العالم يودّع أسطورة السينما العالمية ريتشارد أتينبورو
غاندي يدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية ويحصد الأوسكار
فائز جواد
أصدر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بيانا مساء الأحد 24 من اب الجاري وصف فيه أتينبورو بأنه ( احد عظماء السينما ) وأضاف كاميرون (كان ممثلا رائعا ومخرجا عظيما وحصل ريتشارد على سلسلة من الجوائز العالمية، وحصل فيلم ( غاندي ) الاسطورة والذي بلغت تكلفته 22 مليون دولار أمريكي وعرض في 1982 على ثماني جوائز أوسكار من بينها أوسكار أفضل مخرج وهو ما يعتبر رقما قياسيا لأي فيلم بريطاني .
وكان ريتشارد صامويل أتينبورو المولود في 29 أغسطس آب 1923 في كيمبردج بانجلترا قد أصيب بجلطة دماغية في 2008 أجلسته على كرسي متحرك. ويعيش منذ ذلك الحين في دار رعاية لمن يمتهنون التمثيل مع زوجته الممثلة شيلا سيم ، ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن ابن الممثل والمخرج السينمائي البريطاني ريتشارد أتينبورو أن أباه توفي عن عمر ناهز 90 عاماً.
يشار الى ان أحد أعظم انجازات أتينبورو هي اخراجه فيلما عن المهاتما غاندي والذي فاز به بجائزة الأوسكار أفضل مخرج. لكنه فاز أيضا بشهرة تمثيلية عالمية عن أدواره مثل دوره في (حديقة الديناصورات) وعلى مدى مسيرة فنية امتدت لنحو ستة عقود أمام وخلف الكاميرا، قدم أتينبورو العديد من عشرات الأعمال الفنية الناجحة من أبرزها(شادولاندز) (كراي فريدوم) و (شابلن)
غاندي زعيم ثورة اللاعنف
ادخل فيلم غاندي الى كتاب (غينيس) للأرقام القياسية، بعد ان استخدم المخرج ريتشارد، في مشهد واحد، أكبر عدد من الكومبارس في تاريخ الفن السابع (300 ألف لمشهد الجنازة أول فيلم) ويعد الفيلم واحداً من الأفلام التي نالت عدداً كبيراً من جوائز الأوسكار بتاريخ السينما العالمية وحصد على (ثماني جوائز مقابل 11 ترشيحاً) وبالنسبة الى الهنود الفيلم الذي صور زعيمهم الوطني والقومي بأعين غربية ولم يجدوا غضاضة في ذلك، وبالنسبة الى الباكستانيين الفيلم الكريه الذي صورهم وصور نضال مسلميهم من أجل الاستقلال بصورة غير لائقة. أما بالنسبة الى دايفيد لين، فإنه الفيلم الذي انتزع منه لقبه واحداً من أعظم الذين حققوا السينما التاريخية، لمصلحة ريتشارد آتنبورو. الفيلم الذي نتحدث عنه هنا هو +غاندي؛ الذي حققه آتنبورو عام 1982 انطلاقاً من السيرة الذاتية لزعيم حركة اللاعنف. و(غاندي) منذ سينما السيرة القائمة على تقديم حياة كبار عاشوا حقاً. غير أنه لم يضاهَ بعد ذلك، نجاحاً وضخامة، على رغم كل المحاولات.
الحقيقة أن جزءاً أساساً من منطق الفيلم وسياقه يغوص في الصراعات الداخلية التي خاضها غاندي. وتحديداً لأنه اتبع مبدأ اللاعنف وهو كلي الايمان بأن هذا المبدأ وممارسته قادران أكثر من أي نضال آخر على ايصال الهند الى استقلالها. وما سياق الفيلم، وما المحطات التي يتوقف عندها من حياة غاندي، سوى تشديد في كل لحظة على أهمية ذلك الصراع الداخلي الذي عاشه غاندي. ومن نافل القول هنا إن الفيلم يتبنى تماماً مواقف غاندي، سواء أكانت ضد الانكليز، أم ضد المنشقين الهندوس، أم ضد الذين سيؤسسون دولة باكستان، وإن كان – أي الفيلم – يرينا كيف أن واقعية غاندي وإيمانه بحق الشعوب في تقرير مصيرها، جعلاه لا يعارض في مشاريع انفصاليي المسلمين سوى نزعة العنف. كان يفضل لهم أن ينفصلوا بهدوء. ومن الواضح، أن هذا الموقف هو الذي كلفه غالياً، ثم قضى عليه، إذ اعتبره متطرفو الهندوس متواطئاً مع المسلمين
على رغم ان ريتشارد آتنبورو لم يكن يُحسب بين كبار المخرجين، هو الآتي أصلاً من التمثيل، نراه في هذا الفيلم حقق ما كان يشكل أملاً سينمائياً لكثر من كبار المبدعين، ولا سيما منهم دايفيد لين الذي كان آخر سنوات الخمسين من القرن العشرين يسعى – مع المنتج سام شبيغل – لتحقيق فيلم عن (غاندي) يقوم سير اليك غينيس بدور الزعيم الهندي فيه، لكنه آثر في اللحظات الأخيرة أن يحقق لورانس العرب بدلاً منه. فسينمائيون كثر رأوا دائماً في سيرة غاندي موضوعاً سينمائياً محترماً. لكن آتنبورو حقق الحلم. ووفق خصوصاً في اختيار بن كنجسلي، الهندي الأصل، ليلعب دور غاندي. والحقيقة ان هذا لم يتبين شبيهاً جسدياً فقط بغاندي، بل روحياً ايضاً. وكانت هذه النقطة نقطة أساسية من مميزات هذا الفيلم، الذي يحسب عادة بين أعظم الافلام التاريخية وأفلام السيرة في تاريخ الفن السابع ويبدأ فيلم (غاندي ) بمشهد يحمل كل التناقض الأساسي الذي يمكننا رصده في حياة غاندي ومقتله. بمشهد العنف الذي وسم نهايته: ففيما يكون غاندي خارجاً من صلاة المساء، عجوزاً هادئاً راضياً عن نفسه بما حقق سياسياً لبلاده من استقلال نالته من دون عنف – مع المحتل على الأقل – ومن دون إراقة دماء – وحتى وإن كان الثمن باهظاًَ كما نعرف – يتحلق من حوله الانصار والمحبون ليقدموا اليه التحية المعتادة.
وفجأة يبرز من بين هؤلاء شاب يطلق عليه الرصاص ويرديه. غاندي يتمتم (يا إلهي) ثم يسقط. لم يكن غاندي ليتوقع أن نهايته ستــــكون على هذا النحو.