باريس تجرّد عباس من وسامها ورئيس موساد سابق يثير اعجاب الفلسطينيين

باريس‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭)  -‬القدس‭ ‬–‭ ‬رام‭ ‬الله‭ – ‬الزمان‭ ‬

‭- ‬جرّدت‭ ‬رئيسة‭ ‬بلدية‭ ‬باريس‭ ‬آن‭ ‬هيدالغو‭ ‬الجمعة‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬من‭ ‬أرفع‭ ‬أوسمة‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تصريحات‭ ‬ادلى‭ ‬بها‭ ‬حول‭ ‬المحرقة،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬مكتب‭ ‬هيدالغو‭.‬

وأوضح‭ ‬المكتب‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬عباس‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مؤهلا‭ ‬لحمل‭ ‬وسام‭ ‬غراند‭ ‬فيرميل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬برر‭ ‬إبادة‭ ‬يهود‭ ‬أوروبا‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

وبعثت‭ ‬هيدالغو‭ ‬برسالة‭ ‬إلى‭ ‬عباس‭ ‬الخميس‭ ‬قالت‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬ما‭ ‬ادليت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬قيمنا‭ ‬العالمية‭ ‬والحقيقة‭ ‬التاريخية‭ ‬للمحرقة‭.‬‮» ‬

وتابعت‭ ‬‮«‬بالتالي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكانك‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بهذا‭ ‬التكريم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الوسام‭.‬

ونال‭ ‬عباس‭ ‬هذا‭ ‬التكريم‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬باريس‭ ‬عام‭ ‬2015‭.‬

فيما‭ ‬رحبت‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الجمعة‭ ‬بتصريحات‭ ‬للرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لجهاز‭ ‬الموساد‭ ‬تامير‭ ‬باردو‭ ‬اعتبر‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تفرض‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬فصل‭ ‬عنصري‮»‬‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وهي‭ ‬تعليقات‭ ‬أثارت‭ ‬انتقادات‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭.‬

وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أسوشييتد‭ ‬برس‮»‬‭ ‬الأميركية‭ ‬نشرت‭ ‬الأربعاء،‭ ‬قال‭ ‬باردو‭ ‬‮«‬ثمة‭ ‬نظام‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‭ ‬هنا‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬حرب‭ ‬العام‭ ‬1967‭.‬

وأضاف‭ ‬‮«‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬شعبين‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬واحدة‭ ‬وفق‭ ‬نظامين‭ ‬قانونيين‭ ‬مختلفين،‭ ‬فهذا‭ ‬نظام‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يوقفهم‭ ‬الجيش‭ ‬أو‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يحالون‭ ‬الى‭ ‬محاكم‭ ‬عسكرية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬سكان‭ ‬المستوطنات‭ ‬التي‭ ‬تعتبرها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬يُحالون‭ ‬أمام‭ ‬القضاء‭ ‬المدني‭.‬

وتعدّ‭ ‬تصريحات‭ ‬باردو،‭ ‬رئيس‭ ‬جهاز‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الخارجية‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬2011‭ ‬و2016،‭ ‬الانتقاد‭ ‬الأكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬إسرائيلي‭ ‬كبير‭ ‬سابق‭ ‬لممارسات‭ ‬حكومته‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بعد‭ ‬تصاعد‭ ‬حدّتها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحالي‭ ‬لبنيامين‭ ‬نتانياهو،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬الأكثر‭ ‬يمينية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭.‬

ورحّب‭ ‬المستشار‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أحمد‭ ‬الديك‭ ‬بتصريحات‭ ‬باردو،‭ ‬مشيرا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬مواقف‭ ‬مشابهة‭ ‬باتت‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬عدد‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬نأمل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬ذلك‭ ‬بداية‭ ‬صحوة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لدعم‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لإنهاء‭ ‬احتلالها‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.‬

وكانت‭ ‬منظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش،‭ ‬ومقرها‭ ‬نيويورك،‭ ‬انضمت‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2021‭ ‬الى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والاسرائيلية‭ ‬بقرارها‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬العنصري‮»‬‭ ‬لوصف‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬حيال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والمواطنين‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬2022،‭ ‬اتهمت‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬اسرائيل‭ ‬بارتكاب‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬العنصري‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومعاملتهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬عرقية‭ ‬أدنى‮»‬‭.‬

ورفضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬في‭ ‬حينه‭ ‬يائير‭ ‬لبيد‭ ‬التقرير،‭ ‬معتبرة‭ ‬أنه‭ ‬يستشهد‭ ‬بـ»أكاذيب‭ ‬تنشرها‭ ‬منظمات‭ ‬إرهابية‮»‬‭.‬

‭- ‬‮«‬معيبة‭ ‬وخاطئة‮»‬‭ -‬

برز‭ ‬باردو‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواقفه‭ ‬المعارضة‭ ‬لمشروع‭ ‬التعديلات‭ ‬القضائية‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬به‭ ‬نتانياهو‭.‬

وأثار‭ ‬المشروع‭ ‬احتجاجات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬وانتقادات‭ ‬في‭ ‬الخارج‭.‬

وتضاف‭ ‬تصريحات‭ ‬باردو‭ ‬الى‭ ‬تعليقات‭ ‬شبيهة‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬مسؤولون‭ ‬ودبلوماسيون‭ ‬إسرائيليون‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حذّروا‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬دولة‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬واصلت‭ ‬ممارساتها‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬باردو‭ ‬كان‭ ‬الأوضح‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬انتقاد‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬ووسمها‭ ‬بـ»الفصل‭ ‬العنصري‮»‬،‭ ‬واستتبع‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬حادة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي،‭ ‬وأيضا‭ ‬الهيكل‭ ‬الأمني‭ ‬والعسكري‭.‬

واعتبر‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬بزعامة‭ ‬نتانياهو،‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬باردو‭ ‬‮«‬معيبة‭ ‬وخاطئة‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬الحزب‭ ‬اليميني‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬إن‭ ‬‮«‬المستشفيات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تعالج‭ ‬اليهود‭ ‬والعرب،‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬بالطريقة‭ ‬ذاتها‭. ‬العرب‭ ‬واليهود‭ ‬يدرسون‭ ‬ويعملون‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهتهم،‭ ‬اعتبر‭ ‬مسؤولون‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬باردو‭ ‬تشكّل‭ ‬‮«‬تشويها‭ ‬للواقع‮»‬‭.‬

وأضافوا‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬مشترك‭ ‬إن‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬‮«‬التشهير‭ ‬بدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقواتها‭ ‬الأمنية‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬مواقف‭ ‬تستند‭ ‬حصرا‭ ‬الى‭ ‬‮«‬آراء‭ ‬سياسية‭ ‬شخصية‮»‬‭.‬

وخارج‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬التي‭ ‬ضمتها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يقيم‭ ‬نحو‭ ‬490‭ ‬ألف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬في‭ ‬مستوطنات‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬2‭,‬9‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭.‬

ويضم‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحكومي‭ ‬الحالي‭ ‬بزعامة‭ ‬نتانياهو،‭ ‬شخصيات‭ ‬وأحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬واليمين‭ ‬المتشدد‭ ‬تؤيد‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بالكامل‭ ‬ومواصلة‭ ‬سياسة‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬أراضيها‭.‬

وتنتقد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬التنقل‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬والتمييز‭ ‬الذي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬يتعرضون‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

وقبل‭ ‬نحو‭ ‬أسبوعين،‭ ‬أيّد‭ ‬نتانياهو‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬بعد‭ ‬مطالبته‭ ‬بحقوق‭ ‬أكبر‭ ‬لليهود‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭. ‬وقال‭ ‬الوزير‭ ‬للقناة‭ ‬12‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬حقّي،‭ ‬وكذلك‭ ‬حقّ‭ ‬زوجتي‭ ‬وأولادي،‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ (‬في‭ ‬الضفة‭)‬،‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬حركة‭ ‬العرب‮»‬‭.‬

والفصل‭ ‬العنصري‭ ‬أو‭ ‬الأبارتيد‭ (‬التطور‭ ‬المنفصل‭ ‬للأعراق‭ ‬باللغة‭ ‬الأفريكانية‭) ‬نظام‭ ‬كرّسه‭ ‬البيض‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬1948‭ ‬و1991‭. ‬وهيمنت‭ ‬الأقلية‭ ‬البيضاء‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬حتى‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬متعددة‭ ‬الأعراق‭ ‬العام‭ ‬1994‭ ‬فاز‭ ‬بها‭ ‬نلسون‭ ‬مانديلا‭ ‬الذي‭ ‬تزعيم‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭.‬

مشاركة