
ثمن الخبرة – قيس الجنابي
أقيمت ندوة في إحدى كليات الإدارة، لطلاب السنة النهائية تحدث فيها أحد الضيوف وهو رجل اعمال معروف فبدأ الرجل كلمته قائلاً:
“لم يكن لدي وقت كاف لكتابة كلمة منمقة او تحضير عرض تقديمي، لكني سأحاول في الخمس دقائق القادمة أن أعطيكم خلاصة خبرتي لو اعنتموني،
فمن يريد أن يساعدني فليرفع يده عالياً، فرفع عدد قليل من الحضور أياديهم بشيء من التردد، بينما امتنع الآخرون.
فأكمل رجل الاعمال كلامه قائلا:
(هذه هي حالة التراخي) الناتج عن الملل أو عدم الثقة، ولذا ينبغي الاحتراس منها، فالتراخي في العمل قد يضيع عليكم فرصاً كبيرة.
ثم أخرج من جيبه ورقة و قال: هذا شيك بألف دولار أخذته من إدارة الكلية مقابل تعليمكم شيئاً جديداً، وسوف امنحه لمن يرفع يده حتى يصل لأعلى نقطة ممكنة.
وعندما وضع توقيعه على الشيك بدأ جميع الحضور بالإهتمام ورفع اياديهم عالياً، فأكمل الرجل حديثه فقال: (كان هذا هو التحفيز) فلن تستطيع القيام بأي عمل ما لم تحفز العاملين معك.
في الدقيقة التالية كان كل واحد من المشاركين يحاول ان يفوز بالشيك فينظر لمن حوله و يحاول ان يجعل يده أعلى منهم.
فتدخل رجل الاعمال مرة اخرى قائلاً: (هذه هى المنافسة) قد تبدو صعبة و شرسة لكنها في النهاية تجعل الجميع في وضع افضل.
فقام احد الشباب معترضاً وقال: “هذا ليس عدلا” أنا اقصرهم قامة وهذا يجعلني في موقف سيء، فرد رجل الأعمال قائلاً:(نعم لدى الطلاب ميزات تنافسية مؤقتة ومحدودة ولكن لا تجعلها تحبطك).
بعد بضعة ثوان من المنافسة بهذا الشكل حتى قام نفس الشاب فوقف فوق المقعد ورفع يده فأصبح أعلى كثيراً من باقي المتنافسين،فشرح رجل الاعمال ما حدث قائلاً:
هذا هو التفكير خارج الصندوق الذي يستطيع ان يجعلك في موقع الريادة،لكنك لن تستمر فيه إلا لحظات.
و فعلاً بدأ الجميع في تقليد الشاب بالوقوف فوق المقاعد ورفع اياديهم حتى تقاربت المستويات مرة اخرى، ثم بدأ البعض في وضع اشياء فوق المقاعد حتى يصلوا لمستويات أعلى.
وهنا علق المحاضر: هذا هو التحسين المستمر الذى سيضمن لك البقاء في المنافسة، فلم تمض لحظات اخرى من المنافسة حتى اتفق ثلاثة من الشباب ان يتعاونوا بأن يحمل بعضهم بعضاً حتى يكون اول واحد منهم في اعلى نقطة ثم يتقاسموا الجائزة في حالة فوزهم، وهكذا وصلوا لارتفاع غير مسبوق، فشرح المحاضر ما حدث قائلاً:
(هذا هو العمل الجماعي) الذي يبدأ من فرق العمل الصغيرة داخل المؤسسة ويصل الى الشراكات الكبيرة والتكتلات الاقتصادية العملاقة.
وبالطبع تكونت فرق اخرى من باقي المشاركين و لم يبق احد يعمل منفرداً فأصبحت القاعة عبارة عن مجموعة من الفرق المتنافسة وكل فريق يحاول ان يتبع اساليب مختلفة ليتفوق على المنافسين، وعندما بدت كل الفرق فى مستويات متقاربة جداً اسرع شاب من احد الفرق ليعيد ترتيب زملائه فيضع الأكثر وزناً في الاسفل والاقل في الاعلى، ثم يشرح لهم وضعهم بين باقي الفرق و يبعث فيهم الحماس لاقتراح افكار جديدة حتى تمكن فريقه من تحقيق فارق كبير في مستوى الارتفاع
فقال رجل الاعمال: تلك هي (القيادة) فلن يصل أى عمل الى مستوى عالمي بدون قائد بارع.
وهنا انتهت الدقائق الخمس فشكر رجل الأعمال الفريق الفائز ثم وضع الشيك في جيبه وهم بالانصراف، وعندما طلب منه الفائزون الشيك قال بهدوء:هذا هو الدرس الأخير، لا تصدق ابداً انه بامكانك ان تتعلم مجاناً، أنا رجل اعمال جئت لأبيع لكم خبرتي، وهذا الشيك من حقي.


















