زمان جديد من أجل يهود العراق

زمان جديد من أجل يهود العراق
حسين سرمك حسن
ويمكن أن نسمّي هذا العمود بـعنوان آخر معبّر هو اذا أردت أن تصبح كاتبا مشهورا فاكتب عن يهود العراق . هذا يتحدث عن معابدهم وذاك عن مأساة ترحيلهم.. هذا يبحث في دورهم في الغناء العراقي ويعدّ صالح الكويتي رائدا للحداثة فيه وآخر يصل حدّ جعلهم آباء حقيقيين للمقام العراقي.. وهذه القناة تذهب الى حيفا السليبة لتصوير كيف يبكي اليهود العراقيون على العراق.. وذلك الكاتب العراقي يزور الكيان اللقيط ليطلع على أحوال شريحة طردت من شعبه
وقد عرف مجموعة من الروائيين العراقيين من أين تؤكل كتف الانتشار والشهرة بقدرة قادر خفي فخفّوا وانسردوا على محنة يهود العراق وصاروا يصدرون الرواية تلو الأخرى عنهم وبعضهم يحصد الجوائز
أما في السياسة فهناك مجموعة قليلة من السفلة آكلي أثداء أمهاتهم من العملاء الذين يتبجحون في زيارة وكر الأفاعي في تل أبيب. تصوّروا سياسيا تافها يعلن من تل أبيب أنه يحضر مؤتمر لمكافحة الارهاب في تل أبيب…. يكافح الارهاب في الدولة الارهابية الأولى والوحيدة في المنطقة .. تبع هؤلاء روائي هزيل وشاعر فاشل كان عذرهم أسخف من عذر المسرحي المصري علي سالم صاحب مدرسة المشاغبين الذي سأله المذيع لماذا زرت الكيان الصهيوني فأجاب أردت أن أرى هل هم بشر مثلنا أم لا .. أعذار هزيلة أول ما تكشف الذات الملوّثة والعقلية الركيكة أصلا التي تذكّرني بعبارة لامرأة متزوجة راجعتني في العيادة النفسية وعندما سألتها لماذا تخونين زوجك مع هذه الحثالات.. قالت أريد التشهير بزوجي
ان طائفة اليهود هي مكوّن أصيل من مكونات الشعب العراقي ولا غبار على ذلك. وقد قلنا في مناسبة سابقة أن واحدا من أهم القرارات التي اتخذت في العراق قبل الاحتلال في السبعينات من القرن الماضي هو قرار السماح ليهود العراق بالعودة الى وطنهم. مثل هذا القرار ذروة الرقي والعلمية والوطنية في فهم معنى الهوية وجوهر الرابطة الوطنية وتعزيزها. كما كان تقويضا لركيزة مهمة من ركائز زرع الكيان الصهيوني في فلسطين العربية والذي قام على حرب نفسية مفادها أن المجتمعات العربية تبغي تدمير يهود العراق وأن الملاذ الآمن والطبيعي لهم هو الكيان الصهيوني.
ولا نريد الخوض في تفصيلات مؤامرة تهجير يهود العراق، فقد صارت معروفة وتكرر الحديث عن دور الدوائر المخابراتية البريطانية والصهيونية في هذه المؤامرة وعمليات التفجيرات والقتل ومخابيء الأسلحة التي كشفتها السلطات العراقية وبعض رجالها أحياء.. ناهيك عن دور أطراف معروفة في الحكومة العراقية في تسهيل مؤامرة التهجير وفرض رسوم سخيفة على كل رأس مهاجر.
لكن ما يلفت نظر المراقب ويغيضه هو أن فزعة ضخمة جرت وتجري بعد الاحتلال الأمريكي البغيض لوطننا وحتى يومنا هذا تساهم فيها أطراف عديدة تحاول الانتصار لمحنة يهود العراق كما تسميهم.. صحف تخصص صفحة ثابتة ليهود العراق.. ومجلة تصدر عددا ضخما كاملا عنهم.. وقناة الخارجية والمخابرات الأمريكية الحرة التي اختاروا لادارتها صحفيا عراقيا منزويا صار شهيرا ولنا وقفة معه تصور فيلما وثائقيا عنهم.. وغيرها الكثير.. ولا اعتراض.. ولكن يجب أن يكون كل شيء في ميزانه وحجمه والأهم مقدار صلته بالحقيقة.
فالفنان الثائر الراحل عزيز علي كان يعلن امتعاضه من دور الملحنين والمطربين اليهود في المقام العراقي لأنهم حوّلوه الى فن مبتذل للمراقص والملاهي وللتغزل بالغلمان وحافلا بالبذاءات.. أما عن الفنان الرائد والرائع العراقي اليهودي صالح الكويتي الذي اعتبره أحد الكتاب العراقيين الفطاحل أبا للحداثة في اللحنية العراقية وكأنه غريب عن العراق.. هو مواطن عراقي أولا وواحد من الآباء وليس الأب الوحيد.. بالانحياز نشطب على طابور طويل من الملحنين الروّاد مثل رضا علي وعلاء كامل ومحمود عبدالحميد وعباس جميل ويحيى حمدي ووديع خوندة وغيرهم الكثير. أما سليمة مراد بصوتها الخشن المستفز فهي أم الغناء النسوي ولا حاجة لزهور حسين وهيفاء حسين وعفيفة اسكندر ومائدة نزهت ولميعة توفيق و ولكي يثبت أحد الكتاب سطوة اليهود العراقيين ــ ولا أعلم ما هي الغرابة وهل هي سبّة على العراق أن يتميز مواطن من مواطنيه؟ ــ على المشهد الثقافي والاجتماعي يربطها بحماس بعالم المال ويقول حيث كان ساسون حزقيل أول وزير مالية يهودي ــ وهل هي عجيبة؟ ألأ يعكس هذا تسامح المجتمع العراقي وتآلف مكوناته؟ هؤلاء الكتاب ينسون أن يهود العراق مواطنون عراقيون وما قاموا به هو جزء من حقوق المواطنة وليس فضلا. ولكن من الأهداف الخفية أن ينغرس فس ذهنك رد جوهره دور المسلمين والمسيحيين العراقيين فتفتت المكونات بصورة هادئة عقليا. ويتناسى كتّاب الفزعة أن تهجيرهم تم بمؤامرة. ولا يذكر أي منهم المؤرخ الشهير الدكتور أحمد سوسة وابنته الدكتورة الفاضلة الذي أصر على البقاء في العراق رغم كل الضغوط.. لماذا؟
لأنه ضد الهجرة والتهجير اليهوديين وفضح الدور المخرب لليهود عبر تاريخ العراق هذا الانسان غير مطلوب الآن لأنه عكس أهداف الفزعة المستترة.
لقد وصلت الحماقة والسخف بكاتب عراقي رئيس تحرير مجلة معروفة بكتابة اسم والده بالانكليزية ليصبح شالوم ..
/5/2012 Issue 4195 – Date 9 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4195 التاريخ 9»5»2012
AZP20