
المقامة القَطّية أو من قَطّنا ليس منا – منهل الهاشمي
كرار (كوكي) شاب ميسور.. بأمواله مسرور. جميل نبيل.. وسيم طويل. مؤدب مهذب.. انيق مرتب. محبوب طيوب.. لكنه غارق في الذنوب. كان يعشق البنات الشابات.. الحلوات الحاتات. ولأنه طيوب غير مهيوب.. اعتدن الحاتات ان يقطّنَّ كل ما في الجيوب, ولا يملك الا ان يبدو معهن حبّوب. في ليلة رأس السنة.. وقد تمرغل في الهنا, تعرف على حاتة جديدة.. صاكة شديدة.. جعلت ليلتهم حلوة مجيدة… وسعيدة ليلتنا.. سعيدة.. لكن قَطّتها كانت عتيدة. اخذت تقطه ذات اليمين وذات الشمال.. فما أبقت على حاله حال.. ولا على ماله مال. كانت مسرفة بشكل غير معقول.. دون ان تراعي الاصول والقبول. فما كانت به رحيمة… بل بقطّها فظيعة لئيمة. اعتادت على قطّ كل الفلوس.. من كوكي المتعوس المنحوس. مرة لشراء الرصيد… وأخرى لأجل العيدِ… والملبس الجديدِ. ولأن اعصابه ليست بحديد.. وارادته غارقة في الجليد, فقد كان يُقط عيني عينك مع سبق الإصرار والترصد… الامر الذي كاد يصيبه بالتوحد. ولطالما عانى من الجالي.. من ظلم الغواني الغوالي. فخاف الإفلاس.. ووجع الراس. وان يصبح حديقة.. بلا أموال او صديقة. وبما ان للصبر حدود.. والقَطّ كان غير محدود.. وهو امر غير محمود… ولا شاكر. وأخيرا فقد ثار العار.. ثورة الاحرار.. ضد الأشرار. معلنها صريحة مريحة.. فصيحة فضيحة. بأن زمن الخنوع والخضوع قد ولى… وان زمن القَط.. وأكل البط قد عدّى.
ذاقن الفتيات الاحزان.. والذل والهوان.. بلسعة الحرمان. فاجتمعن للخلاص من الورطة.. والبحث في قضية القَطّة. قالت احداهن.. وكانت احلاهن :
ـ ما بال كوكي.. وقد بدا مرتابا شكوكي ؟!!
ردت ثانية :
ـ ومالي أراه قد غدا.. مستكثرا علينا حتى الغدا.. بالأمس واليوم وغدا.. مشمّتا فينا العِدا.. فما عدا مما بدا ؟!!
عقبت ثالثة :
ـ اني لأشمُ رائحة كريهة… لمقطاطة جديدة سفيهة. تريد الانفراد بالولد.. وبفلوس الكبد. وتستحوذ على الأموال.. فدونها مصائب واهوال… هيا فلنعد المشانق والحبال !!. فاختلط القيل بالقال. حتى حسمتها خديجة.. بابلاغهم النتيجة :
ـ نحن الحاتات المجتمعات.. قررنا ما هو آت : كوكي مُلكنا.. ماله مالنا.. قدره قدرنا. ونحن له قاطات مستغلات.. رغما عن كل البنات.. ولو كلفنا ذلك العمر والحياة.
توعدته فتاة باذخة الجمال.. بالقّط هي عال العال :
ـ اوَ تظنك ستهنأ وترتاح ؟!!.. بل سنذيقنك مر العلقم والجراح.. وحين يدركنا الصباح.. فكل شيء لنا مباح.. فنعيدنَّ سيرة الافراح.. والليالي الملاح.. وتبا لكل الهموم والأتراح.. فصبرا جميلا يا كوكي يا سفاح !!.
وصلت مُر هذه الاخبار.. لكوكي الكيوت المحتار. كانت اخبارا حزينة.. مست شغاف قلبه الحنينة. فتوصل الى قرار.. ما له سوى الفرار. فرَّ كوكي الكيوت.. بعد ان باع الأملاك والبيوت. معلقا لافتة كبيرة.. فيها تذكرة خطيرة :
الى كل الحاتات الصاكات.. الحلوات المقطاطات. رفقا بي.. رفقا بنا… فمن قَطّنا ليس مِنا….. ولا مِنــاك !!!.



















