دمعة داود .. أخضر العشب من دموع عَيْنَيْهِ!
عبدالرزاق صالح
لماذا يبكي داودُ؟
يبكي داودُ لأنَّ لداودَ دموعاً!
بكاءٌ على يَمَاْمَةٍ قُتِلَتْ بدمٍ باردٍ!
بكاءٌ على أرضٍ اُسْتُبِيْحَتْ!
بكاءٌ على الأطلالِ!
بكاءٌ على صَرْخَةِ طفلةٍ!
بكاءٌ على النَّحيبِ!
بكاءٌ على الصُّراخِ!
بكاءٌ على البُكاءِ!
ويظلُّ ينتحبُ الوليدُ!
تَمُرُّ في الأرضِ ألفُ مَذْبَحَةٍ
ويُكْتَبُ التَّاريخُ بالدماءِ
منذُ عقودٍ ……
النَّهرُ يجري صاخباً
ضاجاً بالضَّحايا
في وادي الطَّواويسِ
كانَ داودُ مُنْتَصِبَاً كرمحٍ!
مَنْ أينَ تَهِبُ رياحُ الموتِ؟
هَلْ كُنْتَ مَلِكَاً في أرضِ السَّوادِ؟
الأرضُ تَئِنُّ
ولَنا ألفُ أُغنيةٍ على المَمَرِّ!
بعيونِكَ* تحرسُ أرضَ السَّوادِ
يا داودُ
يا نازعَ السَّوادِ
يا داودُ
يا مُمْسِكَ صولجانِ السُّحابةِ!
كيفَ نَمْسِكُ بذيولِ الفرحِ السَّماويِّ؟
نحنُ غَاْرَوْنَ في الأرضِ!
تَحْتُنَا بقعةٌ داكنةٌ
وفَوْقُنَا بياضُ الكونِ
لكنَّ الأحمرَ في الهضابِ
في السِّهولِ
في الأنهارِ
في الضَّبابِ
أينَ الضَّياءُ؟
متى ينبثقُ الفجرُ؟
كلُّ واحدٍ يَعْزِفُ على نارِ نَهارهِ!
الذين يحرثونَ القبورَ!
ماذا يزرعوا؟
هَلْ تَنمو الجثةُ في العامِ القادمِ!؟
مازالتْ جُثَثٌ تُسقى بالدمعِ!
وجُثَثٌ تُسْتَبَاْحُ
وأُخرى ليستْ في فَمِّ القبرِ!
بَلْ في فَمِّ النَّهرِ!
هَلْ يَخْضَرُّ العشبُ من الدموعِ
بَعْدَ كلِّ تلكَ السَّنواتِ؟
يا داودُ … يا مَلِكَ الصَّحارى
كَمْ جالوتَ ظَهَرَ في زمنِ الطواغيتِ؟
ماذا ينفعُ الآنَ نسيجُ آلافِ العناكبِ؟
وقارونُ يملكُ آلافَ المفاتيحِ!
سيأتي طالوتُ إلى سورِ المدينةِ
يسألُ عنكَ يا مَلِكَ الغارِ!
بَعْدَ قرونٍ تَشْهَدُ المدينةُ أشكالاً غريبةً
يَمُرُّ القربانُ السَّماويُّ في عينِ دجلةَ
شمسُ النِّذْرِ تَسْطَعُ فوقَ الرَّافدينِ
يضحكُ القمرُ لوجهِكَ في السَّماءِ
كُنْ زائراً لبلدِ النَّجوى
وأذرفْ دموعَكَ على ترابِ العراقِ
عسى يَخْضَرَّ العشقُ
ونَرْفِلُ بالمحبةِ!
{ بعيونِكَ : العيون:ــ الأعوان (الحرس) في المسالح.