زمان جديد السياسي العراقي ومسلسل وادي الذئاب

زمان جديد السياسي العراقي ومسلسل وادي الذئاب
حسين سرمك حسن
أعتقد أن على السياسيين العراقيين الشرفاء أن يشاهدوا وبدقة المسلسل التركي المدبلج الخطير وادي الذئاب . ولا أريد أن أتعكز على طلب سلطات الكيان الصهيوني من الحكومة التركية رسميا ايقاف عرض هذا المسلسل كي اثبت أهميته وخطورته… فليس من المعقول أن تشعر اسرائيل بالخطر من مسلسل تنتجه دولة صديقة لها ومتحالفة ستراتيجيا معها اسرائيل لا تخشى أي شيء على سطح الكرة الأرضية بمساندة الولايات المتحدة.. كما أنني لا أنتصر لتركيا التي باتت أطماعها القديمة واضحة خصوصا عندما خطب رئيس وزرائها بعد فوز حزبه بأن هذا الفوز سوف يتردد صداه في القاهرة ودمشق وبغداد
وسأقول أيضا أن هناك من سيعترض من القراء على صفة الشرفاء لأنه يعني أن هناك سياسيين عراقيين غير شرفاء.. وأجيب أن هذا أمر طبيعي موجود في كل مكان من العالم من ناحية وجود سياسيين شرفاء وآخرين غير شرفاء.. كما أن الواقع العملي قد أثبت وجود سياسيين عراقيين غير شرفاء سرقوا وخانوا وارتشوا وتآمروا في ظل الديمقراطية .. ولعل ملفات هيئة النزاهة وهي هيئة جديدة على السلوك السياسي العراقي خير شاهد على ذلك. المهم دعونا في حقل الفن رغم أن لا شىء في هذا العالم لا يرتبط بالسياسة، وما أريد قوله عبر متابعة دقيقة لمسلسل وادي الذئاب بأجزائه الأربعة هو أن هذا المسلسل عبارة عن تحليل سياسي شديد العمق والدقة للوضع السياسي في منطقة الشرق الأوسط، لمعضلاته الكبرى تركيا، قبرص، صراع الدول الكبرى فيه، نشاطات المافيا، القضية الكردية، اسرائيل ، العراق بعد الاحتلال، لبنان، سوريا، ايران، الخليج.. والمعضلات العالمية الشائكة الماسونية، التطرف الاسلامي، تدمير قطاعات الشباب، حرية الصحافة، التسلح العسكري، ثم هناك خفايا حقوق الانسان ولعبتها الأمريكية.
كتاب ضخم في التحليل السياسي المشوق لأشد المعضلات السياسية في المنطقة ــ وبأسماء لاعبيها الصريحة ــ تقدم في اطار فني رائع درامي يحبس الأنفاس يمكن للسياسي العراقي الشريف أن يشاهده وهو ممدد على القنفة بعد الغداء او بعد العشاء.. وحوله زوجته وأطفاله مستمتعون معه.. ولعل من الدروس الكبرى التي سيحصل عليها السياسي العراقي الشريف هو فهم السيكولوجية الأمريكية لمعنى الصداقة والصديق وكيف أنها تمشي معه كتفا لكتف ويدها على مسدسها.. وأن من سياقات عملها الاستراتيجية أن لا تدع أي صديق يقوى من جانب وأن تحتفظ ببؤر قوة بديلة تبتزه من خلالها حين يحين الوقت من جانب آخر. وأن لا وجود لأي مبادئ غير مبدأ المنفعة البراغماتي في سياستها.. والكيفية التي تحكم فيها شركات السلاح وشركات النفط عابرة القارات أدق التفاصيل في السياسة التي ينظر اليها السياسيون الشرقيون كدين في حين ينظر اليها السياسيون الأمريكيون كسوق..
/5/2012 Issue 4203 – Date 19 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4203 التاريخ 19»5»2012
AZP20