قصة قصيرة
رقاب العباد
تقول هذه القصة: ان رجلا اخذ يجوب البلدان بحثاً عن العمل والارتزاق.. فسافر من بلد الى بلد ومن مدينة الى اخرى.. وصادف اثناء سفره وترحاله رجلاً آخر مثل حاله يبحث عن عمل ايضاً..
حتى وصلا الى بلاد جديدة.. فجلسوا للأستراحة وتبادل الاحاديث.. فسأل الرجل الاول الرجل الثاني عن امنياته وماذا يريد من هذه الدنيا.؟. فاجابة الرجل الثاني قائلاً:
اريد ان اكون ملكاً املك رقاب العباد.. حتى اعدم من اريد.. ولم ابق عليّ رجلاً الا وقطعت رأسه.. فاجابه الرجل الاول: ولماذا تفعل ذلك.؟. فقال الرجل الثاني: حتى ارضي نفسي بانني ملك وصاحب قرار.. ثم عاد الرجل الثاني ليسأل الرجل الاول: وانت ما امنياتك.؟
فاجابه الرجل الاول: ان اكون ملكاً رحوماً.. يحكم بالعدل بين الرعية.. وانصر المظلوم من الظالم.. ولا اخاف في الحق لومة لائم.. فقال الرجل الثاني: اذن انا وانت على نقيض.. فاجابه الاول: نعم.. انا للخير.. وانت للشر وانا للحق وانت للباطل…
ثم عقدا العزم على دخول تلك البلاد.. ومن الصدف وجدوا ان اهالي تلك المدينة يجتمعون بالساحة العامة لاختيار ملك لهم بعد ان توفي ملكهم.. فقال قاضي المدينة: اننا سنطلق حمامة وما ان تقف على شخص ما فهو الملك المختار… فوافق الجميع على ذلك وتم اطلاق الحمامة وما ان طارت حتى حطت على الرجل الثاني الذي يريد قطع رقاب العباد… ورفض الجميع ما الت اليه الامور وقالوا: انه غريب ولا يحق له ان يكون ملكاً عليهم.. فطلب القاضي اعادة الكرة ثانية.. وايضاً قد حطت الحمامة على ذات الرجل.. واعترض البعض منهم على ذلك.. فما كان من القاضي الا ان قال: سنعيد الكرة مرة اخرى وهذه المرة ان حطت الحمامة على ذات الرجل فمعنى ذلك ان الله اراد لنا ذلك.. ونختاره ملكاً لنا.. واعادوا الكرة واطلقوا الحمامة لتحط مرة ثالثة على ذات الشخص واصر الجميع امام الامر الواقع وتم تنصيبه ملكاً لهم.. وما هي الا ايام حتى نزل بهم هذا الملك قتلاً وذبحاً.. حتى لا تكاد ترى رجلاً في الشارع.. وكم من مرة نصح الرجل الاول الملك بالعودة عن طغيانه بالفتك بالناس بذنب وبلا ذنب.. الا انه كان يرفض رجاء وتوسلات الرجل الاول.. واخذ الرجل الاول بين الحين والاخر ينصح صاحبه بالرجوع عن مسلكه الا انه يرفض فقال الملك لصاحبه: لقد دخلنا البلاد معاً.. والله يعلم بنية كل واحد منا اذا اصبح ملكاً.. ووقفت الحمامة لثلاث مرات متواليات ومعنى ذلك ان الله اراد لي ان اكون ملكاً.. دونك. وان اعمل في هذه البلاد ما عملت من قتل وذبح .. وان لم يرد الله ذلك لما جعل الحمامة تقف عندي ولتركها تقف عندك..
فضحك الرجل الاول منه قائلاً: الا تعلم ان الله يمهل ولا يهمل… وانه يصبر عليك حتى تطمس في طغيانك وعندها وفي ساعة وعلى غفله تنال الجزاء العادل لأفعالك هذه في الدنيا والآخرة..
والى هنا انتهت القصة.
وليكمل القاريء العزيز..
البقية الباقية منها..
محمد عباس اللامي – بغداد
AZPPPL