جبل الجليد: مجموعة قصصية عن هموم آنية

 

بيروت – الزمان

عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت صدرت مؤخرا مجموعة قصصية جديدة ، المجموعة القصصية الخامسة للكاتبة الأردنية أماني سليمان داود، بعنوان: (جبل الجليد)، وهي مجموعة مؤلفة من ثماني عشرة قصة قصيرة، جاءت لوحة الغلاف للفنان الأردني الراحل مهنّا الدرة وبتصميم من الفنان يوسف الصرايرة.

انشغلت قصص المجموعة بالوقوف عند هموم إنسانية آنية لمعت فيها شخصيات القصص بحيث جاءت شخصيات حيّة مركّبة تطرح في جلّها قضية البحث عن الذات كما تعالج مسألة الهوية بعمقها النفسي مقدمة دعوات متكررة إلى قراءتها من هذا المنحى. كما تجسد القصص قضية اغتراب أبطالها حيث يجابهون في رحلة اغترابهم قوى مغايرة أو سلطات بأشكال عديدة موزعة على امتداد المجموعة كسلطة الضمير والسلطة الاجتماعية وسلطة الماضي وسلطة الموت فضلا عن السلطات الثقافية والسياسية.

وبالرغم من تنوع موضوعات القصص وأحداثها وأجوائها، إلا أن ثمة تقاطعات وثيمات مشتركة وكأن القصص تتناسل من بعضها البعض بما يتيح أن تُقرأ في إطار واحد متجانس يجعل منها كتابا قصصيا متكاملا، يؤكد ذلك ما ابتدأت به الكاتبة من مفتتح عنونته بـ: (عتبة وهامش)، ومن خاتمة عنونتها بـ: (قفلة وهامش)، مدرجةً المُفتَتَحَيْن ضمن ترقيم الصفحات كما لو كانا جزءا لا يتجزأ من قصص المجموعة.

والقصص ذات صلة وثيقة بالواقع وخصوصا الواقع الحالي السياسي والاجتماعي والإنساني، لكنها تعبر عن ذلك بأسلوب سردي بعيد عن التناول المباشر، لصالح الرمز والإيحاء والدلالة الممتدة التي تحول البرهة الواقعية إلى لحظة أبدية متجددة.
وتوظف المجموعة تقنيات قصصية عديدة تكشف عن أهمية التجريب في القصة القصيرة الراهنة، كما تكشف عن إمكانات القاصة ومقدرتها على الدمج بين تقنيات متشعّبة، في سبيل تقديم قصة تجمع بين قوة المعنى ومتعة التجريب، ومن أبرز التقنيات التي ترددت في قصص المجموعة؛ تنوع الرواة وتعدد أساليب السرد، وجماليات التقنيات السينمائية، وآليات التقطيع، وتيار الوعي للتعبير عن الحياة النفسية والذهنية للشخصيات، إلى جانب: الديكوباج والرسائل واللعب بالأصوات، وكسر الإيهام والتجريد والفانتازيا.. وفي كل ذلك حرصت الكاتبة على توظيف التقنيات بما يضمن اتساع الدلالة الفكرية وآثارها الشعورية وجعلها أكثر تشويقا وحيوية، وبما يمنح القصص فرصة التفاعل بقوة مع لا وعي المتلقي.

وتشتغل القاصة على لغة قصص مجموعة (جبل الجليد) على نحو يتواءم مع طروحات القصص، ويواكب العمق النفسي للبحث عن الهوية فيها، كما يتناسب مع رؤية الذات من خلال الآخر، ويتفاعل مع السلطات بتنويعاتها المختلفة، فهي لغة رمزية خصبة عالية وكثيفة غنية بالدلالات، فضلا عن معادِلات موضوعية ورموز محبوكة بطريقة ذكية مكَّنَتْ الكاتبة من أن تقول ما تريده من خلالها.

وقد صدر للدكتورة أماني سليمان داود سابقا أربع مجموعات قصصية للكبار هي: غيمة يَتَدلَّى منها حبلٌ سميك، وجوار الماء، وسَمِّه المِفتاحَ إنْ شِئْت، وشخوص الكاتبة. إضافة إلى اهتمامها بالكتابة القصصية للأطفال حيث صدر لها عدد منها داخل الأردن وخارجه، وهي أستاذة جامعية لها العديد من الكتب النقدية والأبحاث العلمية المحكّمة.
تقع المجموعة القصصية في 136 صفحة من القطع المتوسط .

 

مشاركة