نغرس شجرة لنزرع مستقبلنا ـ جوزيه غرازيانو دا سيلفا

نغرس شجرة لنزرع مستقبلنا ـ جوزيه غرازيانو دا سيلفا
يدعو اليوم الدولي للغابات ، الذي تحتفل به الأمم المتّحدة للمرة الأولى في 21 آذار، الأفراد والمجتمعات حول العالم إلى غرس شجرة لزرع المستقبل .
ويوجَّه هذا النداء لإبراز الأهمية الحاسمة للغابات في مجرى حياتنا، ولحشد الرأي العالمي دفاعاً عن غاباتنا إزاء الضغوط التي تواجهها اليوم على العديد من الجبهات.
وإذا كانت الحياة غير ممكنة بلا أشجار بفضل وظيفيتها الحيوية في امتصاص وخزن الكربون، إلا أن الغابات تؤدي مجموعة كبيرة من الخدمات الأخرى في الوقت ذاته لكونها مصدراً للأدوية والأغذية والألياف؛ ولأنها تحمي المستجمعات المائية وموارد المياه العذبة الثمينة للغاية؛ كما تمثل مستودع العالم الرئيسي للتنوع الحيوي البري… فضلاً عن توفير الوقود وفرص العمالة والدخل لنحو 350 مليوناً من أشد الفئات فقراً في العالم.
وتقع الغابات اليوم تحت طائلة تهديدات بالغة الخطورة. ففي غضون الفترة من عام 2000 إلى 2010 أزيل ما يُقدَّر بنحو 13 مليون هكتار سنوياً من الغابات، وتلك رقعة تعادل مساحة اليونان بأسرها.
وثمة تهديدات إضافية للغابات أيضاً على درجة كبيرة من الخطورة نتيجة لسياق العولمة الجاري وظاهرة تغير المناخ.
ومن تلك التهديدات على سبيل المثال الآفات والأمراض التي تنتشر بسرعة وسط السوق العالمية للأخشاب والبذور والتربة، وضمن حركة التبادل التجاري في إطار العولمة الراهن وتفشي أنواع وافدة من الآفات تواصل غزو الغابات الطبيعية والنظم البيئية على نحو يصعب التنبؤ بنتائجه.
ومع التغير الجاري في المناخ فثمة خطر آخر متعاظم يحدق بغابات العالم، مع تزايد أخطار حرائق الغابات والأدغال واشتداد حدة العواصف الجوية… فيما يؤدي إلى تدمير مناطق واسعة من الأراضي الحرجية. غير أن بالإمكان التصدي لكلّ هذه التهديدات مع ذلك إذ تقدم الغابات والأشجار مساهمة أساسية كمحرّكات للتنمية المستدامة مستقبلاً. وبوصفها كذلك فالغابات بالدرجة الأولى مصدر قابل للتجدُّد يملك قدرة الاستجابة للعديد من الاحتياجات والتحديات البيئيّة والاجتماعية والاقتصادية المستجدة. وقد سُجلت نجاحات على هذا الصعيد مؤخراً. فبفضل ائتلاف الإرادة السياسية وإنجازات التقدم الاقتصادي الاجتماعي تراجعت معدلات إزالة الغابات خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في آسيا. وتدعو الأمم المتّحدة ومنظمة الأغذية والزراعة فاو إلى دعم البلدان في جهودها لتحويل إزالة غابات إلى سياق لاستعادة الغابات وإعادة تأهيلها، مع ضمان تمكين سكانها المعتمدين عليها وتحقيق أمنهم الغذائي وتقدمهم الاجتماعي. وتأتي تلك كأمثلة ممتازة محلياً ودولياً، بل وبالإمكان التوسع فيها وإشراك الآخرين في سياقها، مثالياً على هيئة تعاون فيما بين بلدان الجنوب.
وعلى الأخص ثمة أداة متوسّعة لخدمات النظام البيئي على المستويات كافة، من الأصعدة المحليّة إلى العالمية، تنطوي على إمكانيات هائلة لتوليد الدخل لسكان الغابات… وقد انتشرت هذه الآلية بنجاح بالغ في عدد من البلدان الاستوائية، مثل كوستا ريكا، التي عادت أدراجها من حافة النضوب الحاد لمواردها الحرجية إلى مضاعفة رقعة غاباتها فعلياً في غضون 25 سنة فقط. وإذ يقترت تاريخ 2015 المحدد لبلوغ أهداف ألفيّة الأمم المتّحدة الإنمائية، بدأ النقاش يدور حول طرح مجموعة جديدة أكثر طموحاً من أهداف التنمية المستدامة. وتقترح منظمة فاو الالتزام بمبادرة القضاء المبرم على الجوع صفر جوعاً لاجتثاث الجوع من شأفته في غضون أعمارنا الراهنة والتي أطلقت أولاً في حزيران الماضي على يد الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون. فإذا كان وقف إزالة الغابات وثيق الارتباط بإنجاح مبادرة تحدي صفر جوعاً ، يظل من الثابت أيضاً في العديد من أجزاء العالم أن تدمير الغطاء الحرجي إنما يُضعف النظم البيئية ويقلل من توافر الإمدادات المائية وحطب الوقود… كعوامل تحدّ بالتالي من أمن الغذاء لأشد الفقراء. ولا غرو أن خفض إزالة الغابات بمعدلات عالية سوف يساعد بقوة على إنهاء الجوع وتحقيق الاستمرارية. وفي تلك الأثناء، فبوسعنا في اليوم الدولي للغابات البدء بغرس شجرة لكي نعيد إلى الغابات شيئاً مما أخذنا منها… وحيث أن غرس شجرة هو بمثابة زرع بذرة لمستقبلنا، لأننا حين نُعيد للغابات مواردها فلسوف نوفّر هذه الموارد لأنفسنا اليوم ولأطفالنا غداً.
AZP07

مشاركة