القدس (أ ف ب) – أحيت إسرائيل الثلاثاء الذكرى الثانية لهجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الذي أشعل فتيل حرب مدمّرة لا تزال متواصلة في قطاع غزة، فيما يجري مفاوضون عن كل من حماس والدولة العبرية مباحثات غير مباشرة في مصر لوقف إطلاق النار بموجب مقترح للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
صبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في ختام عيد العرش اليهودي (سوكوت)، شنّت فصائل مسلّحة بقيادة حماس هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، لتشهد بذلك الدولة العبرية اليوم الأكثر دموية في تاريخها.
يومها، اخترق المقاتلون الفلسطينيون الحدود، وهاجموا بأسلحة نارية وقذائف وعبوات ناسفة البلدات والتجمّعات السكانية، فضلا عن مهرجان نوفا الموسيقي.
وأسفر الهجوم عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما خطف المهاجمون 251 شخصا اقتادوهم إلى القطاع حيث لا يزال 47 منهم محتجزين، من بينهم 25 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.
– تذليل العقبات –
والثلاثاء، اعتبر القيادي البارز في حماس فوزي برهوم أن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر كان “استجابة تاريخية لمؤامرات تصفوية للقضية الفلسطينية”.
وأفاد في الوقت ذاته بأن حماس الآن تسعى إلى “تذليل كل العقبات” أمام التوصل إلى اتفاق في مصر.
وبعد عامين على هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تصاعدت الضغوط الدولية بشكل كبير من أجل إنهاء الحرب في وقت تواصل إسرائيل حملتها العسكرية في قطاع غزة بدون هوادة برّا وجوا وبحرا، ما حول القطاع إلى أكوام من الأنقاض فضلا عن مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين، والتسبب بأزمة انسانية كارثية بلغت حد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في الشمال خصوصا.
واتّهم تحقيق للأمم المتحدة الشهر الماضي إسرائيل بارتكاب إبادة في غزة بينما اتّهمت مجموعات حقوقية حماس بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وينفى الطرفان الاتهامات.
من جانبه، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي خطة مؤلفة من 20 بندا تنص خصوصا على وقف إطلاق النار وإفراج حماس عن جميع الرهائن ونزع سلاح الحركة وانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجا من غزة.
قوبلت الخطة بردود فعل إيجابية من إسرائيل وحماس على حد سواء وقادت إلى مباحثات غير مباشرة بدأها المفاوضون الاثنين في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وأفاد مصدران فلسطينيان مقربان من فريق حماس التفاوضي بأن المحادثات متواصلة الثلاثاء في شرم الشيخ.
ومن المقرر أن ينضم الوفد الأميركي برئاسة المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الى المباحثات الأربعاء، بحسب ما أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي.
وأضاف عبد العاطي أن “الضمان الأساسي للنجاح في هذه المرحلة هو الرئيس الأميركي ترامب نفسه.. حتى لو تطلب الأمر فرض رؤية”.
– “إنهاء معاناة الجميع” –
في إسرائيل، شارك عشرات من أقارب الضحايا الذين سقطوا في الهجوم على مهرجان نوفا الموسيقي في إحياء الذكرى في الموقع حيث قتل عناصر حماس يومها أكثر من 370 شخصا وخطفوا العشرات.
وقالت أوريت بارون (57 عاما) التي قُتلت ابنتها يوفال في المكان “اليوم هو ذكرى السبت الأسود.. أنا هنا لأكون معها، لأنها فارقت الحياة هنا، مع خطيبها موشيه”، مضيفة أنها تشعر بأن ابنتها “هنا معي الآن”.
وستقام مراسم أخرى في ساحة الرهائن في تل أبيب حيث تجري أسبوعيا تظاهرات تطالب بالإفراج عن بقية المحتجزين في القطاع الفلسطيني المُحاصر.
وفي هذا الإطار، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء إلى “إطلاق سراح الرهائن، فورا بدون قيد أو شرط… وإنهاء معاناة الجميع، ووضع حدٍ للأعمال العدائية في غزة وإسرائيل والمنطقة الآن”.
– “كلهم يكذبون” –
أسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقلّ عن 67160 فلسطينيا في غزة، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. وبينما لا تميّز بيانات الوزارة بين المدنيين والمقاتلين إلا أنها تشير إلى أن أكثر من نصف القتلى هم نساء وأطفال.
وفي غزة، قالت عبير أبو اسعيد (21 عاما) التي خسرت سبعة من أقاربها في الحرب “لا أعرف متى ستنتهي الحرب، حلمي ان تنتهي الحرب الآن وليس غدا”.
وأضافت “لا أثق بأحد من المفاوضين الإسرائيليين ولا حتى حماس، كلهم يكذبون علينا، مفاوضات من أجل المفاوضات ونحن نموت في كل دقيقة”.
وفي منتجع شرم الشيخ في مصر، يتنقل الوسطاء بين وفدي إسرائيل وحماس في ظل إجراءات أمنية مشددة.
وقال عبد العاطي إن المفاوضات الجارية تهدف إلى تنفيذ “المرحلة الأولى” من الاتفاق “من خلال العمل على تهيئة الظروف لإطلاق سراح الرهائن ونفاذ المساعدات واطلاق سراح أسرى فلسطينيين”.
وأضاف أن ذلك يتطلب بالتالي “إعادة انتشار القوات الاسرائيلية حتى نتمكن من العمل على تنفيذ هذه المرحلة”.
وحض ترامب المفاوضين على “التحرّك سريعا” لإنهاء الحرب، لكن الضربات الإسرائيلية تواصلت الثلاثاء وأدت إلى مقتل أربعة أشخاص، بحسب الدفاع المدني في غزة ومستشفى محلي.
وفي هذا السياق، رأت قطر التي تعد وسيطا رئيسيا أنه كان من المفترض أن تتوقف إسرائيل عن إطلاق النار في غزة بموجب خطة ترامب.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري للصحافيين في الدوحة “بالنسبة لوقف إطلاق النار. هذا سؤال يوجه لحكومة الاحتلال الإسرائيلية التي كان من المفترض أن تتوقف فعلا عن إطلاق النار، إذا كان الكلام الذي قيل عن رئاسة الوزراء (الإسرائيلية) أن هناك التزاما بخطة ترامب” صحيحا.
من جانبه، قال ترامب لقناة “نيوزماكس” “أعتقد أننا نقترب كثيرا من التوصل إلى اتفاق.. أعتقد أن هناك الكثير من حسن النية الظاهرة الآن. إنه أمر رائع”.
وحذّر رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير في وقت سابق من أنه إذا فشلت المفاوضات فإنّ الجيش “سيعود الى القتال” في غزة.