سوريا والطريقة العراقية
سعد عباس
التحذيرات الأمريكية للمعارضة السورية من استنساخ التجربة العراقية في هدم الدولة، تثير الضحك الذي هو من صنف البكاء.
الآن، ثمة في أمريكا من يعترف بطريق غير مباشر أن ما جرى في العراق هدم للدولة. لكنه اعتراف متأخر أولاً، وناقص ثانياً.
ربما سيأتي يوم يظهر فيه مسؤولون امريكيون يكملون الناقص من سطور هذا الاعتراف، وهو أن أكبر دولة في العالم ارتكبت خطأ كارثياً في العراق، وأقول كارثي لأنها الآن تحذّر من انزلاق سوريا اليه.
ربما، يُقال بأن الأمريكيين غير مسؤولين عن هدم الدولة العراقية، وما حدث بعد 2003 من تفكيك للجيش وإدارات البلاد، كان بإرادة عراقيين أمراء المحاصصة ، وليس برغبة أمريكية.
لكنّ هذا القول المضحك يستدعي سؤالين ألم تكنْ واشنطن في حينه الراعي الرسمي للعراقيين الذي هدموا الدولة؟، ولماذا لم يطلق أي مسؤول أمريكي تحذيراً بشأن العراق مماثلاً لتحذير اليوم بشأن سوريا؟
كانت معظم إن لم تكن جميع مفاتيح العراق بيد واشنطن بعد 2003، ولم تمنع هدم الدولة العراقية، فما الذي يجعلنا نطمئن لصدقية تحذيرها الآن وهي لا تملك من مفاتيح سوريا أكثر مما يملكه سواها في عواصم كبرى وأخرى إقليمية بعضها أصغر من أي ولاية أمريكية؟
حسناً، هي صحوة ضمير، فلعل واشنطن تشعر بالتأنيب على ما جرى للعراق، وتسعى للتكفير عنه في سوريا، لكنّها صحوة متأخرة جداً وقد فات أوانها بعد أكثر من عام على التعاطي الأمريكي والدولي مع الأزمة السورية بطريقة لا تفضي إلا الى تفكيك الدولة وانزلاقها الى ما هو أسوأ من كارثة العراق.
وماذا عن القراءة المغايرة للتحذير الأمريكي التي تفسّره بأنه محاولة لإغراء مزيد من الضباط والمسؤولين السوريين وتحفيزهم على الانشقاق، وهي قراءة إنْ صحّت فإنها تنفي صحوة الضمير عن واشنطن التي تعرف أكثر من سواها أن تجربة المنشقّ في عالمنا العربي مأساوية. ولهم أن يستعيدوا الى الذاكرة تجربة المنشقين في العراق ما دام هم المثال الذي يستخدمونه لتحذير السوريين؟
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول صمويل جونسون معظم الناس يضيّعون جزءاً من حياتهم في محاولة إظهار محاسن ليست فيهم ؟
جواب جريء
ــ قوله الاستقامة من دون معرفة ضعيفة وغير نافعة، والمعرفة من دون استقامة خطيرة ومروّعة .
/8/2012 Issue 4265 – Date 1 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4265 التاريخ 1»8»2012
AZP07
SAAB