نبض القلم
النقال – طالب سعدون
يُعد الهاتف النقال أو المحمول نقلة نوعية كبيرة في حياة الانسان وله إستخدامات كثيرة لا تُعد ولا تُحصى لخدمة البلاد ، في الاتصال والتواصل بين الناس في مختلف قارات الارض ومحيطاتها ، وله فضل على الشعوب التي تعرف متى يستخدم هذا الجهاز السحري.. ومتى يتوقف لكي يكون كما خطط له جهازا فعالا في انجاز الكثير من الاعمال اليومية الحياتية والاقتصادية والتجارية بما فيها عمليات البيع والشراء عن طريق الانترنيت والوصول الى المعلومة بيسر وسهولة بدل الاعتماد على الذاكرة وغيرها من المهام الكثيرة بما فيها تحميل الكتب وحذفها بعد الانتهاء منها واغراض اخرى منها التسلية واكتساب المعلومات وتنمية المهارات .. الى اخره من مهمات واعمال تتطلب اعدادا كبيرة تفوق العد والوصف من البشر والوقت لتوفيرها .
لكن كل هذه الفوائد تضيع وتذهب هباء اذا اسيء استخدام هذا الجهاز وخاصة في اوقات مدفوعة الثمن للعاملين من الدوائر الحكومية وارباب العمل الخاص .
هناك مسح ميداني أجري عام 2019 خلاصته أن هناك عددا كبيرا من الموظفين يستغلون ما بين ساعتين الى ثلاث من عملهم في هواتفهم بحيث أصبح الهاتف يشكل آفة خطيرة في مؤسسات الدولة على حد تعبير احد المسؤولين ..
هذه الاحصائية وقراءات كثيرة اخرى غيرها عن سوء استخدام الهاتف النقال دفعتني للكتابة عنه مرة اخرى بعد أن حرم ( جدتي ) من تلك العلاقة (الحكاوية ) بينها وبين الاطفال وكانوا ينامون على تأثير تلك الحكايات المغناطيسي ولها اثرها التربوي والنفسي قبل ان يحل النقال محلها ويصبح لكل طفل نقاله الخاص يسهر عليه يشاركه في سريره ويتفقده أكثر مما يتفقد العابه ومقتنياته الاخرى …. ( الزمان… جدتي والمحمول … 27 /4/2023)..
تساؤلات كثيرة لم تسمع لها جوابا من الجهات المعنية .. لماذا هذا الاستخدام المفرط الذي يتعدى في تأثيره السلبي حدود الشخص الى دائرة أوسع ربما تؤثر على بلاد باكملها ويعطل مصالح الناس وأعمالهم ويؤثرعلى حياتهم . .
وعلى الرغم من أهمية النقال في الكثير من مفاصل الحياة اليومية وبعض حلقات العمل لكنه قد يتسبب في مشاكل كثيرة اكثر من فائدته عندما يكون سببا في قلة الانتاجية لذلك يمنع استخدامه في العمل في حلقات كثيرة ، وهناك وظائف معينة لا يسمح اطلاقا استخدام الهاتف فيها وتُلزم العاملين فيها بوضع هواتفهم اثناء العمل في خزائن خاصة فيما تشترط شركات معينة على المتقدم للعمل فيها أن لا يكون من مستخدمي الهاتف النقال ..
كما تمنع معظم الشركات العالمية استخدام الهاتف لاغراض المحادثة او المخاطبات الهاتفية أوتصفح مواقع التواصل الاجتماعي إحتراما للمراجع ووقت العمل وسعيها لتقديم افضل الخدمات للمتعاملين معها ، لان العمل في المؤسسة سواء كانت عامة أو خاصة هو ملك عام ، وليس شخصيا لذلك يمنع استخدام النقال اثناء الدوام الرسمي لاي سبب كان ويعد عملا مرفوضا وغير حضاري يستفز المراجع الذي ينتظر انجاز عمله من قبل ذلك الموظف الذي صرف جزءا من وقت العمل باستخدام هاتفه النقال ولذلك يحاسب المخالف ..
ومثلما هي المؤسسة ملك عام كذلك الشارع ليس ملكا شخصيا لذلك يمنع استخدام الهاتف اثناء قيادة السيارة وكذلك اثناء اداء رجل المرور لواجبه في الشارع ..
ووصل الامر في الكثير من الدول ومنها خليجية أن تمنع على العاملين في بعض القطاعات المهمة ومنها القطاع الصحي استخدام الهاتف النقال تلافيا لتسجيل اخطاء اثناء العمل من الطبيب او الصيدلي او الممرض او موظف الاستقبال لانشغاله بالهاتف .
وبما انه لا يوجد قرار رسمي أو تعليمات بمنع إستخدام الهاتف النقال اثناء الدوام الرسمي والعمل فالامر ينبغي أن لا يترك لضمير الموظف فقط وهو في حالة تباين بين موظف وآخر ولا الى صبر وتحمل المراجع وقدرته على الانتظار الى ان ينهي الموظف مكالمته او تصفحه ولا الى اجراءات المدير وهي متفاوتة ايضا بين مدير واخر بل يجب أن تكون هناك تعليمات وضوابط ومستويات وظيفية واعمال معينة مسموح لها باستخدام النقال لاغراض العمل و اصدار قوانين تضبط المسالة دون أن تخضع لاجتهاد أو تفسير أو سلوك شخصي متباين بين موظف واخر ودائرة واخرى ..
وعندها تكون تلك الالة المهمة قد حققت اهدافها في التطور والبناء والتنمية وخدمة الانسان ومواكبة حركة العالم العلمية وسد الابواب أمام منفذ خطير من الفساد في الوقت وهو مدفوع الثمن باجور يتقاضاها العاملون في المؤسسات العامة والخاصة وتضيع هدرا من خلال استخدام النقال لاغراض خارج متطلبات العمل .
{ { { {
كلام مفيد :
من أراد أن يراك مُخطئا سيراك ولو كان كفيفا ..
فلا تنشغل بارضاء الناس وانشغل بارضاء الله تعالى ..
فميزان الله تعالى : الحسنات يذهبن السيئات ..
وميزان الناس : سيئة واحدة تمحو جميع الحسنات ..
فارضاء الناس غاية لا تُدرك وارضاء الله غاية لا تُترك ..
فادرك ما لا يُترك واترك ما لا يُدرك ..
حكمة جميلة ..