شيء من مذكّراتي
بديع عارف
قبل عام تقريباً اتصل بي صديقي العزيز الاخ (حسنين معله) رئيس الهيئة الادارية لنادي الصيد لكي يخبرني بأن هناك مجلس فاتحة على روح المرحوم الدكتور (حسن الجلبي) الذي كان أستاذنا الكبير في كلية الحقوق في الستينات من القرن الماضي حضرت الى ساحة عدن حيث كانت الفاتحة مقامة في بستان الجلبي كانت سيارات مسؤلي الدولة سنة وشيعة بزعيقها الذي يصم الاذان تتوافد الى مجلس الفاتحة بحمولتها من المسؤولين و حماياتهم ( هنا تذكرت مسؤولي ووزراء النظام السابق مثل الدكتور محمد مهدي وزير التجارة الاسبق وكل المسؤولين الاخرين لم يكن يصحبهم الا مرافق واحد ) عند مدخل قاعة مجلس العزاء الذي كان يتسع لمئات واكثر من المعزين استقبلني الدكتور (احمد الجلبي ) الذي اختلف معه سياسياً وفكرياً مرحباً وعندما اردت الجلوس في مدخل القاعة قادني الدكتور (احمد الجلبي ) الى المكان المخصص لمسؤولي الحكومة هناك على الجهة اليمنى من القاعة كان مسؤولي الحكومة من اعضاء حزب الدعوة والتحالف الوطني ومن ضمنهم السيد ابراهيم الجعفري والسيد ابراهيم بحر العلوم وزير النفط الاسبق وبقية مسؤلي التحالف الوطني وعلى الجهة اليسرى كان نواب من يدعون بأنهم يمثلون المحافظات المنتفضة الذين لا اريد ذكر اسمائهم حاليا.
الذي حصل ان مسؤولي الحكومة منهم السيد الجعفري والسيد بحر العلوم واخرين من التحالف الوطني رحبوا بي ترحيبا كبيرا ودعاني الدكتور ابراهيم الجعفري (مع اني اختلف معه سياسيا وفكريا هو الاخر) لزيارته في مكتبه ..
التفت الى الجانب المقابل حيث كان يجلس فيه من يدعون بأنهم يمثلون المحافظات الغربية فوجئت بأنهم اخذوا يشيحون النظر عني ويبدو انهم كانوا يخشون غضب مسؤولي التحالف الوطني ولكي يبعدوا الشبهة عنهم .. هؤلاء هم ممثلو الشعب كما يدعون ؟
نموذج اخر لهؤلاء الذين يدعون بأنهم ممثلي الشعب فقد اضطرني واجبي المهني والاخلاقي والانساني الذي يوجب عبي الدفاع عن متهمين ابرياء حكم عليهم بالاعدام عن فعل لم يقترفوه قمت بالاتصال بمكتب رئيس البرلمان السابق السيد اسامة النجيفي (نائب رئيس جمهورية حالي) لكني فوجئت عن طريق مدير مكتبه برفضه مقابلتي هو الاخر ويبدو ان هذا الاخر ايضا يتجنب زعل و غضب مسؤولي الدولة .
-عندما توكلت عن المقاتل العقيد الركن مؤيد ياسين الذي كان قد حكم عليه بالاعدام لمقاتلتة جنود الاحتلال الامريكي اتصلت تلفونياً بمكتب الاخ العزيز الدكتور عادل عبد المهدي الذي كان نائباً لرئيس الجمهورية حينذاك بخصوص هذا الامر فحدد لي موعدُ لزيارتة وخصص سيارة لنقلي الى مقره قرب جسر الطابقين واستقبلني بحفاوة بالغة مع اني اختلف معة سياسياً وفكرياً وقد استجاب بطلبي بعدم تصديق حكم الاعدام بهذا المقاتل الشريف وهذا ماحدث وانا ممتن له لموقفه النبيل .. هنا لا أريد ان احابي احدا فهذه ليست شيمتي انما هذه وقائع لا استطيع تجاهلها ويجب ان اعلنها للملأ وكل نشاطاتي كمحامي ومدافعٌ عن حقوق الانسان تلزمني وتستوجب الاتصال بكافة الجهات بصفتي المهنية للدفاع عن متهمين ادينوا ظلماً عن فعل لم يقترفوه
-عام 1962 دخل اربعة كويتيين لمطعم عراقي في لندن يمتلكه شخص ينتمي لعائلة الخضيري المعروفة لا اذكر اسمه الان حيث يقيم هناك واثناء جلوسهم لتناول الطعام او هكذا كما يبدو اخذوا بسب المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم واستعملوا كلمات بذيئة ومشينة بحقه واحدثوا فوضى كبيرة داخل المطعم وحطموا الصحون وفجأة انبرى لهم ثلاثة اشخاص وانهالوا عليهم بالضرب المبرح والقوا بهم خارج المطعم جائهم صاحب المطعم ويشكرهم على موقفهم الوطني الغيور ويسألهم عن هويتهم اجابوه بأنهم من اليهود العراقيين الذين اسقطت عنهم الجنسية العراقية في العهد الملكي واضافوا بأن ما قام به الكويتيون المذكورون هذا اهانة لبلدهم الاصلي العراق وانهم لن يسمحوا بالاساءة الى رمز من رموز بلدهم العراق رغم اسقاط الجنسية العراقية عنهم .
-عام 2012 قام رئيس جمهورية العراق الاستاذ جلال الطالباني ( عافاه الله) الذي ربطتني به علاقة طيبة بأهداء سيف رئيس جمهورية العراق الراحل صدام حسين الى امير دولة الكويت
– منتصف عام 2006 قمت بترتيب زيارتين لعائلة الاستاذ طارق عزيز للسيد الطالباني وفي التفاتة كريمة منه قام بتغطية كافة احتياجات هذه العائلة .. ليس هذا فقط بل اعلن عن استعداده التام بأستظافة عائلة الرئيس السابق صدام حسين في كردستان العراق هذه حقائق لا يمكن تجاهلها وعليِ تضمينها بكل صدق في مذكراتي .
-عام 2006 وانا مضطلع بمهمة الدفاع عن المتهم الفريق فرحان مطلك الجبوري في قضية الانفال طلبت ان اقابل الرئيس مسعود البارزاني بشأن دار تعود لعائلة المرحوم عدنان خير الله تجاوز عليها احد المسؤولين المنتمين الى الحزب الديمقراطي الكردستاني فأتصلت بصديقي المرحوم فؤاد عارف عضو مجلس القيادة في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم ومرافق الملك غازي رحمة الله عليه الذي قام بترتيب لزيارة الرئيس مسعود البارزاني وتوجهت بنفس الطائرة التي كانت تقل رئيس المحكمة الجنائية العراقية السيد رؤوف عبد الرحمن الذي كان يختلس النظر الي وقد يبدو انه كان مستغرباً من توجهي الى كردستان رغم كوني وكيلاً عن متهم من قضية الانفال التي ذهب ضحيتها اعداد كبيرة من الكرد الذين يطلق عليهم (تعبير العصاة) في مطار اربيل فوجئت مندهشاً من تخصيص صالة الشرف لي واستقبالي من قبل وفد الرئيس مسعود برزاني الذي اصطحبني الى فندق شيراتون اربيل بسيارة خاصة أعدت لهذا الغرض في اليوم الثاني جائني هذا المسؤول واصطحبني الى صلاح الدين حيث مقر السيد الرئيس هناك في باب القصر كان الرئيس مسعود في استقبالي وقال لي استاذ بديع لست عدواً لنا انك محام تقوم بعملك ومهمتك التي هي الدفاع عن المتهمين وهذا هو واجبك المهني و الاخلاقي ونحن نقدره واننا ككرد بعيدين كل البعد عن الحقد وبالتحديد الحقد السياسي .. اننا ندير بلداً عصرياً ومتمدناً واصدرنا عفواً شاملاً عن كل من قاتلنا حتى من الكرد انفسهم الذين كان يطلق عليهم تعبير الفرسان .
لن نستطيع ان ندير بلداً اذا كان الحقد هو دافعنا الوحيد في ختام زيارتي للاخ العزيز الرئيس مسعود التي استمرت مايقارب النصف ساعة اصدر اوامره لاعادة الدار فوراً الى عائلة المرحوم عدنان خير الله وقد تكون لهذه الاستضافة الكريمة صله بما كان يقوم به شقيقي المرحوم الدكتور عدنان عارف الطبيب في المستشفى الجمهوري في السليمانية في اوائل الستينات من القرن الماضي صله بما كان يقوم به شقيقي بمعالجة عائلة واقرباء المرحوم مصطفى البرزاني كما كان يعالج العصاة كما كانوا يسمونهم حيث كان يؤخذ على ظهور البغال الى اعالي الجبال لهذه الغاية الانسانية متحملا خطورة هذا الامر في تلك الظروف السياسية في الستينيات وانا اغادر القصر بعد ان قام الرئيس مسعود بتوديعي تذكرت الرئيس صدام حسين عندما قال في المحكمة بأن الرئيس طالباني والرئيس مسعود البارزاني هم اصحاب قضية وانا احترمهما (جميعاً هذا موثق في تسجيلات المحكمة ) تذكرت هذا الموقف وانا اطالع على الانترنت انتقاد بعض السياسيين المنتمين لحزب الدعوة الحاكم قيامي بالدفاع عن صدام حـــــسين ويبدو لي ان هؤلاء اما ان يكونوا جهلة او كاذبين فأنا لم اكن محاميا لصدام حســـــين بل كنت محاميا لطارق عزيز ومحاميا للفريق فرحان مطلك الجبوري و معتقلين اخرين في قضية الانفال .
اقول لهؤلاء انني كنت وسأكون على استعداد تام لتولي مهمة الدفاع عن الرئيس السابق صدام حسين لو كلفت بهذا الامر نعم على استعداد للدفاع عنه امام محكمة اشرف على انشائها عتاة المجرمين والامريكان والاسرائيليين الغزاة وتولوا تدريب قضاتها
ويبدو لي ان هؤلاء المسؤولين الجدد لو كانوا فعلا من المجاهدين الحقيقيين كما يصفون انفسهم في داخل العراق وليس في خارجه لعرفوا حتما بأنني كنت من المحامين القلائل الذين تولوا الدفاع عن اعضاء حزب الدعوة الحقيقيين الذين كانوا يعملون داخل العراق وليس امثال هؤلاء الطارئين الذين كانوا يتسكعوا في اوربا وفي فنادقها ذات الخمس نجوم .
ان اعضاء حزب الدعوة الحقيقيين يعرفونني جيداً ويعرفون قيامي بالدفاع عن المرحوم مظهر قندي رئيس غرفة تجارة كربلاء الاسبق وعن السيد علي عبد الله نورمان وهو حي يرزق الذي حكم عليه بالاعدام في السبعينيات بتهمة التخابر مع ايران واعدت محاكمته وافرج عنه وكذلك دفاعي عن ابن شقيق المرحوم عبد الفتاح الشالي ( الذي كان عضواً في محكمة المهداوي ) والذي كان متهماً بمحاولة اغتيال بعض المسؤولين في نادي الصيد واستلامه اسلحة من ايران لتنفيذ العملية وقد تم الافراج عنه وهو حي يرزق .. اعود واقول لهولاء بأنني طيلة عملي في المحاماة ودفاعي عن اعضاء المجلس الاعلى وعن مجاميع في مدينة الصدر لم اسمع اي انتقاد او اساءة من مسؤولي نظام الرئيس السابق صدام حسين وانا فخور بكل ما قمت به وانتم الذين اتيتم مع دبابات الاحتلال الامريكي والاسرائيلي وفي ظل حرابهم لايمكنكم مهاجمتي فأنا ارفع من ذلك .
ــ اثناء وجودي في عمان على اثر اصدار مذكرات القاء قبض بحقي من قبل السلطات العراقية و لتردي وضعي الصحي فقد اضطرني مرض ثقيل وقاكم الله منه اجراء عملية جراحية مستعجلة ولم يكن معي اي مرافق و بعد ان افقت من التخدير و جدت السيدة رغد صدام حسين جالسة على كرسي قرب السرير حيث جاءت لتفقد صحتي مع باقة ورد انيقة كتب عليها هدية رغد صدام حسين و لم تكتف هذه السيدة النبيلة التي اعزها و اكن لها كل تقدير بذلك بل قامت بدفع كافة نفقات اقامتي في الاردن وسوريا وذلك بسبب تردي وضعي المادي لعدم السماح لي من ممارسة مهنتي في كلتا الدولتين تماشيا مع القوانين السارية هناك و على مدار سنين وهذا على سبيل المثال فقط فلدي الكثير عن مواقف هذه السيدة النبيلة سوف اتطرق اليها بشكل تفصيلي في مذكراتي التي اصبحت جاهزة للطبع .. علما ان كل ذلك حصل بعد تنفيذ حكم الاعدام بوالدها .. الف شكر سيدتي الكريمة و الى مقال قادم .