الشرق الأوسط والتاريخ القديم

الشرق الأوسط والتاريخ القديم
ان الصراعات التي تدور في الشرق الاوسط مهما تعددت لايمكن ان تتم دون الرجوع الى التاريخ القديم وامداداته في الحاضر.
لقد حاربت اوربا العالم العربي في سبيل القدس فجاءت الحملة الصليبية الاولى عام 1095 واستمرت لمدة تقرب من قرنين من الزمان حتى باءت بالفشل وبعد النهضة الاوربية وتقدم العلم الغربي ومن ثم ازدياد قوة اوربا العسكرية وانتاجها وتجارتها واقتصادها واطماعها التوسعية والموقع الستراتيجية لذلك الشرق الاوسط في في الطريق بين تجارة الشرق والغرب وايجاد اسواق لها لتصريف المنتجات مع التحكم في مصادر المواد الخام..وظهور البترول في الشرق الاوسط في مطلع القرن العشرين.
ونشبت الحرب العالمية الاولى بسبب تصارع مصالح واطماع اوربا الغربية وتحالفت تركيا مع المانيا والمجر والنمسا ضد انكلترا وفرنسا وروسيا وايطاليا وانضمت اليهم الولايات المتحدة قبل نهاية الحرب ومع هزيمة الجانب الاول والقضاء على رجل اوربا المريض الامبراطورية التركية تقاسمت بريطانيا وفرنسا منطقة الشرق الاوسط وظهرت خريطة جديدة لها على اساس اتفاقية سايكس بيكوا عام 1916.
وعوامل الاغراء قائمة حتى اليوم -القدس- الموقع الستراتيجي – المساحات – الاسواق – البترول.. وما زاد الامر تعقيدا لصعود دولتين عظيمتين في منصف القرن امريكا والاتحاد السوفيتي انهار الاتحاد السوفيتي ولا زال نجم الولايات المتحدة في تألق مع اضمحلال فرنسا النسبي وتذبذب بريطانيا صعوداً وهبوطاً فانفردت الولايات المتحدة بمسمى القوة العظمى .. وظهرت اسرائيل كقوة اقليمية جديدة بعد حرب 67 وانكسرت في اكتوبر 73 ثم عاودت الصعود بعد ذلك وزاد تحالفها مع الولايات المتحدة وبدأت برسم خريطة جديدة للشرق الاوسط.
وبعد ابتلاع النازية الالمانية وجارتها وبدى مصير اليهود محتوم في المحارق.
وكل هذا اصبح بمثابة تاريخ حي للباحثين اليهود والمسيحيين والمؤيدين لهم الذين يلعبون دورا مهما في منظومة الدعم الايديولوجي والعاطفي في الولايات المتحدة فكل مئة امريكي يحارب في العراق منذ عام 2003 عدد مساو او يزيد من المسيحيين الموالين للصهيونية امثال القس بان روبنسون واعضاء مجلس الكونكرس امثال توم ديلاي وبالطبع الرئيس جورج بوش والذي نظر بالمصطلحات الثنائية للصليبية الى الحرب على الارهاب بكونها صراع بين الخير والشر. وبالنسبة لكل من يريد سير اغوار الشرق الاوسط يرتكب خطأ فادحا في تجاهل التاريخ القديم فالاسباب الداعية الى وجود اشد انصار اسرائيل في الولايات المتحدة بما فيهم اقرب مستشاري جورج بوش وهم حلفاء متحمسون لساسة وجنرالات اسرائيل اليمينيين والمتدينيين اليوم وهي موجودة في القصص الغابرة وفي عام 1916 قام تشرشل ودافيد جورج وهيئة الاركان العسكرية الامبريالية مصرين على تحقيق النصر بارسال الميجور مود على رأس قوة جديدة في كانون 1916 من اجل التقدم الى بغداد ونهاية 10 اذار 1917 قامت القوات البريطانية بقيادة مود بدخول بغداد باعلان انتصاره ومنذ ذلك الحين اصبح شعب بلاد الرافدين الى العراق فالحكم الاستبدادي والفردي الذي عاشوا فيه لاجيال عديدة قد وضعت له نهاية وبعد ان يشوه بالخفية الموعودة من الديمقراطية والتنوير توفي الجنرال مود بسبب الكوليرا مثلما كان يتوفى اكثر من 3000 مواطن يوميا آنذاك بعد تفشي هذا المرض. قام النظام الاستعماري باستخدام الجيش البريطاني وسلاح الجو الملكي باخضاع الثورات الكردية والبدوية كما عمل على السيطرة على رجال الدين في بغداد وبعض المحافظات.
ومنذ معاهدة 1925 حتى خريف 2003 حينما احبطت قوات حفظ السلام التركية بواسطة المعارضة العراقية عندما دعيت بواسطة ادارة بوش وظمأ العالم الصناعي للبترول وطموحات الشركات المتنافسة والدول بما فيها ذلك دولة اسرائيل الفقيرة للبترول للوصول الى البترول العراقي كانت خلف الكثير من التاريخ المضطرب لمنطقة الشرق الاوسط.
محمد شهاب احمد البياتي
/6/2012 Issue 4236 – Date 27 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4236 التاريخ 27»6»2012
AZPPPL