الكهرباء وسترة الأسد

الكهرباء وسترة الأسد
عنوان المقالة مستوحى من قصة ذلك الاسد الذي طلب من الذئب الذي يسكن في قعر البئر ان يعمل له سترة جيدة حيث اخبره الذئب بمهنته بانه (خياط) فطلب الذئب من الاسد ان ياتي له بكبش وهكذا استجاب الاسد لطلب الذئب حيث القى الكبش في قعر البئر فشكره الذئب على هذا الكبش السمين والذي بدأ ينهشه ولم يترك الا العظام وفي اليوم التالي جاء الاسد طالبا سترته من السيد الخياط فقال الذئب عملت لك سترة جيدة وتنقصها الياقة والاكمام فارسل لي كبشا اخر ، ورجع الاسد على طريقته المعهودة واتى بكبش اخر فالقاه في البئر واستقبله الذئب كالعادة فهرشه وشفطه وبلعه ولم يبق الا العظم وهكذا استمرت العملية لعدة مرات حتى ضجر الاسد فجاء للذئب طالبا السترة ولكن الذئب اجابه ان السترة بحاجة الى كبش اخر لعمل الازرار وهكذا فان السيد الذئب في كل مرة ياتي بحجة لطلب المزيد الى ان امتلأ البئر بالجلود .
ذات يوم جاء الاسد بعد ان نفذ صبره طالبا سترته ، فما كان من الذئب الا ان قال : القِ اليّ حبلا متينا فان السترة اصبحت جيدة جدا وثقيلة ، وهكذا فقد القى الاسد الحبل الى قعر البئر ضانا ان السترة قد انتهت وان الذئب اوفى بعهده . لقد شد الذئب نفسه والجلود بعضها بالبعض الاخر واخذ الاسد المسكين والمخدوع يسحب ويسحب الى ان وصل الذئب الى فوهة البئر فالقى الجلود على راس الاسد وحجب عنه النظر ثم هرب راكضا خوفا من العقاب . كان هذا في الازمان المنصرمة حيث تخشى الحيوانات العقاب ، اما اليوم فان الحيتان لا تخشى الشفط والنهش والهرش .
وبعد فالمثل يقول اذا ابصرت شعاعا فاعلم ان وراءه كوكبا واذا ابصرت ادبا فاعلم ان وراءه حضارة وما من خطر يهدد الاشعاع والحضارة الا انفجار الكوكب ، فقد كان رسولنا العظيم محمد (ص) قد حكم الدنيا بالعدل وقال : ان اموال المسلمين وحرمة الدم كحرمة بيت الله الحرام وبعد ما يقارب عشر سنين من الزمن ظن الناس ان واقعهم الاجتماعي سوف يتحسن وان التصريحات التي يطلقها المسؤولون هي حقيقة بعدما اشبعونا كهرباء وماء وخدمات اخرى ويقولون ان الحكيم يفكر قبل ان يتكلم والجاهل يتكلم قبل ان يفكر وللاسف فلعدم تحرر بعض المسؤولين من الرغبات الوضيعة المذلة وابتعادهم عن الشعب وسرقة المال العام وعدم تحسين الواقع الى واقع يليق بالشعب بدل هذا كله اصبح هؤلاء لا يتمنون لشعبهم ما يتمنونه لانفسهم من امتيازات ومقتنيات غير مشروعة ومرتبات خيالية في ظل معاناة الشعب وتخلفه ، فلا يعقل ابدا ان يجوع العراقي ويضربه كابوس الفقر ولا يجد له سكنا مثل بقية عباد الله في البلدان الاخرى التي هي لا تملك امكانات مادية وثروات كالعراق ولا يعقل ابدا ان تزداد البطالة وتنتشر الامراض والاوبئة ويتفشى التخلف ويهبط العلم في كل زاوية من زوايا المجتمع . واخيرا فان التاريخ يجري كالنهر المتدفق لا توقفه سدود او حواجز ، فالامبراطوريات التي اندثرت والاباطرة والملوك الذين فرطوا في مصالح شعوبهم واوطانهم نسيهم التاريخ وان شعوبهم تصب اللعنات عليهم حتى اليوم ، لانهم بنوا سعادتهم على حطام الاكثرية المظلومة من الشعب ، وعندما يحدث هذا تندفع الشعوب للبحث عن حريتها المفقودة وكرامتها وثرواتها وتصبح دموع الاطفال توسلات فان لم تكفكف تصبح اوامر ، عندها ينتصف التاريخ للامم وتصرخ حتميته (ان يموت عشرة مذنبين افضل من ان يقاسي بريء واحد ) .
لفته عباس القره غولي – ذي قار

/5/2012 Issue 4203 – Date 19 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4203 التاريخ 19»5»2012
AZPPPL

مشاركة