إلى سودان اللاءات – جاسم مراد

إلى سودان اللاءات – جاسم مراد

بعد نكسة حزيران عام 1967  كانت جمهورية السودان اول دولة تحتضن القمة العربية بحضور كافة الملوك والرؤساء والامراء العرب ، وخرجت القمة بقرارات مفصلية في مقدمتها االلاءات العربية الثلاث وهي لا تفاوض ولا اعتراف ولا صلح  وبذلك اغلق العرب سياسة الرضوخ للكيان الإسرائيلي والاعتراف به الذي كانت الحرب الاستعمارية الإسرائيلية الغربية احدى شروط العدوان ومسبباته ، فالسودان التي شاركت في كل مفاصل الحروب العربية ضد المحتلين كان الانتماء العروبي هاجسها ووحدة الموقف العربي قضيتها ، ولم تشعر الجماهير العربية يوما بأن تكون السودان واحدة من الأنظمة العربية التي ترضخ للاملاءات الامريكية بغية القبول بمد جسور اللقاءات مع زعماء الكيان الإسرائيلي وصولاً للتطبيع معه ، فهي الدولة كما شأن الشعوب العربية التي كانت ولا زالت ترفض الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين .

لقد استغلت الدول الامبريالية قضية حصار السودان ، وهو المشروع الدموي التجويعي كمعادلة للقبول بالتطبيع مع إسرائيل كشرط لرفع الحصار ، كما فعلت في العراق في حصار ال ( 12) عاما وراح ضحيته مليون طفل عراقي جراء الحاجة للدواء والغذاء وتبعه عدوان مسلح اشتركت بتنفيذه ( 32) دولة من مختلف الجنسيات . وفي هذه الأيام المؤلمة تشهد السودان الدولة العربية السودانية صراعا دموياً بين جنرالي الحكم الممثلة بالجيش وقوات الرد السريع وراح ضحيته الاف الشهداء والجرحى والمهجرين من ديارهم ، ومما يثير التساؤل إن معظم الدول الغربية باتت تنظر لهذا الصراع من فوق اسطح المنازل دون التدخل وهي القادرة على ذلك لتفكيك هذا الصراع ومعالجة الازمة بالطرق السلمية ، كما إن الموقف العربي الرسمي لم يكن تدخله لإنهاء الصراع بالعزم والقوة التي تحتاجها الازمة السودانية الراهنة والامر ينسحب على مواقف جامعة الدول العربية .

يبدو الحالة السودانية الراهنة تؤشر للحالة التي عاشتها وتعيشها ليبيا حاليا ، حيث ستبرز العديد من المنظمات الإرهابية كطرف في تاجيج وتصاعد الصراع حيث تفيد التقارير هناك مليشيات قد دخلت الى بعض المواقع السودانية المهمة ، وهذا الامر يشير الى إن الأطراف الدولية تنتظر أن يتطابق الوضع السوداني ماجرى في ليبيا التي لازالت تنتشر في أراضيها العديد من المنظمات الإرهابية والمليشيات الخارجة عن القانون والدول التي تستهدف ليبيا كموارد وجغرافيا . والمعروف إن السودان تمتلك العديد من الموارد مثل الذهب والنفط واليوناريوم ، وهي مستهدفة مثلها مثل العديد من الدول الأخرى .

إن دخول الكيان الإسرائيلي كطرف في هذه الازمة وطرح مشروع الصلح بين الجنرالين المتقاتلين في تل ابيب يعطي الدلالات الاكيدة بأن هذا الكيان هو طرفا في هذا الصراع ، سيما وان الانباء اشارت الى إن بعض اركان الصراع اجرى اتصالات مع إسرائيل . وان المؤكد على وفق التجارب مع هذا الكيان هو يريد أن يكون حاضراً في هذه الازمة مستغلاً الضعف الرسمي العربي في التدخل الفعلي في معالجتها وفي الانتظار الدولي للوقوف على نتائج الصراع ، أو تفكك الدولة السودانية الى دكاكين متناحرة تنتهي بالذهاب الى شياطين العالم .

الشعب السوداني العريق بانتماءه القومي العربي وبجذوره الوطنية لا يستحق من العرب هذا الانتظار  ولا حتى سكوت العرب على التدخل الإسرائيلي ، فأن الجامعة العربية مطالبة بعقد اجتماع طاريء لوزراء الخارجية وطرح المشروع العربي لملوك وقادة الدول لوضع خارطة الحل للازمة السودانية ورفض بشكل قاطع التدخل الإسرائيلي فيها ، وتحميل أي طرف من المتصارعين مسؤولية عدم الالتزام بالمشروع العربي التسووي لهذه الازمة ، بذلك يمكن اشعار الشعب السوداني بوقوف العرب الى جانبه واغلاق منافذ التدخل الإسرائيلي ، وإلا ما يجري في السودان الان قد ينتقل لدول أخرى وهذا ما تريده الحركة الصهيونية .

مشاركة