المغربية ميساء العلوي لـ(الزمان):الأغنية العراقية تراث جميل

حوار‭: ‬كاظم‭ ‬بهيّة

وهي‭ ‬تتحدث‭ ‬بصراحة‭ ‬وعفوية،‭ ‬أقرت‭ ‬الشابة‭ ‬المغربية‭ ‬ميساء‭ ‬العلوي‭ ‬بأنها‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬تصبو‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬طموحات،‭ ‬رغم‭ ‬خطواتها‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬درب‭ ‬الفن‭.‬

واعتبرت‭ ‬أن‭ ‬نجاحها‭ ‬الحقيقي‭ ‬سيتحقق‭ ‬عندما‭ ‬تبلغ‭ ‬بفن‭ ‬الغناء‭ ‬الأصيل‭ ‬أرقى‭ ‬مستوياته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعمل‭ ‬لأجله‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفارها،‭ ‬بتشجيع‭ ‬من‭ ‬والدتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬اكتشف‭ ‬موهبتها‭ ‬وآمن‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬تقول‭. ‬

وأكدت‭ ‬أنها‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬بصوتها‭ ‬في‭ ‬حفلات‭ ‬المدرسة‭ ‬والمناسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الدراسي،‭ ‬وهناك‭ ‬بدأت‭ ‬تتشكل‭ ‬ملامح‭ ‬حضورها‭ ‬الفني‭ ‬وشعبيتها‭ ‬بين‭ ‬زملائها،‭ ‬لتشق‭ ‬لاحقًا‭ ‬طريقها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الغناء‭ ‬بكل‭ ‬شغف‭ ‬وثقة‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬فنانة‭ ‬أثّرت‭ ‬بها‭ ‬هي‭ ‬كوكب‭ ‬الشرق‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬اليوم‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬أصوات‭ ‬مثل‭ ‬أصالة،‭ ‬وأحلام،‭ ‬وأنغام،‭ ‬وجورج‭ ‬وسوف،‭ ‬ووائل‭ ‬جسار،‭ ‬طربًا‭ ‬يلهمها،‭ ‬وتتابع‭ ‬إنتاجاتهم‭ ‬بشغف‭.‬

وحين‭ ‬سُئلت‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬انطلاقتها‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المغرب،‭ ‬أوضحت‭ ‬أنها‭ ‬اختارت‭ ‬مصر‭ ‬لأنها‭ “‬بلد‭ ‬الفن‭”‬،‭ ‬ومنبع‭ ‬العمالقة،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬كبار‭ ‬الفنانين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬بدأوا‭ ‬رحلتهم‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬المصرية‭.‬

وكشفت‭ ‬عن‭ ‬عشقها‭ ‬الخاص‭ ‬للأغنية‭ ‬العراقية،‭ ‬ووصفتها‭ ‬بأنها‭ “‬إضافة‭ ‬مهمة‭ ‬للفن‭ ‬العربي‭ ‬عمومًا‭”‬،‭ ‬لما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬ثقافي‭ ‬وجماليات‭ ‬لحنية‭ ‬وشعرية‭ ‬مميزة،‭ ‬وقالت‭: “‬أنا‭ ‬شخصيًا‭ ‬أعشق‭ ‬هذا‭ ‬اللون،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬مع‭ ‬شعراء‭ ‬وملحنين‭ ‬عراقيين؛‭ ‬لأن‭ ‬لهم‭ ‬قيمة‭ ‬فنية‭ ‬عالية‭ ‬وانتشارهم‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬حنكتهم‭ ‬وموهبتهم‭”.‬

وعن‭ ‬ظاهرة‭ ‬الأغاني‭ ‬السريعة،‭ ‬علّقت‭ ‬قائلة‭: “‬بصراحة،‭ ‬هناك‭ ‬أشياء‭ ‬لا‭ ‬أتفق‭ ‬معها‭.. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬السرعة‭ ‬تواكب‭ ‬العصر،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬الأصالة‭ ‬والطرب،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬الكلمات‭ ‬راقية‭ ‬ومعبرة‭”.‬

وبخصوص‭ ‬تقييمها‭ ‬لتجربتها‭ ‬الغنائية،‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬رضاها،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬شعرت‭ ‬خلالها‭ ‬بثقة‭ ‬ومسؤولية‭ ‬أكبر،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تلقت‭ ‬إشادات‭ ‬من‭ ‬أساتذة‭ ‬كبار‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬رأوا‭ ‬فيها‭ ‬فنانة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬الروح‭ ‬للفن‭ ‬الأصيل،‭ ‬وهي‭ ‬شهادة‭ ‬تفتخر‭ ‬بها‭ ‬وتحملها‭ ‬كرسالة‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭.‬

واختتمت‭ ‬ميساء‭ ‬حديثها‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يفرحها‭ ‬في‭ ‬تجربتها‭ ‬هو‭ ‬شعورها‭ ‬بأن‭ ‬الفريق‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬معه‭ ‬يقدّم‭ ‬مادة‭ ‬غنائية‭ ‬تمثل‭ ‬الطرب‭ ‬الأصيل،‭ ‬فيما‭ ‬يحزنها‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬كلمات‭ ‬ضعيفة‭ ‬وألحانًا‭ ‬هشة‭ ‬تُقدَّم‭ ‬كأغانٍ،‭ ‬ويستمتع‭ ‬بها‭ ‬الجمهور،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬الفن‭ ‬الحقيقي،‭ ‬في‭ ‬رأيها‭.‬

جاء‭ ‬حديث‭ ‬ميساء‭ ‬العلوي‭ ‬عفويًا‭ ‬وصادقًا،‭ ‬يحمل‭ ‬ملامح‭ ‬فنانة‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬المجد‭ ‬الفني‭ ‬لا‭ ‬يُختصر‭ ‬بالشهرة‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬بالتماهي‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬الطرب‭ ‬الأصيل‭.‬

‭ ‬وظهر‭ ‬واضحًا‭ ‬شغفها‭ ‬بالغناء‭ ‬العربي‭ ‬الراقي،‭ ‬وولعها‭ ‬بالمدارس‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬الغناء‭ ‬رسالة‭ ‬لا‭ ‬مجرد‭ ‬استعراض‭.‬

وما‭ ‬يميزها‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬المزج‭ ‬الجميل‭ ‬بين‭ ‬الأصالة‭ ‬والانفتاح،‭ ‬بين‭ ‬وفائها‭ ‬للفن‭ ‬المغربي‭ ‬وبين‭ ‬تقديرها‭ ‬لروائع‭ ‬الطرب‭ ‬المشرقي‭.‬

وهي‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الفن‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له،‭ ‬وأن‭ ‬الصوت‭ ‬الأصيل‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬الجغرافيا‭ ‬ليستقر‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬الناس‭.‬

ويبقى‭ ‬صوت‭ ‬ميساء‭ ‬العلوي‭ ‬وعدًا‭ ‬جديدًا،‭ ‬يحمل‭ ‬شذى‭ ‬المغرب‭ ‬ويبحث‭ ‬عن‭ ‬فسحته‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الطرب‭ ‬الكبير‭.‬

مشاركة