المكتبات المدرسية ومطبوعات عاصمة الثقافة

تلك الكتب

المكتبات المدرسية ومطبوعات عاصمة الثقافة

كانت المكتبات المدرسية من  المعالم البارزة والمهمة في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، اذ كان المعلمون والمدرسون يغذونها باستمرار بالمطبوعات  المختلفة، وكانت عوائل الطلبة والتلاميذ ترفدها بالكتب والمجلات، وكان الطلبة والتلاميذ  يقضون فيها اوقات فراغهم، ويستعيرون منها الكتب للقراءة، والمواد والموضوعات الانشائية، وكان الكتاب من الهدايا المفضلة  التي يتم بها مكافأة الطلبة والتلاميذ المجدين والمجتهدين،  وتعاني المكتبات المدرسية في هذه الايام اهمالا مستمرا، فقد نهبت محتويات  المدارس السابقة وتعرض بعضها للحرق والسرقة، ولم يتم تزويد اغلب الابنية المدرسية  الجديدة بكتب واصدارات  تتيح لها تكوين مكتبات معينة.

ولعل من الاسباب التي تقف وراء  عزوف الطلبة والتلاميذ عن القراءة  في هذه الايام انعدام وضعف المكتبات المدرسية حيث لم يعد الكتاب يرافق الطالب والتلميذ في مدرسته  ولم يعد المدرسون  والمعلمون يتخذون من الكتب والمجلات وسائل لتعزيز وزيادة المعلومات، وتحفيز الطلبة والتلاميذ على التنافس العلمي والثقافي، ان اغلب عمليات افراغ المدارس  من المكتبات ترجع الى ظروف الحرب، فقد نهبت هذه المكتبات   في هذه الظروف واتخذ بعضها حطبا لنيران تنانير صنع الخبز، وهناك من اقدم على سرقة الكتب والمجلات لبيعها باسعار زهيدة وقد شهدت تبعثر محتويات مكتبات بعض المدارس على ساحتها وحدائقها، وكانت تضم كتبا قيمة، وذات مكانة جيدة في الثقافة العربية.

ولكي تعالج  ظروف وتداعيات  الحرب فان من الضروري والمفيد معالجة ضعف الاقبال على الكتاب، وضعف الاهتمام به واستعادة صورة القارئ العراقي  الذي كان يعد من افضل القراء العرب واكثرهم عناية بالكتاب.

ويبدو ان من الممكن اعادة المكتبات المدرسية الى سابق عهدها، ولكن ذلك لا يقع على عاتق المدارس واداراتها، وانما هو عمل يتطلب جهدا تشترك فيه عدد من الوزارات المعنية بالشان الثقافي والتعليمي  والتربوي  مثل وزارة الثقافة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي اذ يمكن وضع خطة تشترك فيها هذه الوزارات لطبع واصدار كتب ملائمة  للطلبة والتلاميذ في جميع المراحل الدراسية، ويكون بعضها مكرسا للمكتبات  المدرسية، وبعضها يطرح للبيع  على الطلبة والتلاميذ، او يقدم  هدايا  للطلبة المتميزين والمجتهدين.

وقد توفرت فرصة لذلك في عام الاحتفاء ببغداد عاصمة للثقافة العربية 2013، اذ بادرت وزارة الثقافة  بكل دوائرها الى طبع واصدار مئات الكتب، وبادرت بعض الدوائر في وزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي الى اصدار كتب خاصة بالمناسبة، وقامت دوائر اخرى مثل بيت الحكمة وامانة بغداد ومحافظة بغداد باصدار مطبوعات  مكرسة للمناسبة، ولكن كل هذه الجهود لم تصل للمكتبات المدرسية، ولم تسهم  في رفدها باي مطبوع ، ولم تعالج احتياجاتها.

وفي الوقت الذي كانت فيه المكتبات  المدرسية  بامس واشد الحاجة الى مثل هذه الاصدارات  قامت وزارة الثقافة بتوزيع مطبوعاتها المكرسة للمناسبة على اية  جهة يقصدها المثقفون، سواء كانوا بحاجة ام عدم الحاجة اليها، ودون اي متابعة وتوثيق.

وليس عبثا ان توزع هذه الاصدارات على المؤسسات الثقافية  لتقوم بدورها بتوزيعها على اعضائها والعاملين فيها من المثقفين والباحثين، ولكن كان من المفيد والضروري  ان يتم توزيع قسم منها على مكتبات  المدارس او اعداد قسم منها ليكون خاصا بالمدارس والاحتياجات  الثقافية للطلبة والتلاميذ. ان حرمان  مكتبات المدارس من مطبوعات احتفالية  بغداد عاصمة للثقافة العربية  امر غير مبرر، ولاسيما ان هذه المطبـــوعات كانت باعداد كبيرة، ويمكن ان تغطي حاجة الكثير من المكتبات المدرسية، كما انها  طبعت باموال الدولة، ولعل الوقت مازال متاحا لان تقوم الجهات المعنية بالطبع  والاصدار بتجليد اعداد من الكتب وتوزيعها هدايا  على المكتبات المدرسية.

رزاق ابراهيم حسن

مشاركة