قصة قصيرة
حوار الثلاث
كان قليل الميول لزوجته لانه كثير الانشغال بالعبادة في المساء وكان يستغل حياء زوجته البسيطة المنحدرة من الريف بحيث لاتعرف المصارحة ان لم نقل تخشى على نفسها استحياء تارة ومن الرد السافر من قبل زوجها تارة اخرى فاهملت نفسها لاعن قصد بل كانت مرغمة. اذ الماخوذ حياء كالمأخوذ غصباً. وهكذا قتل هذا العبد الناسك المتجد ليلا والسائح نهاراً فيوعظ الناس. لقد قتل بطرقة هذه انسانة لم تقف بوجه الرجل لسلطته القاهرة المستمدة خطاً من الاية (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض)(سورة النساء 34). هذه السلطة الذكورية التي سلبت ولم تبقى للزوجة حتى ولو الاشارة الى حقها المهدور.
فكانت تعاني من هذا الرجل الازدواجي الشحصية اشد المعاناة وكثيراً ماكانت تردد بحيث تسمعه لعله يحس بمظلوميتها قول الله (ومن اظلم ممن افترى على الله) وهكذا كان هذا الناسك وهذه الزوجة قد عاشا مجتمعين مفترقين لايجتمعهما الا الثورة الجنسية عند الرجل وكأن هذه الثورة لاتحدث الا عد الرجل فالنساء هن الهدف لهذه الثورة. كان هذا الناسك يتهجد في محرابة بينما كان اثنين يتهامسان في محراب ذلك الناسك ليلاً فهما اقرب مخلوقين منه ولايوجد غيرهما معه في المحراب كانا شديداً التعجب لابل كانا يقضيان كل الليلة وحديث هذا الناسك لايفارقهما في حين كان الرجل منشغلاً في العبادة عبادة الله الذي جعل له حق الوصاية على المرأة والقيمومة عليها فتراه يردد الحمد لله الذي جعلني ذكراً ولم يجعلني انثى فانقطع عن عبادته طيلة الحيض والنفاس وكأن الله غضب على المرأة فأبعدها عن عبادته بهذه الحجة والذريعة. كان احد الاثنين المرافقين له في محرابة دون ان يشعر بوجودهما معه الا عند القائه محاضرة امام الملأ كان احدهما يقول للاخر نم يا رفيقي هل كتب علينا السهر واليقظة والمراقبة لهذا العبد الناسك فانت تسجل حسناته وانا اسجل سيئاته؟ فهو الان في عبادته منشغلا فأنا سانام لانه لم يعد امامه شيطان يغريه فرد عليه الثاني وهل تتصور هذه عبادة الم تكن مظلمة فهو تارك لزوجته وسالباً لحقها أليس جرماً ومن واجبك ان تسجله عليه. ولكن هل تسجل انت ما يحدث اي ما يقع ام ما يضمر؟ اولم يحاسب الله الناس على نياتهم قال الاخر: وانى لي ان اعرف النيه وهي من اختصاص الخالق فأنا مجرد الة تسجل ليس الا وهكذا كانا هذين الجليسين يقضيان كل ليلة من ليال هذا الناسك في تبادل الاتهامات والتبريرات فلم يسجل كلاهما ذنباً ولا حسنة قأنشغلا بازدواجية هذا الناسك كان هذا حديث اثنين يرافقان هذا العبد الناسك ليل ونهار وكان بالمقابل حديث للاخرين مختلفين في نظراتهما لهذا العبد الناسك. كان فعله شديد الغضب عليه اذ يخاطب عمامه ذلك الناسك فيقول انت تحترمين وتبجلين هذا الناسك رغم ما سمعت من هذين المتحدثين عنه وعن شذوذه ودجله لانه يضعك على راسه تارة واخرى على هذه الشماعة المرتفعة الشامخة واذا ماعلق بك شيء من التراب اسرعت زوجته وبأمرمنه لتنزيل عنك التراب وتطيبك بالعطر فيأخذك هو ويقرا البسملة قبل ان يضعك على راسه اما انا فيضعني في اسفله ويسحق بي الطاهر والنجس ولايمد يده يزيل عني ما علق بي بل يدفع بي الي الاسكافي فيا ليته يموت فأخلص من هذا العذاب انا النعل الذي طالما مر عليه هذا الناسك وانا في مكان امين معطر فاسمعه يتحسر لعدم مقدرته على اقتنائي وعندما مكنه القدر واشتراني من عرق جبينه في القراءة والوعظ فهو لا يجيد صنعه غيرها توارثها عن ابائه واجداده لانها اختصاص نادر لايناله الا المقربون والاقربون. وها هو يستهلكني كما يستهلك السيكارة وسيرميني الى المزبلة ليلتقطني الشحاذون وتعاد الكرة الى ان اتقطع قلب الفقير من الجوع والحسرات. اما انت فربما يحتفظ بك ذكرى لانك لديه رمز العبادة فأنت هويته مثل البرية التي يقع جبينه عليها عند السجود والتي رسمت علامة من علامات المؤمن في جبهته. فيا ليت العقرب تاتى لتخبئ داخلي فتلدغه ليموت فأخلص من هذا العذاب وبينما هو في هذه الاثناء جاءت عقرب سوداء فدخلت في جوف النعل. اهلا بمخلصتي انك منقذي وخلصي لطالما انتظرتك مثلما ينتظر الناس المخلص واياك ان تخرجي قبل ان تقتليه بسمك والا فسوف يسحقك بي فأنا برئ انصحك ان لاتخرجي فهي فرصتنا نحن الاثنين.
فضحك المرافقان له طيلة حياته وتمنياً ان تتحقق امنية النعل فبتحقيق هذه الامنية يفك اسرهما الاثنين معا فهما شرطيين مرافقة اما العمامة فكانت تتذمر من كلام الجميع لانها في علو شامخ ما سقطت على الارض قط. وماهي الا ساعة حتى تحققت امنية الثلاثة اما العمامة فقد بقيت معلقة لم تجد من يرتديها فأكلها العث اما الملكين فقد خرجا فرحين مسرعين لخلاصهما من هذا السجن والمعاناة فصاح بهما ملك الموت الى اين عودا الى مكانكما فقالا انه مات او لم تأخذ روحه فما عاد لنا من عمل قال ملك الموت لقد قال الناسك ارجعوني لعلي اعمل صالحاً فأرجعناه قال الملكان كلا انها كلمة هو قائلها فأنطلقا.
فيصل اللامنتمي – بغداد
/6/2012 Issue 4223 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4223 التاريخ 11»6»2012
AZPPPL