البكاء والدستور والعورات

fatih-1

توقيع

فاتح عبد السلام

البكائيات‭ ‬لا‭ ‬تبني‭ ‬وطناً‭ ‬،‭ ‬وتحويل‭ ‬مكان‭ ‬التفجير‭ ‬الاجرامي‭ ‬في‭ ‬الكرادة‭ ‬الى‭ ‬مزار‭ ‬سيستدعي‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬آلاف‭ ‬المواقع‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬مساحة‭ ‬العراق‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يخل‭ ‬شبر‭ ‬واحد‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬انفجار‭ ‬آو‭ ‬آثاره‭ ‬لكي‭ ‬يطالبوا‭ ‬بتحويل‭ ‬كل‭ ‬الأمكنة‭ ‬التي‭ ‬سقط‭ ‬فيها‭ ‬أحباؤهم‭ ‬قتلى‭ ‬الارهاب‭ ‬الى‭ ‬مزارات‭ ‬،‭ ‬فيكون‭ ‬العراق‭ ‬،فوق‭ ‬مصائبه‭ ‬والسخام‭ ‬الذي‭ ‬يلطخ‭ ‬وجهه‭ ‬الوضاء،‭ ‬أرض‭ ‬مبكى‭.‬

بكينا‭ ‬كثيراً‭ ‬وتاجر‭ ‬السياسيون‭ ‬بالبكائيات‭ ‬واستثمروا‭ ‬فيها‭ ‬واستوردوا‭ ‬وصدروا‭  ‬وصعدوا‭ ‬على‭ ‬سلالم‭ ‬الدموع‭ ‬وسوّقوا‭ ‬بضائعهم‭ ‬الكاسدة‭ ‬الفاسدة‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬ذلك‭ ‬البكاء‭ ‬المستمر‭ ‬أو‭ ‬التجارة‭ ‬الرابحة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تبور‭ .‬

لا‭ ‬تقوم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬دولة‭ ‬كباقي‭ ‬الدول‭ ‬مادام‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬مؤمنون‭ ‬بشرعية‭ ‬الدولة‭ ‬ويقدمون‭ ‬عليها‭ ‬شرعيات‭ ‬دينية‭ ‬ومذهبية‭ ‬ومليشياوية‭ .‬

بدل‭ ‬البكاء‭ ‬لنتحرك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كتابة‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬للعراق‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬الدستور‭ ‬الحالي‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تعديله‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬اثبت‭ ‬عدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الخروقات‭ ‬التي‭ ‬تفننت‭ ‬فيها‭ ‬السلطات‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭ .‬

الآن‭ ‬وقت‭ ‬كتابة‭ ‬الدستور‭ ‬وعرضه‭ ‬لمناقشة‭ ‬الشعب‭ ‬لمدة‭ ‬لاتقل‭ ‬عن‭ ‬سنة‭ ‬ثم‭ ‬الاستفتاء‭ ‬عليه‭ . ‬الآن‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبين‭ ‬الخيط‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬الخيط‭ ‬الأسود‭ ‬من‭ ‬الفجر،‭ ‬وبات‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المستحقة‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬العراقي‭ ‬الدستور‭ ‬كافلاً‭ ‬لمستقبل‭ ‬أطفاله‭ ‬مادام‭ ‬يحيا‭ ‬فوق‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ .‬

كتبوا‭ ‬الدستور‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬العراق‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الأحزاب‭ ‬المستقدمة‭ ‬بركاب‭ ‬الاحتلال‭  ‬هائجة‭ ‬تريد‭ ‬نسف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قيام‭ ‬وجودها‭ ‬الذي‭ ‬انخدع‭ ‬الشعب‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصحى‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬غفلة‭ ‬الغافلين‭ ‬ليجدوا‭ ‬انفسهم‭ ‬محاطين‭ ‬بأكبر‭ ‬كذبة‭ ‬،‭ ‬لعل‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭  ‬الارهابي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬عورات‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬يوماً‭ ‬مستورة‭ .‬

رئيس التحرير 

لندن

 

مشاركة