العراق يموت عطشاً (2) – سامي الزبيدي

العراق يموت عطشاً  (2) – سامي الزبيدي

ذكرت في المقال السابق تحت نفس العنوان بعض أسباب أزمة المياه التي جعلت بلاد الرافدين وعشرات الأنهر والجداول والبحيرات يموت عطشاً وأهمها فشل الساسة الذين تعاقبوا على الحكم في كل الحكومات التي جاءت بعد الاحتلال في إدارة البلاد عموماً وإدارة ملف المياه بشكل خاص سواء بالتحاور وعقد الاتفاقيات مع دول الجوار أو من خلال وضع خطط  طويلة الأمد للتغلب على أزمة المياه والقيام بإجراءات وأعمال وانجاز مشاريع كفيلة بالحد من هذه الأزمة  والتغلب عليها نظرا لما يمتلكه العراق من موارد مائية كبيرة ومتعددة وما يمتلكه من عقول عراقية جبارة  أكاديمية ومهنية وخبيرة ومجربة في مجال الموارد المائية والري للأسف الشديد تم تهميشها وإبعادها عن خدمة بلدها وشعبها وأنيط هذا الملف الحيوي الى أحزاب وسياسيين ليس لديهم أدنى تصور عن الموضوع وليس لديهم خبرة أو تجربة في هذا المجال الحيوي والمهم لبلدنا وشعبنا فكانت الكارثة والأزمة المائية الخانقة التي ستتفاقم خلال السنوات القادمة لتضاف الى الأزمات العديدة التي عصفت بالعراق ولتزيد الأمر تعقيداً ان لم تبادرالحكومة الجديدة الى الاستعانة بالخبراء والأكاديميين والمتخصصين والمهنيين في هذا المحال لوضع حلول آنية وأخرى مستقبلية للحد من هذه الأزمة الخطيرة أولا والتغلب عليها مستقبلاً ثانياً وهم جديرون بهذه المهمة رغم صعوبتها لكنهم قادرين على وضع الحلول العلمية والعملية لتجاوزها إذا فسحت الحكومة لهم المجال ودعمت آرائهم وأبحاثهم  ومشاريعهم معنويا ومادياً ولا أريد الدخول في التفاصيل العلمية والعملية الكفيلة بتجاوز أزمة المياه في العراق لكني سأذكر الحكومة والقائمين على حل هذه الأزمة مستقبلا ببعض الأمور التي تساعد في حل هذه الأزمة ومنها :

1- وضع خطط سريعة لبناء عدد من السدود للسيطرة على المياه وعدم هدرها والاستفادة منها لإنتاج الطاقة الكهربائية.                          2- العمل على بناء خزانات  كبيرة في مناطق متعددة من العراق لخزن المياه التي تفيض عن الحاجة خصوصا في فصل الشتاء وخزانات أخرى لخزن مياه السيول والأمطار وعمل قنوات لتصرف مياه هذه السيول الى الانهارالقريبة .

3- الاستفادة من مياه الشلالات والعيون وما أكثرها في العراق والعمل على ربط هذه الشلالات والعيون بمنظومة أنابيب يمكن التحكم بها وإيصالها الى خزانات لخزن مياهها وربطها من خلال الأنابيب والقنوات المبطنة بالأنهر والروافد القريبة لتعويض شحة المياه في موسم الصيف بدلا من هدر الكميات الكبيرة من مياه الشلالات والعيون وللعلم فان عيون المياه لا توجد في المنطقة الشمالية من العراق فقط فهي موجودة في العديد من المحافظات خصوصا على الحدود العراقية التركية والعراقية الإيرانية بداءاً من أربيل والسليمانية وديالى وواسط وحتى في ميسان وهناك العديد من عيون الماء والينابيع في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وكربلاء وللأسف فان مياه هذه العيون المتدفقة صيفاً وشتاءا وعلى مر الأيام والسنين تذهب سدى دون الاستفادة منها  من خلال ربط فوهاتها بأنابيب يمكن التحكم بها وربط هذه الأنابيب بخزانات كبيرة لخزن مياهها و ربطها بالأنهار القريبة لتعويض شحة مياهها بدلاً من هدر مياه هذه العيون , وعلى سبيل المثال هناك عين ماء في ميسان وأخرى في قضاء سنجار قطر فتحتها حوالي متر ويتدفق الماء منها  بقوة لمسافة أكثر من مترين وبكميات كبيرة وللأسف فان مياه هاتين العينين تذهب سدى ولو تم عمل خزانات للماء قريبة منهما فإنها تمتلئ خلال أيام قلائل والعينين تضخان الماء على مدار الأيام والأشهر والسنين فكم خزان يمكن ملئه في الشهر وفي السنة من هاتين العين فما بالك بمئات العيون الموجودة في المحافظات وكم خزان ماء كبير يمكن ملئه من هذه العيون .

4- من المعروف ان الأراضي العراقية  الحدودية  مع تركيا وإيران هي اخفض من أراضي هاتين الدولتين وعند حفر آبار ارتوازية في مناطق تبعد من 1_5 كيلومتر عن حدود هاتين الدوليتين فهذا يعني تدفق كميات كبيرة من المياه من هذه الآبار ومن المياه الجوفية للدولتين ودون المساس بخزين المياه الجوفية للعراق ويمكن الاستفادة من مياه هذه الآبار للخزن أو تعزيز أنهارنا عند تقليل تدفق المياه إليها من هاتين الدولتين وفي حالة حفر العديد من هذه الآبار في محافظات دهوك _اربيل_ السليمانية _نينوى _ ديالى _ واسط _ ميسان سيتم الحصول على كميات كبيرة جداً من المياه من هذه الآبار تساعد في التغلب على شحة مياه أنهارنا عند تقليل كميات الماء المتدفق من تركيا وإيران والفائض يمكن خزنه  .

5- بناء سد وخزان لخزن مياه دجلة والفرات عند التقائهما في قضاء القرنة بمحافظة البصرة  لخزن الفائض من مياههما شتاءً وعدم هدره وذهابها الى الخليج العربي والاستفادة من هذا الخزين للتغلب على ملوحة مياه شط العرب أو لتغذية الاهوار القريبة .

6- الاستفادة من مياه البحيرات والسدود للتغلب على أزمة المياه خصوصا بحيرة الثرثار نظرا لكميات الماء الكبيرة التي يتم خزنها في هذه البحيرة ولإمكانية المناورة بمياهها بين نهري دجلة والفرات عند حدوث شحة في احدهما لوجود قناة تربط النهرين ببعضهما .

7- وهناك العديد من الإجراءات والمشاريع الفنية العلمية والعملية أصحاب الشأن في مجال الموارد المائية من الأكاديميين المتخصصين والخبراء والمهنيين أعرف بهاو يمكنهم من خلالها  الحد من أزمة المياه بل والتغلب عليها .