حوار: كاظم بهية
وصفت الفنانة التشكيلية السورية غنى السقا أسلوبها الفني بأنه بعيد عن أي تقليد أو تبعية لمدرسة تشكيلية بعينها، مؤكدة في حديثها إلى “الزمان” أن اللوحة عندها هي انعكاس لما تراه عيناها في البيئة المحيطة بها وما تمليه عليها أفكارها الخاصة، مضيفة أنها تميل في الدرجة الأولى إلى رسم الطبيعة والأرض، وإن كانت لا تغلق أبوابها أمام أنماط وأساليب متنوعة.
وأكدت السقا أنها وإن لم تتأثر مباشرة بمدرسة فنية محددة، فإنها تتابع عن كثب كل ما تنتجه المدارس والتيارات الفنية المحلية والعالمية، قديمها وحديثها، وتحاول أن تستفيد منها في مسيرتها التشكيلية، مشيرة إلى أن الاطلاع المستمر يعد جزءاً لا يتجزأ من تجربتها الإبداعية.
وأشارت إلى أن ما جذبها إلى الفن التشكيلي منذ الطفولة كان الموهبة الفطرية التي رافقتها منذ سن الخامسة، حيث وجدت في اللون والرسم عالماً خاصاً لا يشبه أي مجال آخر، مبينة أن شغفها كان الدافع الأساسي للاستمرار في التجربة، إلى جانب الدراسة الأكاديمية التي عمّقت أدواتها ومنحتها معرفة أوسع.
وأكدت أن الموهبة هي الركيزة التي لا غنى عنها في مسيرة أي فنان تشكيلي، فهي بحسب تعبيرها “العنصر الذي يمنح الفنان القدرة على الابتكار وتقديم عمل فني حقيقي”، معتبرة أن الدراسة وحدها لا تكفي دون أساس الموهبة. وأضافت أنها عملت على تطوير موهبتها وصقلها عبر تنمية الذاكرة البصرية بالاطلاع على المدارس التشكيلية العالمية، وتعزيز ثقافتها العامة، والانفتاح على الفنون الأخرى.
وكشفت عن تجربتها الأولى في الرسم، حيث وصفت أول لوحة لها بأنها “بسيطة وتحمل الكثير من الأخطاء” لكنها عزيزة على قلبها، لأنها كانت الشرارة الأولى لرحلة ما زالت في بدايتها. وأوضحت أنها لا تعتمد على التخطيط المسبق في أعمالها، بل تبدأ مباشرة بالريشة واللون على سطح اللوحة، في حين تحرص على تدريبات يومية صغيرة لتطوير أدواتها التقنية.
وبيّنت أن الغاية الأسمى من الفن بالنسبة لها هي “الارتقاء بالوعي الجمالي” سواء على المستوى الشخصي أو لدى الجمهور، مؤكدة أن الفنان لا بد أن يكون صاحب رسالة ثقافية ومعرفية تضيء وعي الآخرين وتدفعهم إلى التفاعل مع العمل الفني على نحو أعمق.
وختمت غنى السقا حديثها بالإشارة إلى أن الحلم الذي يرافقها دوماً هو أن ترى عالماً أكثر لطفاً وجمالاً، مؤكدة أن هذه الغاية هي التي تمنحها الدافع للاستمرار في الرسم وتقديم ما تعتبره رسالتها الإنسانية والفنية.
و يتضح أن غنى السقا لم تختَر الفن بقدر ما اختارها هو منذ طفولتها الأولى، حين أمسكت الريشة لتفتح أمامها دروباً لا تعرف الانطفاء.
وتبين أن تجربتها قائمة على صدق الموهبة وحرارة الشغف، قبل أن تكون مقترنة بمناهج وأكاديميات، وهو ما يمنح أعمالها روحها الخاصة.ويُظهر مسارها الفني كيف يمكن للذاكرة البصرية والثقافة الواسعة أن تتحول إلى وقود دائم لإبداع متجدد لا يعرف حدود المدرسة أو القالب.
ويكشف حديثها أن الغاية التي تسعى إليها ليست لوحة جميلة فحسب، بل وعي جمالي يتسع لكل من يتأمل ألوانها وخطوطها.
ويؤكد حلمها البسيط – بعالم أكثر لطفاً وجمالاً – أن الفن يمكن أن يكون أداة للمصالحة مع الذات والواقع في آن واحد.
ويبقى اسم غنى السقا شاهداً على أن الفنان الحقيقي هو من يرسم الحياة كما يجب أن تكون، لا كما تفرضها العيون المألوفة.