مكاتيب عراقية
علي السوداني
1
صوتت اليونسكو بالإجماع على اعتبار أهوار العراق جزءً من التراث العالمي وهذا أمرٌ مبهج وممتاز ومفيد إذا ما تمّ التعامل معه ليس من باب الدعاية وتنظيف وجوه الحرامية الحاكمين . اليونسكو نفسها لم تصوت على الأهم وهو اعتبار بابل العظيمة جزءً من التراث العالمي ، لأن ذلك سيفتح الباب والشباك على أكبر عملية سرقة وتدمير ونهب آثار تمت في العصر الحديث ، وقام بها الوحوش والحرامية الأمريكان والإنكليز والإسرائيليون ضد كنوز بابل وما بعدها وقبلها . لقد صنعت لهم منغلة المحمية الخضراء فرية سخيفة تقول ان صدام حسين قد كتب اسمه على طابوقات المدينة بعد إعمارها الكبير . المنظمات الدولية أيضاً خاضعة للرشوة والضغط السياسي والسمسرة وفقدان الشرف .
2
رجلٌ شابٌ متوحش من أهل داعش ، ركب سيارته قبل نحو شهر، وغاص بحشدٍ من الأبرياء المحتفلين بيوم فرنسا وثورتها العظمى ، فقتل خمسةً وثمانين وجرح العشرات . بتلك الفعلة الهمجية ، صارتْ كل سيارة تسير في الشارع ، هي موضع شبهة وخوف . طبعاً لا توجد سونارات أو كلاب بمقدورها فحص ألغام الدماغ البشريّ المفخّخ ونواياه النائمة ، وتلك وحقّكم مصيبة جديدة أخرى تحلُّ على الأرض .
3
أعرفُهُم واحداً واحداً أيها الدرويش . أنا الذي زرعتُ نفسي خارج موائدهم المنطوحة . ليس منّا مَنْ صارتْ بطنهُ قبراً للحيوانات النافقة . أبناء الليالي المجهولة وواحدهم مثل جيفة تمشي على قدمين . نحنُ الذين إنْ جِعنا ، رسمْنا رغيف خبزٍ ، وإنْ زعلْنا على الشطِّ فلنْ نشربَ من مائهِ أبداً . فصام مخجل ومدمّر شاع بين الأدباء والكتاب والمشتغلين بالفنون الجميلة عامةً .
4
أشتهي سماع نشرة الأخبار بصوت امرأةٍ مدهشةٍ ، من الصنف الذي يفتح ثلاثة أزرارٍ من باب القميص . ألنبأ الدامي سيكون رحيماً وهو يتلوّن بغنج الشفاه المنفوخة والصدر الفائر .
ألأخبار بتلاوة عاطرة من فم هيفاء وهبي أو سلمى حايك أو غادة عبد الرازق أو دينا، هي حلوة وطيبة ولا تترك أيَّ كدماتٍ مرعبة على بُطين القلب المضروب . نانسي عجرم لا تعجبني . قد تعجبني بعد عشرين سنةً .
5
أسباب السرطان والجلطة الدماغية والقلبية ، وارتفاع ضغط الدم والسكّري وتشمّع الكبد وفشل عمل الكليتين وكوابيس وجيثومات المنام ، وتشييب شعر الرأس واللحية الباكر ، وطلاق الأزواج العصبي المراهق والمستعجل ، هي أسباب ووسائط كثيرة ، لكنَّ أخطرَها اليوم هو الفيسبوك الذي اخترعه الفتى مارك ابن أم ماركة رحمةً ونعمةً ونقمةً للناس ، فاجتنبوه ولا تدمنوا عليه ، وخذوا منه ما ينفع أعمالكم وتجارتكم وثقافتكم لعلكم تُسعدون .