نماذج السيارات الصغيرة تسبق الألعاب الأخرى إلى قلوب الصغار والكبار 

باريس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬النماذج‭ ‬المصغّرة‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬لعباً‭ ‬مسلية‭ ‬وبسيطة‭ ‬وزهيدة‭ ‬الثمن‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬صمدت‭ ‬مع‭ ‬تغيّر‭ ‬الأزمنة،‭ ‬ولو‭ ‬أنها‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬تطوراً‭ ‬وأصبحت‭ ‬تجتذب‭ ‬الكبار‭ ‬أيضاً‭ ‬لا‭ ‬الأولاد‭ ‬وحدهم‭. ‬فالصغيران‭ ‬الباريسيان‭ ‬نيل‭ (‬3‭ ‬سنوات‭) ‬وسون‭ (‬5‭ ‬سنوات‭) ‬وزّعا‭ ‬سياراتهما‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬المنزل،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الحمام،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يترددان‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬فرشاة‭ ‬‮ ‬الأسنان‭ ‬أداة‭ ‬لتنظيف‭ ‬عجلات‭ ‬مركباتهما‭ ‬المتنوعة‭. ‬وبعدما‭ ‬كانت‭ ‬سيارة‭ ‬الشرطة‭ ‬الأحبّ‭ ‬إلى‭ ‬قلبيهما،‭ ‬أطاحت‭ ‬بها‭ ‬تباعاً‭ ‬شاحنة‭ ‬القمامة‭ ‬ثم‭ ‬الحافلة‭ ‬فالقطار‭ ‬الفائق‭ ‬السرعة،‭ ‬ثم‭ ‬رسن‭ ‬تفصيلاتهما‭ ‬على‭ ‬شاحنة‭ ‬القطر،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬توضح‭ ‬والدة‭ ‬الصبيين‭ ‬يوليا‭ ‬أموسوفا‭.‬

‮ ‬وتشرح‭ ‬أستاذة‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ميامي‭ ‬دوريس‭ ‬بيرغن‭ ‬أن‭ “‬نماذج‭ ‬السيارات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬كالكثير‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬الأخرى،‭ ‬تشبه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأطفال‭ ‬ما‭ ‬يحبه‭ ‬الكبار‭ ‬وما‭ ‬يستخدمونه‭”. ‬وتلاحظ‭ ‬بيرغن‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ “‬قد‭ ‬توفّر‭ ‬المتعة‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة،‭ ‬إذ‭ ‬تجعل‭ ‬الأطفال‭ ‬يشعرون‭ ‬بالقوة‭ ‬وبأنهم‭ ‬يفعلون‭ ‬أموراً‭ ‬مهمة‭”.‬

ويجسّد‭ ‬نيل‭ ‬وسون‭ ‬عملياً‭ ‬هذا‭ ‬التحليل،‭ ‬ويؤكدان‭ ‬صحته،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬سيناريو‭ ‬اللعب‭ ‬المفضّل‭ ‬لديهما‭ ‬هو‭ … “‬الاختناقات‭ ‬المرورية‭ ‬،‭ ‬والتزمير‭ ‬بأعلى‭ ‬صوت‭ ‬ممكن‭” ‬،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تشرح‭ ‬والدتهما‭. ‬وتروي‭ “‬اشترينا‭ ‬لهما‭ ‬أوّلها‭”‬،‭ ‬ثم‭ ‬كرّت‭ ‬السبحة،‭ ‬وتكفّل‭ ‬الأقارب‭ ‬بالبقية،‭ ‬فهذه‭ ‬هدايا‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬أعمامهما،‭ ‬وتلك‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة،‭ ‬ولا‭ ‬يخلو‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬شاحنة‭ ‬وجداها‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬لم‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬متسع،‭ ‬فتوقفنا‭”‬،‭ ‬على‭ ‬قولها‭.‬

ويوضح‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬سلسلة‭ ‬متاجر‭ “‬جويه‭ ‬كلوب‭” (‬JouéClub‭) ‬فرانك‭ ‬ماتيه‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬يشترون‭ ‬نماذج‭ ‬السيارات‭ ‬لأولادهم‭ ‬لصرف‭ ‬انتباههم‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬أخرى‭. ‬ويقول‭ “‬عندما‭ ‬يكونون‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬متاجرنا،‭ ‬يطلب‭ ‬الصبي‭ ‬أو‭ ‬الفتاة‭ ‬الصغيرة‭ ‬لعبة‭ ‬ما،‭ ‬فيرتأي‭ ‬الوالدان‭ ‬ابتياع‭ ‬هذه‭ ‬الهدية‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬ثمنها‭ ‬بضعة‭ ‬يوروهات،‭ ‬وبها‭ ‬يجنبان‭ ‬النقاش‭”.‬‮ ‬‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد،‭ ‬تتصدر‭ ‬المرائب‭ ‬الفخمة‭ ‬واجهات‭ ‬المتاجر‭ ‬كأحد‭ ‬الهدايا‭ ‬المحتملة‭.‬‮ ‬‭ ‬ويرى‭ ‬ماتيه‭ ‬أن‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التحكم‭ ‬لها‭ ‬مِن‭ ‬بُعد‭ ‬هي‭ ‬أيضاً‭ “‬هدية‭ ‬جميلة‭ ‬جداً‭ (…) ‬وتتوافر‭ ‬فيها‭ ‬قدرات‭ ‬أكثر‭ ‬للفئات‭ ‬العمرية‭ ‬الأكبر‭”. ‬‮ ‬وتلاحظ‭ ‬المحللة‭ ‬في‭ ‬شركة‭ “‬إن‭ ‬بي‭ ‬دي‭” ‬فريديريك‭ ‬توت‭ ‬أن‭ ‬نماذج‭ ‬السيارات‭ ‬من‭ “‬ركائز‭ ‬سوق‭ ‬الألعاب‭” (‬5,7‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬الفرنسية‭ ‬عام‭ ‬2021‭) ‬،‭ ‬وهي‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالموضة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬التماثيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭. ‬‮ ‬وبلغ‭ ‬حجم‭ ‬سوق‭ ‬نماذج‭ ‬السيارات‭ ‬3‭,‬7‭ ‬مليارات‭ ‬يورو‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬كبرى‭ ‬خارج‭ ‬آسيا،‭ ‬تهتم‭ ‬الشركة‭ ‬بجمع‭ ‬البيانات‭ ‬عنها‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ “‬مرسيدس‭” ‬و‭”‬بورشه‭”‬،‭ ‬تسجّل‭ ‬السيارات‭ ‬المستوحاة‭ ‬من‭ ‬أفلام‭ “‬كارز‭”‬من‭ ‬‮ ‬إنتاج‭ “‬بيكسار‭” ‬أو‭ ‬ألعاب‭ “‬ماريو‭ ‬كارت‭” ‬من‭ “‬نيننتندو‭” ‬مبيعات‭ ‬كبيرة‭ ‬أيضاً‭.‬

وفي‭ ‬شركة‭ “‬ماتيل‭” ‬الأميركية‭ ‬لصناعة‭ ‬الالعاب،‭ ‬المصنفة‭ ‬أولى‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬نماذج‭ ‬السيارات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬علامتَي‭ “‬ماتش‭ ‬بوكس‭” (‬للسيارات‭ ‬الواقعية‭) ‬و‭”‬هوت‭ ‬ويلز‭” (‬لسيارات‭ ‬السباقات‭)‬،‭ ‬حققت‭ ‬إيرادات‭ ‬مبيعات‭ ‬هذه‭ ‬الألعاب‭ ‬‮ ‬مستوى‭ ‬قياسياً‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬إذ‭ ‬تجاوزت‭ ‬1‭,‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ (‬بزيادة‭ ‬13‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭).‬

ويقول‭ ‬‮ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ “‬هوت‭ ‬ويلز‭” ‬روبرتو‭ ‬ستانيتشي‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬أدرجت‭ ‬مركبات‭ “‬تيسلا‭” ‬ضمن‭ ‬تشكيلاتها‭ “‬نحن‭ ‬نتابع‭ ‬باستمرار‭ ‬اتجاهات‭ ‬السيارات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تصميمات‭ ‬مبتكرة‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضأً‭ ‬لنعكس‭ ‬ثقافة‭ ‬السيارات‭ ‬الراهنة‭”.‬

أعلنت‭ ‬شركة‭ “‬هوت‭ ‬ويلز‭” ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬عن‭ ‬توسعة‭ ‬أكبر‭ ‬مصنع‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬ماليزيا،‭ ‬والذي‭ ‬ينتج‭ ‬أصلاً‭ ‬تسعة‭ ‬ملايين‭ ‬سيارة‭ ‬أسبوعياً،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬عدد‭ ‬العاملين‭ ‬فيه‭ ‬قريباً‭ ‬إلى‭ ‬4300‭ ‬موظف‭.‬

ورأى‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬شركة‭ “‬ماجوريت‭” (‬المملوكة‭ ‬لمجموعة‭ ‬الألعاب‭ ‬الألمانية‭ ‬العملاقة‭ “‬سيمبا‭ ‬ديكي‭”)‬ماتيو‭ ‬أومبير‭ ‬أن‭ “‬ثمة‭ ‬تسارعاً‭ (‬في‭ ‬قطاع‭ ‬نماذج‭ ‬السيارات‭) ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كوفيد‭”.‬

وتُصنع‭ ‬هذه‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬تايلاند‭ ‬من‭ ‬مزيج‭ ‬معدني‭ ‬مغطى‭ ‬بالطلاء‭ ‬ثم‭ ‬بالزينة،‭ ‬بما‭ ‬يوفر‭ ‬لها‭ ‬صلابة‭ ‬تقيها‭ ‬ضربات‭ ‬الصغار‭ ‬الفتاكة‭.‬

وتشير‭ ‬مديرة‭ ‬التسويق‭ ‬فيب‭ “‬ماجوريت‭” ‬إيف‭ ‬واسرمان‭ ‬أن‭ “‬السوق‭ ‬تطورت‭ ‬لتصبح‭ ‬سوقاً‭ ‬للبالغين‭ ‬الطفوليين‭”. ‬وتؤكد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ “‬الشباب‭ ‬حتى‭ ‬سن‭ ‬35‭ ‬عاماً‭ ‬لا‭ ‬يخجلون‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬الألعاب‭”‬،‭ ‬ويكونون‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬هواة‭ ‬الجمع‭.‬

وباتت‭ ‬الدفعتان‭ ‬اللتان‭ ‬تنتجهما‭ ‬الشركة‭ ‬سنوياً‭ ‬تتضمنان‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ ‬المصممة‭ ‬مباشرة‭ ‬للبالغين‭.‬

أما‭ ‬شركة‭ “‬هوت‭ ‬ويلز‭” ‬فأطلقت‭ ‬رموز‭ “‬إن‭ ‬إف‭ ‬تي‭” ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للاستبدال،‭ ‬وهي‭ ‬منتجات‭ ‬رقمية‭ ‬تمثل‭ ‬سياراتها‭ ‬مصحوبة‭ ‬بشهادة‭ ‬تثبت‭ ‬اصالتها،‭ ‬وتبلغ‭ ‬اسعار‭ ‬تلك‭ ‬النادرة‭ ‬منها‭ ‬المعروضة‭ ‬للبيع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭.‬

مشاركة