام الجمل الطويلة والمعاني المتشعبة التي تشتت الذهن وتباعد بينه وبين المعنى او الهدف المقصود.
ثالثا: نهوج العلاقات العامة الوطنية وترسيخ ثقافة الحوار
في الصفحات الآتية نقدم نهوج العلاقات العامة الوطنية التي من شأنها ترسيخ الوعي بثقافة الحوار في العراق، اذ نحدد الأساليب التي يجب أن تتبعها الجهات المعنية لنشر الوعي بثقافة الحوار، وقد راعينا أن تكون الفقرات موضوعية وقابلية للتطبيق، وذلك بعد اطلاعنا على واقع ثقافة الحوار في العراق والأدبيات التي توافرت لدينا بهذا الشأن وهي كما يأتي:
1 .إجراء البحوث الخاصة بواقع ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيرها في العراق، والوقوف عند أهم المشكلات التي تحول دون توافر هذه الثقافة.
2 .التخطيط لبرامج العلاقات العامة الوطنية الخاصة بترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيرها بما يؤدي إلى فعالية تلك البرامج.
3 .اعتماد وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصال الحديثة في برامج العلاقات العامة الوطنية الخاصة بترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيريها، لان ذلك من شأنه الإسهام في نجاح تلك البرامج.
4 .تطوير الملاكات العاملة في حقل العلاقات العامة الوطنية من اجل ترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيرها سيما وان اغلب هؤلاء لا يمتلكون خبرة تؤهلهم للقيام بالمهام الملقاة على عاتقهم، وذلك لأن نشاط العلاقات العامة الوطنية بشكل عام والعلاقات العامة في مجال ثقافة الحوار فن وعلم لم تتحدد معالمه في العراق بعد.
5 .الارتقاء بالرسائل الاتصالية الهادفة إلى ترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيرها، والابتعاد عن الإنشاء والخطابة والعبارات العامة الغامضة والاعتماد على الوقائع والأرقام والتحليل والمتابعة.
6 .الدخول الجانبي من خلال النشاطات المختلفة كالمعارض والمؤتمرات وتنظيم الزيارات لشخصيات معروفة من شأنه الإسهام في ترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيرها.
ورب سائل يقول ان النهوج المقترحة لم تحدد منظمة بعينها لتطبيقها ، وجوابا على ذلك نقول ان المنظما كافة معنية بهذه النهوج وتطبيقها سواء كانت حكومية ام غير ذلك فكلنا وبدون استثناء مسؤولون عن ترسيخ ثقافة الحوار بين المنظمات وجماهيرها، فالمواطنون يلعبون دورا كبيرا في بناء مجتمعهم.