في عقد الثمانينات وما بعده من القرن الماضي ظهرت في الشارع العراقي وسيلة جديدة للاعلان واظنها مستوحاة من دول اخرى ، وهي وسيلة الاعلان على جدران حافلات نقل الركاب ذات الطابقين التي كانت شغالة وفعالة في بغداد انذاك تعطيها جمالا وتميزها عن غيرها من من العواصم ،وكان ذلك يجري تحت عنوان (اعلن تربح ،الباص افضل مكان للاعلان ) وهكذا بدا حينها المنتجون والمصنعون وكل من لديه مارب او غاية ما تخص الناس كان يعلن عنها في حافلات نقل الركاب . اما اليوم ولله الحمد فأن البلاد خالية تماما من المنتوج المحلي اذ لاصناعة نعلن عنها ولازراعة نفتخر بها ونشير اليها ولا خدمات ممكن ان نروج لها لذلك فأن الاعلان التجاري قد اخنفى من الساحات والشوارع في بغداد ولم يبق سوى البوسترات التي تأخذ الطابعين الديني والسياسي فضلا عن تلك التي تتعامل مع خدمات الاتصالات ذات الدفع المسبق التي انتشرت هي الاخرى يرافقها وبنفس القوة بوسترات تحاكي المواطن وتشير الى اهمية الامن والوحدة الوطنية والتالف بين القوميات وهذا شيء حسن بالتالكيد .
وفضلا عما ورد انفا شاهدت ومنذ مدة من الزمن بوسترات كبيرة الحجم اخذت تزداد بعددها في شوارع بغداد ومفترقات الطرق فيها وهي تحتوي على صورة لامراة جميلة شعرها قصير اصفر اللون وهي تبتسم للناس (وهذا هو الاخر شيء حسن ايضا) وبجانب الصورة جملة كبيرة تتكون من ثلاث كلمات وهي (نشرة الكهرباء اليومية ) وفي الاسفل مكتوب وزارة الكهرباء ، المكتب الاعلامي مع ذكر الموقع الالكتروني للوزارة .
لا اعرف بالضبط ماالذي تريد ان توصله وزارة الكهرباء للمواطن وهي تصرف مبالغ طائلة على بوستر في رأيي لافائدة منه خاصة اذا تذكرنا اخر نكتة تقول ان عجوزا اتصلت بزوجة احد وزراء الكهرباء السابقين قائلة لها ان ابنك قد تم تعيينه في ميناء الانبار فأجابتها الزوجة قائلة (يابة هي الانبار منيلها ميناء حتى يعينون ابني بي) فاجابتها المراة العجوز وعلى الفور (عيني هو العراق لعد منيله كهرباء حتى يعينون زوجج وزير للكهرباء) هذه النكتة التي الفها ولحنها وغناها وعزف على طبلتها وايقاعها العراقيون الذين افتقدوا الكهرباء منذ عقدين من الزمن . هي خير دليل على ان الشعب العراقي الطيب الصابر يتسم بكونه يخلق من المأساة خيوطا للفرح ويفتح من الظلام ابوابا للنور والبسمة والضحكة التي لابد من وجودها على شفاه شعب عظيم لاتحترمه حكوماته على مر التاريخ وبذلك يكون الشعب الوحيد الذي يضحك على اللذين لايخدمونه موصلا لهم رسالته التي مفادها انا موجود وانا ذكي اقرا وافهم مغزى ماتقومون به من افعال وانا افضل منكم ،اؤمن بالقدر واتسم بالصبر وافرح لان الله مع الصابرين .
نعود لموضوع النشرة الكهربائية اليومية لوزارة عجزت رغم تبديل عدة وزراء لها منذ التاسع من نيسان والى اليوم عن ان تقدم خدماتها للشعب الصابر المظلوم بما يرضي الله، فماذا تريد ان تقول من خلال نشرتها اليومية؟ ولنجيب نحن على السؤال فهل تريد القول ان الوزارة نظامية وقد وضعت جدولا للقطع المبرمج تصل بموجبه الكهرباء الى الناس بنسبة 25 بالمئة وهي ساعة تغذية يقابلها ثلاث ساعات قطع ام تريد ان تقول ان هذا البرنامج هو الموجود وهو الساري المفعول وماعليكم ايها الشعب الا الرضوخ للامر الواقع لسنوات اخرى على الاقل، ام تريد ان تفتح بابا للصرف على بوستر يجني منه اصحاب العلاقة ارباحا بالحلال والحرام ليس الا ، انا اظن ان الجواب الاخير هو الاكثر ملائمة مع الواقع العراقي المر، وقبل ان انهي كلامي اريد ان اذكر وزارة الكهرباء بكل ملاكاتها بالمقولة العظيمة التي تقول (اعمل ودع عملك يتكلم) ومن الله التوفيق وتحية للشعب العراقي الصابر المظلوم
علي العكيدي