توقيع

توقيع
كيف يختار الكرملين شراب العظمة؟
فاتح عبدالسلام
بعد القوة الكبيرة التي أظهرتها روسيا في موقفها ضد أي مشروع في مجلس الأمن لا يتضمن رؤيتها للوضع في سوريا، يستطيع النظام في دمشق أنْ يطلب لأي طرف يريد منه وقف العنف ضد المدنيين بالذهاب إلي موسكو والتفاوض معهم. حيث إنهم من يجب التفاهم معهم. فالدعم بالسلاح روسي والدعم في مجلس الأمن روسي والتقارب الروسي الايراني هو دعم ضمني مؤكد وذلك أقصي ما تريده دولة من دولة في زماننا.
لكن هذا المشهد يشبه صورة فوتوغرافية ثابتة وغير قابلة للتحول إلي صور فيلمية متتابعة تتيح رؤية جانب آخر من الصورة، أي زاوية نظر مختلفة إلي ما يحدث.
الأحداث اليومية داخل سوريا هي التي تصنع وضعاً إجبارياً للنظر من زوايا متعددة إلي الصورة التي يخيل لهم إنّها ثابتة.
هناك خلط يصيب أحياناً كثيرين بالعمي. روسيا الآن ليست الاتحاد السوفييتي، والزعيم المزمن في الكراسي فلاديمير بوتين ليس محصّناً ضدَّ الداخل الروسي كما كان أسلافهُ من ستالين وربّما حتي بريجينيف. حيث من السهولة أن تمزق صوره في شوارع موسكو ويهتف ضده قرب الكرملين في المواسم الانتخابية، وهو لا يستطيع أن يلعب، وهو مقبل علي منصب جديد، دوراً عقائدياً سوفييتي المنبع والمنشأ في السياسات الخارجية.
ومن يتوهم ذلك، عليه أن يتذكر كيف تنصل الزعماء السوفييت العقائديون من دعم العرب في اللحظات الحاسمة خلال حروبهم ضد اسرائيل.
الحدث يتحرك والموقف الروسي، الذي هو ليس سوفييتياً قطعاً، من المستحيل أن يبقي ثابتاً. ثمّة أنباء مفاجئة ستكون متاحة يومياً وربّما ستظلّ تدور في فلك موسكو أو تنبعث منها.
ما معني أن توفد موسكو وفداً من مجلس الشيوخ فيها لإقناع الشركس وعددهم مائة ألف بالرحيل عائدين إلي وطنهم الأصلي روسيا؟ هل حدث ذلك من قبل في مكان من العالم، حيث يريدون إخراج قومية كاملة من بلد إلي بلدها الأصلي؟
هل سيفعل الاتراك هكذا من جاليتهم في سوريا مثلاً؟ هذا ليس خبراً عادياً وإنما جزء من سياق تطور الأحداث الخطيرة في سوريا.
هذا العمود لا يحتمل الاطالة، وسأختم بآخر خبر ورد من موسكو حول تفكير الكرملين بصناعة فودكا خاصة راقية التركيب حسب قولهم يحتسيها المسؤولون الرسميون في اللقاءات والاستقبالات الخاصة تليق بمن يدخل إلي صالات الكرملين الفخمة.. أو صالات القلعة التي ترادف معني الكرملين بالعربية.
وفعلاً صنعوها من نوع خاص من الحنطة وعرضوها كمنتج فخم يليق بيقظة موسكو نحو أمجادها في معرض »برود اكسبو 2012، وأعلن في موسكو عن اشتراك أربع شركات عالمية في صنع الفودكا الجديدة. وباشر مقر الرئاسة الروسية بتقديم هذا الشراب في المناسبات الرسمية وحجبه عن الأسواق لكي يبقي محافظاً علي فخامته.
لكن هناك شيئاً يمكن أن يضيء جانباً من أي قرار تعلنه موسكو إزاء العالم. ذلك الشيء بسيط هو أن موظفي الكرملين ضبطوا الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس وزرائه بوتين يحملان، في خضم مناسبات تفوح منها الفودكا الخاصة، كأسين مليئين بالشمبانيا.
/2/2012 Issue 4125 – Date 18- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4125 – التاريخ 18/2/2012
FASL