صلاة جماعية لأنصار الصدر ببغداد..استعراض قوة سياسي ضاغط على الاحزاب

بغداد‭- ‬عبدالحسين‭ ‬غزال‭ ‬

نجح‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬يكون‭ ‬حاضرا‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬اكبر‭ ‬استعراض‭ ‬قوة‭ ‬سياسي‭ ‬ضاغط‭ ‬عبر‭ ‬صلاة‭  ‬جمعة‭ ‬حيث‭ ‬اجتمع‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬مؤيديه‭ ‬في‭ ‬صلاة‭ ‬موحدة‭ ‬الجمعة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬جاء‭ ‬قسم‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬محافظات‭ ‬الجنوب،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭ ‬والدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬وسط‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬معقّدة‭ ‬تمرّ‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭.‬‮ ‬‭  ‬وهتف‭ ‬انصار‭ ‬الصدر‭ ‬بعد‭ ‬الصلاة‭ ‬بأنهم‭ ‬ينتظرون‭ ‬إشارة‭ ‬القائد‭ ‬للذهاب‭ ‬الى‭ ‬الموت‭ ‬واقتحام‭ ‬اية‭ ‬منطقة‭ ‬حتى‭ ‬الخضراء‭ . ‬ومنذ‭ ‬انتخابات‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬المبكرة،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬العراقيون‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬أزمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬يجهلون‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬رئيس‭ ‬حكومتهم‭ ‬المقبل‭.‬‮ ‬

وتعجز‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬الشيعية‭ ‬البارزة،‭ ‬أي‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬والإطار‭ ‬التنسيقي‭ ‬الشيعي،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬عن‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬صيغة‭ ‬تخرج‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬المأزق‭ ‬السياسي،‭ ‬وتشكيل‭ ‬حكومة‭.‬‮ ‬‭ ‬وبفوزه‭ ‬بـ73‭ ‬نائباً‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬329،‭ ‬كان‭ ‬الصدر‭ ‬يريد‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬أغلبية‭ ‬بالتحالف‭ ‬مع‭ ‬كتل‭ ‬سنية‭ ‬وكردية،‭ ‬فيما‭ ‬أراد‭ ‬خصومه‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬التنسيقي‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬توافقية‭. ‬لكن‭ ‬الصدر‭ ‬قرر‭ ‬سحب‭ ‬نوابه‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬اعتبرت‭ ‬أنها‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭.‬‮ ‬

وبانسحاب‭ ‬نواب‭ ‬الكتلة‭ ‬الصدرية،‭ ‬بات‭ ‬للإطار‭ ‬التنسيقي‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬المقاعد‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭. ‬ويضم‭ ‬الإطار‭ ‬كتلاً‭ ‬شيعية‭ ‬أبرزها‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬بزعامة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأسبق‭ ‬نوري‭ ‬المالكي‭ ‬وكتلة‭ ‬الفتح‭ ‬الممثلة‭ ‬لفصائل‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬الموالي‭ ‬لإيران،‭ ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يتمكّن‭ ‬الإطار‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬مرشحهم‭ ‬لرئاسة‭ ‬الحكومة‭.‬‮ ‬

اجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬

ويتمتّع‭ ‬الصدر‭ ‬بمكانة‭ ‬سياسية‭ ‬وازنة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬إثر‭ ‬الغزو‭ ‬الأميركي‭. ‬وسط‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬السياسية‭ ‬الملبدة،‭ ‬أقام‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬مؤيدي‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬الموحدة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬تلبيةً‭ ‬لدعوة‭ ‬أطلقها‭ ‬الصدر،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬مرتفعة،‭ ‬وجّه‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية‭ ‬إلى‭ ‬خصومه‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬حاضراً‭.‬‮ ‬

وفي‭ ‬خطبة‭ ‬ألقاها‭ ‬بالنيابة‭ ‬عنه‭ ‬الشيخ‭ ‬محمود‭ ‬الجياشي،‭ ‬قال‭ ‬الصدر‭ ‬‮«‬إننا‭ ‬أمام‭ ‬مفترق‭ ‬طريق‭ ‬صعب‭ ‬ووعر‭ ‬إبان‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬نحسن‭ ‬الظن‭ ‬بهم‭ ‬والذين‭ ‬جربناهم‭ ‬سابقاً‭ ‬ولم‭ ‬يفلحوا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭ ‬من‭ ‬الإطار‭ ‬التنسيقي‭ ‬الشيعي‭.‬‮ ‬

ودعا‭ ‬الصدر‭ ‬خصومه،‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادوا‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‮»‬‭ ‬الالتزام‭ ‬بعشر‭ ‬نقاط،‭ ‬أبرزها‭ ‬متعلّقة‭ ‬بالحشد‭ ‬الشعبي،‭ ‬وهو‭ ‬تحالف‭ ‬فصائل‭ ‬شيعية‭ ‬مسلّحة‭ ‬أغلبها‭ ‬موالية‭ ‬لإيران‭.‬

وقال‭ ‬‮«‬إنهم‭ ‬يعدون‭ ‬الشعب‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬حكومتهم‭ ‬المقبلة‭ ‬ليست‭ ‬كسابقاتها‭ ‬فأٌقول‭ ‬إن‭ ‬أولى‭ ‬خطوات‭ ‬التوبة‭ ‬هي‭ ‬محاسبة‭ ‬فاسديهم‭ ‬علناً‮»‬‭.‬‮ ‬‭ ‬واعتبر‭ ‬الصدر‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬عراقية‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬سلاح‭ ‬منفلت‭ ‬وميلشيات‭ ‬منفلتة‭ ‬لذا‭ ‬عليهم‭ ‬أجمع‭ ‬التحلي‭ ‬بالشجاعة‭ ‬وإعلان‭ ‬حل‭ ‬جميع‭ ‬الفصائل‮»‬‭.‬

ورأى‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬‮«‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬الحشد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تنظيمه‭ ‬وترتيبه‭ ‬وتصفية‭ ‬جسده‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬غير‭ ‬المنضبطة‭ ‬والاعتناء‭ ‬بالمجاهدين‭ ‬منهم‭ ‬والاهتمام‭ ‬بأحوالهم‮»‬‭.‬‮ ‬

ودعا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إبعاد‭ ‬الحشد‭ ‬عن‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬وعدم‭ ‬جزه‭ ‬بحروب‭ ‬طائفية‭ ‬أو‭ ‬خارجية‭ ‬وإبعاد‭ ‬الحشد‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬والتجارة‭ ‬حبا‭ ‬وحفاظا‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬الجهاد‭ ‬والمجاهدين‮»‬‭.‬‮ ‬

وبعيد‭ ‬الصلاة،‭ ‬كتب‭ ‬الصدر‭ ‬في‭ ‬تغريدة‭ ‬‮«‬شكرا‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النصر‭ ‬العظيم‮»‬‭.‬‮ ‬

‮«‬عرض‭ ‬قوة‮»‬‭ ‬

ونظّم‭ ‬الحدث‭ ‬الجمعة‭ ‬وسط‭ ‬اجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬مشدّدة،‭ ‬إذ‭ ‬أقيمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬للتفتيش‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬الثبوتية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عناصر‭ ‬في‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭.‬

وأقيمت‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬الفلاح‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الصدر،‭ ‬الحيّ‭ ‬الذي‭ ‬سمّي‭ ‬تيمناً‭ ‬بمحمد‭ ‬الصدر‭ ‬والد‭ ‬مقتدى‭ ‬الذي‭ ‬اغتيل‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1999‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬نظام‭ ‬صدّام‭ ‬حسين‭. ‬وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬جاءت‭ ‬لتوجيه‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية،‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الصلاة‭ ‬إحياء‭ ‬لذكرى‭ ‬صلوات‭ ‬كان‭ ‬يقيمها‭ ‬كلّ‭ ‬جمعة‭ ‬محمد‭ ‬الصدر‭ ‬في‭ ‬التسعينات‭ ‬تحدياً‭ ‬لنظام‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭.‬‮ ‬

ورأى‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬ECFR‭ ‬حمزة‭ ‬حداد‭ ‬أن‭ ‬الصدر‭ ‬أراد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصلاة‭ ‬إظهار‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استقالة‭ ‬نوابه،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ذا‭ ‬أهمية‭ ‬سياسياً‮»‬‭.‬‮ ‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصدر‭ ‬حاول‭ ‬عرض‭ ‬قوته‭ ‬وإظهار‭ ‬النفوذ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يملكه‭ ‬على‭ ‬الشارع‮»‬،‭ ‬معتبراً‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬‮«‬فإن‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬خطبة‭ ‬الجمعة‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‮»‬‭.‬‮ ‬

وجاء‭ ‬سجّاد‭ (‬28‭ ‬عاماً‭) ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الصدر‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصلاة‭. ‬وقال‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬جالسا‭ ‬على‭ ‬سجادة‭ ‬صلاة‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬هنا‭ ‬حباً‭ ‬وطاعةً‭ ‬لمقتدى‭ ‬الصدر‭. ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نثبت‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬لديه‭ ‬جمهور‭ ‬ولديه‭ ‬أشخاص‭ ‬يطيعونه‮»‬‭.‬

من‭ ‬حوله،‭ ‬تجمّع‭ ‬الحضور‭ ‬تحت‭ ‬شمس‭ ‬حارقة‭ ‬استعداداً‭ ‬لبدء‭ ‬الصلاة‭. ‬وحمل‭ ‬المشاركون‭ ‬صوراً‭ ‬لمقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬ووالده‭ ‬محمد‭ ‬الصدر،‭ ‬كما‭ ‬رفعوا‭ ‬الأعلام‭ ‬العراقية،‭ ‬فيما‭ ‬ردّد‭ ‬بعض‭ ‬منهم‭ ‬شعارات‭ ‬تأييد‭ ‬للصدر‭ ‬قائلين‭ ‬‮«‬نعم‭ ‬نعم‭ ‬للسيد‭ ‬القائد‮»‬‭.‬‮ ‬

وحضر‭ ‬المشاركون‭ ‬وفي‭ ‬أيديهم‭ ‬سجادات‭ ‬الصلاة،‭ ‬بينما‭ ‬لفّ‭ ‬البعض‭ ‬أجسادهم‭ ‬بكفن‭ ‬أبيض‭ ‬تمثّلا‭ ‬بما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬محمد‭ ‬الصدر،‭ ‬ويحمل‭ ‬رمزية‭ ‬الاستعداد‭ ‬للتضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قضيتهم‭. ‬وضعت‭ ‬منصة‭ ‬وسط‭ ‬شارع‭ ‬واسع،‭ ‬فيما‭ ‬أدّى‭ ‬رجال‭ ‬دين‭ ‬الصلاة‭ ‬بمحيطها‭ ‬وخلفهم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المصلين‭.‬‮ ‬

وحضر‭ ‬الشيخ‭ ‬كاظم‭ ‬حافظ‭ ‬محمد‭ ‬الطائي‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬بابل‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬العراق‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭. ‬وقال‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬جئنا‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬بابل‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬العراق‭ ‬لنحيي‭ ‬ذكرى‭ ‬هذه‭ ‬الصلاة‭ ‬الموقرة‭ ‬التي‭ ‬أٌمها‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬الصدر‭ ‬عام‭ ‬1999‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬‮«‬السيد‭ ‬القائد‭ ‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬نطيعه‭ ‬كما‭ ‬نطيع‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭ ‬وأنبياءه‮»‬‭.‬

مشاركة