زمان جديد وقود لسيارة وزيرة
فريد حسن
الشعب العراقي يندب حظه العاثر منذ الاحتلال والى اليوم لانهم استبدلوا افراحه واحتفالات اعياد ميلاده بالتعازي والندب فأصبح شغله الشاغل دوائر الاحوال المدنية والبطاقة التموينية لشطب اسم من افتقدوه . اما البرلمانيون فمشغولون بزيادة رواتبهم وتخصيص 60 مليار دينار لشراء 375 سيارة مصفحة لتنقلاتهم، لانهم وكما يصرحون يخافون من الشعب وانني ارى ان من يخاف من شعبه الذي صوت له بالانتخابات ان يرحل ويلتزم بيته لان ذلك يعني انه غير مرغوب فيه لان اعماله لا تمت الى الوطن والمواطن بصلة . والادهى من ذلك ان البرلمانيين المحترمين قد صوتوا على ان يكون هناك تخصيص مالي بنسبة 2 من عائدات النفط وضمن الميزانية لتوزيعها على الشعب العراقي وبهذا سيحصل كل مواطن على 75 ألف دينار سنويا اي حوالي ستة آلاف دينار شهريا، يا لفرحة الشعب بقادته الذين لاينامون ليلهم لانهم منشغلون بإيجاد افكار لخدمة المواطن. ان الواجب الاخلاقي يقتضي منا جميعا ان نخرج بتظاهرات عارمة من شمال الوطن وحتى الفاو لنبارك للبرلمانيين خطوتهم لان ستة آلاف تفرح اطفالنا وتمنعهم من التسول وجمع العلب الفارغة والعمل في المناطق الصناعية او اللعب في المزابل بدلا من المتنزهات التي تنتشر في الاحياء السكنية التي تراها مكسوة بالخضار والورود . ان برلمانات العالم تتسارع لخدمة مواطنيها وبرلماننا يتسارع للحصول على اكبر كمية من الكعكة له فشتان بين الموقفين. سمعنا قبل ايام وحسب ما تناقلته الاخبار ان رئيسة بلدية العاصمة السويدية ستوكهولم كانت تقود سيارتها الشخصية وقد نفذ لديها الوقود ولم تكن تحمل معها المبلغ المطلوب فوصلت الى احدى محطات الوقود وطلبت كمية من الوقود بما يؤمن لها الوصول لبيتها ولكنها اخرجت فاتورة الدائرة النسيئة لتتزود بالوقود وحينما اكتشف امرها قدموها للمحاكمة وقال لها القاضي كان عليك ان تركني سيارتك في زاوية وان ترجعي الى البيت بالقطار او الترمواى لان ليس من حقك التزود بالوقود من حساب الدائرة. بل واكثر من ذلك اتهموها بالخيانة العظمى، وعلى اثر ذلك قدمت استقالتها، ربما كمية الوقود لم تكلف الدولة غير خمسة دولارات، اوربما اكثر بقليل اما نحن في بلادنا فحدث ولا حرج من ملايين الدولارات التي تهدر ولا من رقيب او حساب لضمير والسارقون يعلمون انها اموال الخزينة العامة اي انها اموال عامة الشعب او بالاحرى اموال اليتامى والارامل والثكالى والمعوقين او الفاقدين للاطراف والعيون . ان ازمتنا انعكاس لسوء ادارة دفة البلد التي عشعشت فيها المحاصصة بدلا من استيزار الكفاءات العلمية التي من شأنها وضع اللبنات الصحيحة والسليمة لنهضة الوطن وازدهاره. ان العراقيين يتحملون وزر اخطاء غيرهم ومن حقهم ان يتساءلوا عن المليارات التي تنفق على الاجهزة الامنية وما زال الارهاب يفعل فعلته ويوميا عدد من المفخخات والعبوات الناسفة تودي بحياة المواطنين الابرياء اضافة الى المودة الجديدة الكواتم الصوتية التي تزهق الارواح بطريقة هوليوودية غريبة عن الثقافة العراقية، ان ثقافتنا هي ثقافة التسامح والطيبة ورثناها من انتمائنا العشائري الذي نفخر به ونتباهى لانها ثقافة ارث جميل كانت توحدنا وتدعونا الى المحبة والاخوة والصفاء وكانت العشيرة تطرد من يسرق من ابنائها ولكن اليوم نحن في وضع يمكن ان نسميها عشائرية الدولة والسلطة والحكم واقول لكل السياسيين ما هكذا تورد الإبل ، فاتركوا مصالحكم الشخصية واهتموا بمصالح الشعب وكبير القوم خادمهم . اتقوا الله في الرعية وكونوا سباقين الى عمل الخير لان الانانية عمرها ما اينعت ولا اعطت ثمرا بل بالعكس زرعت اشواكا في طريق اصحابها قبل غيرهم. اننا نتطلع الى البناء بمعايير الانتماء للوطن وليس الانتماء والارتماء في احضان الآخرين الذين لا طائل من ورائهم غير الدمار والتخلف ان الوطن يذرف دموعا فلنمسح عنه الدموع ونتعاون على اعماره كي نضمن رضا الله لان السؤال الاكبر يوم نبعث أحياء فلا قوانين الارض ولا الدستور ينفعنا الا من اتى الله بقلب سليم والقلب السليم ان تؤدوا امانة المسؤولية التي على عاتقكم وتذكروا كل حين ان الجبال ابت ان تحمل الامانة، يا لعظمتها حين لاينفع مال ولابنون ولا القصور والفلل والسيارات المصفحة والملايين من الرواتب الشهرية والموظف الذي افنى حياته في الخدمة
/4/2012 Issue 4171 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4171 التاريخ 11»4»2012
AZP20