توقيع
فاتح عبد السلام
المسألة ليست تخص ثماني اتفاقيات متنوعة الاختصاصات مع الصين ، فما أكثر الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقّعتها الحكومات العراقية في ست عشرة سنة ، بائسة من الانهيارات والتردي والتخلف . فما الجديد الآن ؟
الذهاب الى الصين ، يجب ان يكون بثقل يوازي تغيير البوصلة في قرار سياسي واسع النطاق وراسخ الدعامات ، للانتقال من حالة عيش العراق على منح لاتليق الاّ بالشعوب الفقيرة المشرّدة الى حالة بناء بلد كامل وانتشاله من الحضيض ، عبر تصفير مشاريعه المعلوسة والمأكولة والمفككة، والشروع بنقطة انطلاق واثبة تسخر لها امكانات الدولة الاتحادية كاملة، بغداد والاقليم، بعد توقيع اتفاق سياسي موثق للخروج من عنق الزجاجة الى الحياة الكريمة .
هل يوجد تفكير من هذا القبيل حتى الآن ؟
العراق لديه ثروة نفطية وعمق من الثروات الضامنة للتسديد حتى لوكانت الخطة عشرية أو عشرينية لاعادة بناء بلد كامل . لكن العراق لديه أيضاً ميراث عظيم من الفساد السياسي المالي والاداري الذي يزداد مع الايام ولا دليل على نقصانه ، ومن ثمّ فإنّ اللبنة التي ستبنيها الصين سيقابلها خمسون معولاً للهدم بدوافع الفساد الداخلي أو العمالة للخارج .
الذهاب الى الصين من اجل بناء البلد ، يشبه رحلة الزهّاد المتعبدين الراضين بالخبز والماء من اجل طلوع ابتسامة طفل في الجيل المقبل ، من أجل رؤية ذلك الخيط الابيض المفروق من الخيط الاسود من الفجر الذي لامحالة سيطلع ذات يوم ، واملنا ان يكون بزوغه على يد استثمارات عملاقة مع الصين وليس بقوة الحديد والنار وأنهار جديدة من دماء حينما يغرق اليأس كل شيء.
الذهاب الى الصين يعني حمل خطة استراتيجية تمّت مناقشتها عشرات المرات في البرلمان من أجل استقرار صيغتها بشكل ناضج ، وليس كما يحدث الان ،إذ يفر النوّاب بآذانهم المليئة بأنباء الامتيازات والصفقات والمناكفات والكلام التافه ، في انتظار سماع ما تسفر عنه عملية روتينية من توقيع اتفاقيات ربما يذهب بعضها مع ذهاب الوزير .
رئيس التحرير – الطبعة الدولية