ختامها مسك

ختامها مسك

ما يحسب للبعث ومنذ تأسيسه الى اليوم هي قدرته العجيبة وإتقانه الكبير لعبة التلون والاختباء تماماً كما هي الأفعى التي تنزع جلدها كلما رأت ضرورة لذلك.

فعلى مدار تأريخه القصير نسبياً مرّ البعث بعدة تحولات سلوكية فهو الحزب الاشتراكي الذي جاء بقطار أمريكي وهو الحزب القومي الذي عادا أكثر الأنظمة عروبة في سوريا وهو المدافع عن حمى فلسطين بينما كانت أكثر جولاته في الداخل العراقي ومغامرات خارجية لم يجن منها العراق سوى المزيد من الدمار والخراب والتعويضات التي قصمت ظهورنا والتنازل عن الكثير من الأراضي العراقية لإيران ومن بعدها الكويت وفي كل ذلك كان البعث منتصراً دوماً لم يعرف الهزيمة يوماً … نعم تحولات سلوكية خارجية مظهرية لم تمس جوهر هذا الحزب المشبوه في تأسيسه وقياداته وطريقة حكمه فهو لم يحقق وهذا ما دلّت عليه الشواهد التي نتلمسها اليوم الا البعد والقطيعة والبغض والكراهية سواء أكان ذلك بين أبناء الوطن الواحد أم بين أبناء الأمة الواحدة وهذا تماماً ما سعت اليه وفشلت  فيه دوائر المخابرات الغربية والصهيونية ونجح فيه بعث العراق بتميز واقتدار وهذا ما يؤكد حقيقة واحدة ان هذا الحزب ما هو الا أداة نجحت الصهيونية بزرعها في العراق لتحقيق أهدافها ومخططاتها التي لم تنته بنهاية فترة حكمه فها هو يعود لنا مرة أخرى بثوب وفكر جديد متقمصاً عباءة التشدد والتطرف الديني الذي تبرأ منه حتى تنظيم القاعدة الإرهابي ساعياً للإجهاض على ما تبقى من الجسد العليل أصلاً بأمراضه التي زرعها فيه حتى لا تقوم له قائمة أخرى ويحقق هدفه المنشود في أمة يقتل بعضها بعضاً تحت عباءة الله أكبر كلمة الحق التي أراد بها باطلاً .

إن داعش هذا التنظيم الإرهابي الذي خرج إلينا بين عشية وضحاها تنظيماً مدرباً مجهزاً تماماً كما هو الحال مع طالبان أفغانستان منصف التسعينات من القرن الماضي التي استطاعت ان تحكم هذا البلد بعد ان قضت على كل الأحزاب والحركات التي كانت موجودة ولتعيث فساداً وقتلاً وتشويهاً لصورة الإسلام المتسامح السهل حتى مع أبناء الأديان الأخرى . ان ما نرى اليوم من صور ونسمع من فضائع يقوم بها هؤلاء المجرمون من تقطيع وقطع للرؤوس واللعب بها مثل الكرة وحرق للأجساد الحيّة والوعد والوعيد لكل من يخالفهم الرأي ما هو الا عودة لسياسات البعث في سبعينات وثمانينات القرن الماضي الذي حرق معارضيه بالتيزاب فضلاً عن مقابر القتل الجماعي ودفن الأحياء من الرجال والأطفال والنساء بعد اغتصابهن .

لا أكون مغالياً او مجانباً للحقيقة اذا قلت ان البعث عاد مرة أخرى بصورة أبشع من التي عرف بها وهذا شيء طبيعي يمثل ردة فعل عنيفة على فقده السلطة ومحاولته العودة مرة أخرى الى كرسي الحكم حتى وإن كان الثمن كل شعب العراق ما دام البديل متوفراً من أفغان وشيشان وليبيون وتونسيون وغيرهم ممن لفظتهم الإنسانية وتبرأت منهم شعوبهم . علينا ان نكون حذرين من داعش فكراً وعقيدة وحذرين من الدواعش سواء أكانوا مقاتلين ام سياسيين فمعركتنا اليوم مع هؤلاء هي معركة وجود وبقاء والانتخابات البرلمانية هي الفيصل.

محمد الخزاعي – النجف