غورينكا الكرادة

hassan nawab

كلام مسموع

حسن النواب

 

1

أكادُ‭ ‬أراهم

هؤلاء‭ ‬الشهداء

في‭ ‬أعالي‭ ‬السماء

‭ ‬عند‭ ‬نافذة‭ ‬الفردوس‭ ‬يقفونْ

وبعيونٍ‭ ‬دامعةٍ

‭ ‬الى‭ ‬كرّادة‭ ‬عاشوراءْ

يتطلّعونْ‭ ‬

أحدهم‭ ‬يرى‭ ‬أمه‭ ‬تلطم‭ ‬على‭ ‬رأسها

وآخر‭ ‬يراقب‭ ‬صديقه‭ ‬ينوح

وثالث‭ ‬أخبره‭ ‬ملاك‭ ‬الموت

أن‭ ‬إبنته‭ ‬مازالت‭ ‬في‭ ‬المشفى

ورابع‭ ‬يهتف‭ ‬على‭ ‬أبيه

حتى‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬البكاء

انهم‭ ‬حول‭ ‬نافذة‭ ‬الفردوس‭ ‬يتزاحمون‭ ‬

وبقنوطٍ‭ ‬الى‭ ‬حزن‭ ‬البلاد

ولرماد‭ ‬جثثهم

ولشموعٍ‭ ‬أشعلها‭ ‬الناس

على‭ ‬الخراب‭ .. ‬ينظرونْ

غير‭ ‬أن‭ ‬شهيدةً

إنزوتْ‭ ‬بعيداً‭ ‬عنهم

وظلّت‭ ‬تبتهل‭ ‬الى‭ ‬الله

حتى‭ ‬يعيدها‭ ‬للكرّادة

عسى‭ ‬تعثر‭ ‬على‭ ‬خطيبها

الذي‭ ‬إختفى‭ ‬لحظة‭ ‬الإنفجار

بين‭ ‬الدخانْ

ولم‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬السماء

حتى‭ ‬الآنْ‭ .‬

2

لهذا‭ ‬النحيب‭ ‬والدمار‭ ‬والدماء

حتى‭ ‬الملائكة

اندهشتْ

وماعادت‭ ‬تعرف

هل‭ ‬هذا‭ ‬شهر‭ ‬رمضان

أم‭ ‬أيام‭ ‬عاشوراء‭ ‬؟‭!‬

3

الفطور‭ ‬طين

مادام‭ ‬نحيبك‭ ‬يضجُّ‭ ‬بفؤادي

ونيرانك‭ ‬تكوي‭ ‬مهجتي‮ ‬

يا‭ ‬وطني‭ .‬

4

لا‭ ‬تقولوا‭ ‬عيداً‭ ‬سعيداً

بل

عيداً‭ ‬شهيداً‭ .‬

5

ليس‭ ‬هناك

أجمل‭ ‬من‭ ‬ثوبٍ‭ ‬أسْوَدْ

لهذا‭ ‬العيد‭ .‬

6

غورنيكا‭ ‬الكرّادة

تُرى‭ ‬من‭ ‬يرسمها‭ ‬على‭ ‬جداريةٍ‭ ‬

ومن‭ ‬ينحت‭ ‬لها‭ ‬نصباً

في‭ ‬ساحة‭ ‬الفردوس‭ ‬؟

حتى‭ ‬لا‭ ‬تُمحى‭ ‬من‭ ‬ذاكرتنا‭ .‬

7

ما‭ ‬من‭ ‬منزل‭ ‬في‭ ‬البلاد

لم‭ ‬يذرفْ‭ ‬دمعاً‭ ‬على‭ ‬الشهداء

الاّ‭ ‬بيوت‭ ‬الدواعش‭ ‬والمنطقة‭ ‬الخضراء‭ .‬

8

نصيحة‭  : ‬

ضعوا‭ ‬قرص‭ ‬الهوية‭ ‬حول‭ ‬أعناقكم

لأن‭ ‬الوطن‭ ‬بحرب‭ ‬دائمة‭ .‬

9‭ ‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬وطنٍ

برع‭ ‬بالرثاء‭ ‬مثل‭ ‬العراقْ

لكثرة‭ ‬ماقدّم‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬وشهداء‭ .‬

10

حين‭ ‬جنّ‭ ‬الليل

أصبح‭ ‬مكان‭ ‬الإنفجار

واحة‭ ‬ذهب

من‭ ‬إزدحام‭ ‬الملائكة

التي‭ ‬أقامت‭ ‬صلاة‭ ‬الوحشة

هناك‭ .‬

‭ ‬غورنيكا‭ ‬هو‭ ‬اسم‭ ‬لقرية‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬الباسك‭ ‬الأسباني‭ ‬تعرّضت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1937‭ ‬لهجوم‭ ‬بالطائرات‭ ‬والقنابل‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬القوات‭ ‬التابعة‭ ‬لنظام‭ ‬فرانكو‭ ‬بمعاونة‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬المانيا‭ ‬النازية‭. ‬وقد‭ ‬راح‭ ‬ضحيّة‭ ‬المذبحة‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬وستمائة‭ ‬شخص‭ ‬،‭ ‬الحادثة‭ ‬فجّرت‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬شديدة‭ ‬بأرجاء‭ ‬العالم‭ ‬مستنكرة‭ ‬ومندّدة‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المظاهرات‭ ‬والمسيرات‭ ‬الإحتجاجية‭ ‬ووصلت‭ ‬أخبار‭ ‬المذبحة‭ ‬إلى‭ ‬باريس‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يقيم‭ ‬الفنان‭ ‬الأسباني‭ ‬بابلو‭ ‬بيكاسو‭.‬‮ ‬‭ ‬فأبدع‭ ‬جداريته‭ ‬الشهيرة‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬إسم‭ ‬غورنيكا‭.‬

‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬العراق‭ ‬يمتلك‭ ‬مروحية‭ ‬إطفاء‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬الحرائق‭ ‬،‭ ‬لما‭ ‬حدثت‭ ‬تلك‭ ‬المحرقة‭ ‬القاسية‭ ‬والرهيبة‭ ‬لجثث‭ ‬الأبرياء‭ ‬في‭ ‬إنفجار‭ ‬الكرّادة‭ ‬،‭ ‬مروحية‭ ‬إطفاء‭ ‬واحدة‭ ‬كانت‭ ‬كفيلة‭ ‬بإنقاذهم‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬التي‭ ‬حاصرتهم‭  ‬،‭ ‬فهل‭ ‬ستفكر‭ ‬الحكومة‭ ‬بشراء‭ ‬تلك‭ ‬المروحيات‭ ‬مادامت‭ ‬البلاد‭ ‬بحريق‭ ‬دائم‭ ‬؟‭ ‬

مشاركة